تقارير وحوارات
أخر الأخبار

الفنان يَحيي أدروب…الشَريف مَبسوط مني

بقلم/مُحمد عُكاشة 

الفنان يَحيَي أدروب الشَرقاوى الصَميمْ رجلٌ يَعشقُ التِسفارَ والسياحةَ في أقاليمِ السُودان وأقانيمهُ المُختلفة.

هو طاقةٌ هائلةٌ وحضورٌ مُدهش وهو يَقتربُ بثقافتهِ وفنهِ من كلِ الشرائحَ الاجتماعية والأشخاصَ علي إختلافِ مَشاربهِم الثقافية.

تُراثُ أهلِ السودان يَستبيهِ = أدروب = وهو يَمزِجُ البجِاويةَ مع الطمبور والدلوكة ويَطرب.

السيّدان مُسلم مُحمد عبد القيوم وجمال الطاهر ألفِا السيّرَ فى ثقةٍ واطمئنان عصرَ كلِ خميس عبرَ طريقٍ يَشقُ الجَزيرة المَرويةَ من جهةِ البُطانة الخَصيّبةَ عبرَ الأسفلت الجديد يَغُذّانِ السُري تلقاءَ مسيّدهِ شرقَ واد مدني الجميلةَ يُرافقُهمُا يَحيَي ليحَيا.. والمَحبةُ طَريقُ العارفين.

جمال ومسلم ينضوانِ عن نفسيّهمِا أثوابَ الحياةِ في المدينةِ بصَخبها وضَوضائهِا وأحَمالها الماديةَ الثقليةِ ويهيمانِ في بُحبوحةٍ من السِحرِ والجمالِ والهواءِ نقيّاً فى طلاقةٍ وحُبور.

المؤسسةُ الصُوفيةُ فى السودان عبرَ التاريخِ كانت مثالاً لتديّن الناس فى بساطةٍ ويُسرٍ وعُمق.

هي لا تتهمُ النيّات ولا تتلصصُ ما يعيبُ فى سرِ الناسِ ونجواهُم ولا تتقحَمُ مايَشين.

هُنالك يَجلسُ (الشريف ) في سماحتهِ يَستقبلُ أضَيافهُ بوجهٍ طليق.

السَماحةُ صفةٌ تَميّزَ بها السادةُ الصُوفيّين فى مُعاملاتهِم دونَ غِلظةٍ أوفظّاظةٍ ولذا التفَ حولهُمُ الناس.

الشَريف عبدالله مُحمّد الأمين ( وداللبييض ) فى مَسيدهِ السَاحرُ يخرُجُ إلي الناسِ من (النَباهِ الأول ) يستفسرُ أحوالهُم وينظرُ حاجاتهِم ويرفعُ يديّهِ بالدُعاء.

يدعو لهُم دعاءً عريضاً بسرِ اسمهِ الأعظمِ لتُقضي الحاجاتُ وبسِرِ الصلاةِ الأنسيةِ ويحضُ علي أن الثقةَ بربٍ عَظيمٍ عَظيمةٌ.

الاصدقاءُ الاعزاءُ مُسلم وجمال تَلاميذهُ النُجباءُ وخُلصائهِ يستمدونَ من طاقةِ أبيهم ويمشونَ بين الناسِ فى حالٍ من الإشراقِ والعِملِ والعِطاء.

هُما ومِثلهُم خلقٌ كثير يعرفونَ أن (الطريقَ ) هو بسطٌ للمحبةِ ونزعٌ لسخائمِ النفسِ الحَرون وافشاءٌ للسلام.

الشَريف عَبدالله وكذا أشياخُنا الصُوفيّون قَومٌ جعلوا بيُوتهم قِبلةً للقُصاد وطُلاب الحاجات وسَدنةٌ للذكرِ الحكيم.

ينُفقون سراً وعَلانية..وهُنالك يقفُ الشريفُ بنفسهِ على قِري الضيفِ فتلكَ الأماكنُ المُباركةُ تَعرفُ عظمةَ تقديمِ الطعامِ إلي بطنِ جائعٍ أو فكُ ضائقةُ مُحتاجٍ أو نُصرةُ مظلوم وهذا هو الدينُ القَيّم.

مِئاتُ التلاميذُ من جهاتِ السودان يتلقونَ العلومَ ويتكفلُ المسيدُ باعانتهم ومُؤؤنتهم وسكنهِم بما يَقيهم الحَرَ والبرد.

ثم..المسيد في السُودان عبرَ السنينَ ظلَ مُرشداً للناسِ وناشراً للعلومِ وبوتقةً تتوحدُ عندهُ الأمم من كل قبَيلٍ دونَ تمييزٍ أو عُدوان.

الخميسُ الماضي دَلفتُ إلي باحةِ مَسيدِ الشريفْ عبدالله وداللبيض وهَالني جمهرةُ الناسِ يتوسطُهم الرجلُ يقومُ بنفسهِ بتوزيعِ أقداحِ العصيدة الساخنة والجميعُ صِيامٌ يرقُبون رفعُ الآذان رجاءَ دعُائه والشريف عبُدالله رجلٌ تُرجي بركةُ دعاءِه.

صُورتُه = الشريف = تلمعُ في مُخيلتي وتعودُ بي إلي صورَ باهرةَ حيثُ تَستحثُني جَدتى (اليَسُر بت علي ) لنخطوَ من مسيّدِ وبيتِ جَدى الشيخُ الزيّن ود الفكي ابراهيم الفضللابى بحيّ العباسية غربُ لزيارةِ جَدى لأُمي الخليفةَ عبد الرحمن وديوسف مُقدم الشيخُ دفعُ الله الغرقان خُصوصاً أيامَ المَوالدِ والمُناسبات الدينية والحُوليات الراتبةُ حيثُ حِلقُ الذكرِ وأماديحُ الشُعراءُ ورنةُ الطارِ والنُوبةُ ترجَحِن.

الصورُ تتزاحمُ في طُفولةٍ شقيّة ثم هي تتكثفُ في زياراتٍ مُتصلة إلي والدنا الشيخُ الطيّب راجلُ أم مرح ثانيّ أيامِ عيد الفطرِ رفقةَ آبائيّ والمُريدين.

الحالُ هُنا وهُنالك لم يَتبدلُ قيدَ أنُملة.

إكرامُ الضيفِ وإطعامُ المسَاكين.. قَبولُ الناسِ جميعاً بلا استثناء.. تَجليّاتُ يُسرُ الدينِ وسَماحِته.. الحَضُ علي مَكارمِ الأخلاقِ والتواضعُ الجَم.

العِلمُ والمعرفةُ..وفي بابِ العلم هنا فانَ الشريف عبدالله ينهضُ ابنه ياسين بربطِ معرفتهِ الأكاديميةِ في الطبِ النفسي بالمعرفةِ الروحيّة والطبُ النبويّ من خلالِ دراساته العُليا مُستفيداً من مُشاهداتهِ ومُعايشتهِ لحالاتِ العِلاج النافعة في مسيّدِ أبيه.

لقاءُ (الشريف ) سانحةٌ لقضاءِ يومٍ بعيداً عن رهَقِ الحياةِ وزحمةِ الأشياء.

دعوةٌ للخروجِ عن المألوفِ ودخولٌ وهَاج فى حَضرةٍ عِرفانية وحالٍ شفيف من القُوةِ وما بالأرواحِ من جمالٍ يسمو بالوقتِ وبالحَياة.

 

 رحم الله الشريف وداللبييض

جُمعة مباركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى