الوزير ورئيس المعارضة دريج الرجل الفلتة ، احد دعائم حكومة 56

شوقي بدري
يقوم الموتورون الحاقدون واهل الغرض بالهجوم على حكومة 56 . في الفترة الاخيرة ظهر فيديو للرجل العظيم أحمد ابراهيم دريج طيب الله ثراه وهو يقارع الحجة لجنة من الاوربيين وغير الاوربيين بذهن صافي ومعرفة جيدة بأللغة الانجليزية . قرأت قبل ايام لاحد اهل الغرض وهو يكتب أن اول مدرسة افتتحت في دارفور كانت بعد الحرب العالمية الثانية. هذا كذب !! …. تصور …. دريج مولود في 1935 في قرية كارقولو مركز زالنجي . درس الاولية في بداية الاربعينات قي الفاشر والوسطة في بخت الرضا التي اختيرت لانها في وسط السودان ولها طبيعة ريفية لتناسب الطلاب من كل انحاء السودان . في بخت الرضا لفترة درس الاميرخالد بن سعود وفهد بن سعود ..— ، وعين مباشرة بعد دراسته في جامعة الخرطوم وتخصص في الاقتصاد عين دريج مباشرة كسكرتير لوزير المالية الاول حماد توفيق الذي يمثل الوطني الاتحادي ، الذي يعادي حزب الامة الذي يمثله دريج!! كانت هنالك ثلاثة مدارس ثانوية في السودان استقبل فيها كل اهل السودان بدون تفرقة . سكنوا الداخليات استمتعوا باطيب طعام ناموا على احسن الاسرة . قام بتدريسهم خيرة المدرسين. تحصلوا على تذاكر ترجعهم الى اوطانهم وقد يشمل الترحيل الباخرة القطار العربات اوحتى سرك جمل لاكمال الرحلة الى المنزل . لم يكن يدفعون رسوما للدراسة . فقط الاقلية من اصحاب الدخل العالي الموثق امثال كبار الموظفين كبار التجار الخ كانوا يدفعون .
المدارس الثلاثة كانت حنتوب على ضفة النيل المواجهة لمدني.وادي سيدنا في ضاحية امدرمان خور طقت خارج الابيض . مجوع الطالب بعد الامتحان هو الوحيد الذي يسمح بدخول تلك المدارس . لا توجد واصطة أو تفضيل . الدخول الى جامعة الخرطوم يحدث بعد الحصول على شهادة نجاح عالية من جامعة كيمبريدج. نفس ورقة الامتحان التي توضع امام الطالب في خور طقت وادي سيدنا وحنتوب ،هى نفس الورقة التي توضع امام الطالب الانجليزي وفي استراليا ، كندا نايجيريا ، كينيا غانا ،وكل العالم . في السودان يختلف الحال باضافة الدين الاسلامي واللغة العربية . بعض السودانيين في حالات خاصة تحصلوا على شهادة اوكسفورد وبعضهم من منازلهم . كل خريجي الثانويات كانوا يحصلون على عمل بدون صعوبة ، خاصة خريجي التجارة ومدرسة كمبوني أو جوبا التجارية . خريجي الجامعة يتم استيعابهم عند تخرجهم مباشرة . دريج الذي درس الاقتصاد أبتعث الي جامعة ليستر للحصول على الماجستير . في حكومة 56 كان خريجي الجامعة يرسلون الى الخارج للحصول على شهادات عليا . القبول في السلك الدبلوماسي يخضع جميع المقدمين الى امتحانت في جامعة الخرطوم . وهذا يحدد القبول . لا توجد هنا وصاطاط او رشاوي من يصحح الاوراق لا يعرف اصلك ولا فصلك .
بعد فترة اضيفت مدرسة بورسودان ثم الفاشر . لم تكن هنالك مدرسة ثانويىة قي امدرمان سوى المدارس الاهلية التي لم تبنى بواسطة وزارة المعارف .منهامدرسة الاحفاد التي مسجلة مثل جامعة الاحفاد باسم الشعب السوداني . المدرسة الاهلية تمت بتبرعات اهل امدرمان وغيرهم . مدرسة الفلاح كان خلفها الدكتور عالم ام الريح العيدروس. مدرسة الفلاح في العرضة جنوب اضيفت الى مدرسة المؤتمر جنوب كوبري ابو عنجة في 1959.
تكونت مدارس ثانوية فيما بعد مثل الحرطوم الثانوية ،الانجيلية ،، مدرسة فاروق ،، . يجب ن لا ننسى جامعة القاهرة فرع الخرطوم قد خرجت الكثير من السودانيين والمصريين خاصة المظفين وقد ساعد أن الجامعة كانت تدرس في المساء.
الاخ المهندس محمد سمار ابن دارفور القح كان من استضاف دريج في منزله . قل لى قبل اسابيع كما يحدث كثيرا عند الكلام عن الرجل ،، الفلتة ،، دريج . محمد سمار اتصل بدريج فردت عليه زوجو دريس السيدة هانا ثقم واصلت الكلام معه باللغة الفوراوية . محمد سمار قال انها تكلمت الفوراوية خيرا منه .
من موضوع قديم
دريج ….. رجل اجبرنا أن نحبه ونحترمه .. بقلم: شوقي بدري
.
انتقل الى رحمة مولاه سوداني ضخم قدم الكثير للسودان يكفي انه اصغر وزير منتخب في السودان . طيب الله ثراه .
اسم دريج الذي طغي علي اسم الاستاذ احمد دريج هو تحريف لاسم ديريك البريطاني والذي كان مفتشا وصديقا لوالده . واظن ان دريج قد تأثر كثيرا بذلك البريطاني وبريطاني آخر هو باوستيد الذي عشق زالنجي . وعاش فيها عندما كان المتعلم السوداني ، يهرب الي المدينة عند اول فرصة .
لقد اثار دريج اعجابي . ولقد سبق ان كتبت عن ذكائه وترتيب افكاره . وفي المؤتمرات كان يستمع . وبدون ان يسجل كان يقف ويتناول عشرات النقاط بانجليزية سليمة. ويوافق علي بعض النقاط ويفند الآراء . وكأنه محامي يترافع في محكمة عليا .
الرائع ان دريج انسان متصالح مع نفسه . فله تواضع جم ، ليس نتاج تصنع . بل تواضع صادق .وله التصاق بالحياة السودانية لم يؤثر فيها تقلده لمناصب رفيعة او رغد عيش وثروة . ولقد عاش في الامارات واوربا لفترة طويلة . وكنت اراه يتواصل مع الجميع وابناء دارفور خاصة ببساطة وسماحة. وهو ليس بمن يطالب بالسكن الرائع . ولا يهتم بالاكل الفاخر . ولا يبني ابدا اسوارا بيته وبين من هم اصغر سنا ، او اقل تجربة .
في احدي المحاضرات التي شارك فيها مع الشفيع خضر . اختلفت معه بخصوص ما ذكره عن تاريخ يوم تكوين الحكومة الانتقالية التي سبقت الاستقلال . واتاني بعد المحاضرة بقامته الفارعة . وقال لي متصنعا الجد … انت مشكلتك شنوا . عاوز شكل ؟؟ لقد كتبت ان المشكلة مع دريج انه لا يترك لك فرصة الا ان تحبه وتحترمه . لسوء الحظ ، ان دريج عاش ليري دارفور التي كانت تفتقر حتي للمدارس المتوسطة مما جعله يذهب الي الوسط لكي يتعلم تتحطم ، ولم يسعد برؤية دارفور التي كان البريطاني باوستيد يتمني لها التطور .
الاستاذ شوقي ملاسي طيب الله ثراه ، كان يشيد بدريج ويقول … ود داخليتي وصاحبي . وكان رائعا في الرياضة . واذكر دريج يشيد بوزير المالية السوداني الاول العم حماد توفيق لانه عمل معه كسكرتير بعد تخرج دريج . وكان يشيد بنقاء العم حماد توفيق لانه اتي بعد سنين يبحث عن وظيفة في احدي شركات دريج . ودريج تأثر بهؤلاء الكبار وتلك الظروف ..
ارجو لدريج اقامة طيبة في وطنه . وعندما اقول دريج حافية ، فالغرض ليس التقليل من الشأن ولكن تحببا وتقربا . وبعض الاسماء تكون قصيرة ولا تحتاج لالقاب او مؤهلات . لان خلفها بشر كبار .
اقتباس ، من موضوع قديم
من الانجليز الاستعماريين الذين اضطهدونا و نهبونا كما يحلو لنا ان نقول ،الكولونيل هيو باوستيد قائد سلاح الحدود. خدم بعضهم السودان و احبوه اكثر منا . بوستيد وهب كل حياته للسودان . كان بطلا للملاكمه و مثل بريطانيه في سنه 1920 في الاولمبيات و تخرج من جامعة اوكسفورد، كتب كتابا اسمه رياح الصباح تطرق فيه لحياته في السودان . كان مفتشا لمدينة زالنجي لفتره تقارب العشرين سنه . و احب زالنجي لدرجة انه كان لا يطيق فراقها سوي في فترة الحرب العالميه عندما قاد سلاح الحدود الي اثيوبيا و ذكره الاستاذ محمد خير البدوي في كتابه مواقف و بطولات سودانيه و يقول ( لقد اهتم بالعمل في انشاء المدارس و تحقيق نظام قويم للعداله و كبح جماح الاداره الاهليه و الذين يجنحون الي البطش و ظلم رعاياهم . و عاش في شبه عزله من العالم . و كان يقضي الشهور يجوب المنطقه و يتعرف باحوالها و يساعد اهلها .
و كتب باوستد عندما كان مفتشا لزالنجي ( هناك قناعات قليله اكثر ارضاءا للمرء من قيامه بدور في مساعده بلد او شعب للسير قدما الي حياة يسودها الامن و السلام مع ازدهار الزراعه و التجاره في ظل حكومه نزيهه تحقق العداله و توفر العنايه الصحيه للمرضي و التعليم للشباب ) .
و كان باوستيد يجد المصاعب في اقناع الشباب النابغين من ابناء منطقة زالنجي بمواصلة الدراسه الي المراحل العليا . فبعد ان اكمل احمد نجل الشرتاي ابراهيم المرحله المتوسطه بتقارير ممتازه تقول بانه اذكي الطلبه علي الاطلاق . اراد باوستيد ان يواصل احمد الدراسه و يصير ابن عمه شرتاي و لكن احمد احتج احتجاجا شديدا و ادعي ان باوستيد يظلمه و يستهين به و كان رده ( سيأتي يوم تصبح وزيرا و تذكرني فيه ) و في شتاء 1966 بعد 19 عام زار باوستيد احمد ابراهيم وزير العمل في مكتبه في الخرطوم الذي كان اصغر وزير و صار زعيم المعارضه البرلمانيه ثم حاكم لاقليم دارفور . انه احمد ابراهيم دريج . و دريج هي تحريف لكلمة قريق المفتش الانجليزي في زالنجي الذي كان صديق والده.
باوستيد كان ابن نبلاء و والده يمتلك مزرعه ضخمه للشاي في سريلانكا و خاله كان السير موريس هانكي سكرتير مجلس الوزراء البريطاني . اي سوداني يترك اليوم الخرطوم ليعيش لعشرات السنين في زالنجي؟ .
مستر لانق الشخصيه الاسطوريه في السودان الذي كان ناظر مدرسة وادي سيدنا و هو ابن لوردات ، عمه لورد لانك و عمه الاخر اسقف انجلترا .
كان متواضعا ياكل مع الطلبه نفس الاكل و في نفس السفره و يسهر الليل و يجتهد مع الطلبه . و عندما تخرج المظاهرات صارخه ( هانق لانق ) اي اشنقوا لانق. كان يقف مبتسما في النافذه . كما كان يعتبر حاكما لمنطقة وادي سيدنا يتعبه البدو بمشاكلهم التي لا تنتهي ، و هو يتدخل في كل صغيره و كبيره .
هؤلاء مستعمرون ، اين نحن منهم . في السبعينات كان القنصل الثقافي في السفاره السودانيه في اثينا يونانيا من الذين نشؤوا في السودان . يمتلئ مكتبه بالطلبه و مشاكلهم و يجلسون علي مكتبه و يعرفهم بالاسم و يناديهم بي ( يا ولدي و يا بنتي ) و يذهب معهم الي الجامعات و المعاهد و يزعق و يتشاجر مع المسؤولين و يجد لهم اعمال اضافيه عند معارفه . ثم غيروه في منتصف السبعينات بسوداني . و قفل الباب و صارت المقابله بعد تلفون بين العاشره و الثانيه عشر ثلاثه ايام في الاسبوع .
برمبل كان مفتش امرمان . في السادسه و النصف صباحا يجتمع امام منزله المأمور و نائب المفتش و شيوخ الربع و الحاره و يطوف كل امدرمان . حتي الانادي و يتاكد من ان المريسه نضيفه و الجرار نضيفه . و اعطي رخصه لادم المكوجي شمال الجزر حتي يترك كل الجزارين ملابسهم و المرايل و لا يأخذوها معهم الي منازلهم كي لا تنتقل العدوه لاهلهم .
و الجزار الذي لا يغطي لحمته بملائه نظيفه كل يوم يعاقب او تسحب رخصته . و انتهت الملاريا في زمنه و الحمي الراجعه . و كانت امدرمان ترش بالماء و تزرع الاشجار لمقاومة مرض التهاب السحايا .
و في يوم تأخر نائبه بيلفورفقال له مستاءا ( يا خنزير الجحيم ، هنالك زراره مفتوحه في قميصك ) . فلم يتأخر بعدها ابدا . بيلفور خدم في كل السودان ، شماله و جنوبه و شرقه و غربه و وسطه . و عندما كان مفتشا في غرب السودان كان في صدام مع ناظر الهبانيه الغالي تاج الدين . و كتب في حكايات كانتربري السودانيه ان الغالي كان دائما في خلاف مع قومه لحدة طبعه و ميله لقبول الرشوه الا انه علي وجه العموم كان دافئ القلب . و كان بيلفور معجبا بالناظر ابراهيم موسي مادبو الذي كان يعامل بيلفور كابنه .
و صداقته للناظر ابراهيم موسي جعلته يزور الناظر بانتظام عندما حضر للعلاج بلندن في اخر ايامه و كان يناديه عادة ( هاي ! الولد داك الاسمو بيلي فور ) كما كان يناديه الغالي تاج الدين استخفافا . الطريقه التي يكتب بها امثال بيلفور عن حبهم للسودان و تفانيهم في خدمته و تنقلهم في مناطق كان العيش فيها يعتبر جحيما خاصة في العشرينات و الثلاثينات لانعدام الماء و الكهرباء و كل متطلبات الحياة البسيطه .
و الان يموت ثلاثه مليون شخص في السودان بسبب الحرب و المجاعه و غبائنا ، فلا بد ان العم الناظر ابراهيم موسي قد اطلق افضل تعليق عند مغادرة البريطانيين السودان ( ركبونا في لوري ، لا نور لا فرامل لا بوري !! ) .
عمنا ازرق في امدرمان كان عنده حزب يدعوا الي رجوع الانجليز . انا لا ادعوا الي رجوع الانجليز و لكن الي رجوع العقل . فان ما يحدث الان في دارفور يصعب تصديقه .
شوقي .