داليا حافظ تكتب:-خطوة جريئة وسط إحباطات الدراما السودانية

بقلم/داليا حافظ
Dalia.h.haleem@gmail.com
Twitter: @daliahaleem
أهم مقومات العمل الناجح في رأيي الشخصي هو الحرص على متابعته رغم التحفظات والآراء الناقدة هنا وهناك، غير أن قياس نسبة المتابعة من مقومات الحكم على نجاح العمل أو فشله في وسائل الاعلام باعتبار أن الجمهور هو صاحب القول الفصل، عموماً وعللى طريقة “نفلق ونداوي”! من وجهة نظري أن مسلسل طسكة ضياع” الذي تم عرضه خلال شهر رمضان كان بمثابة الخطوة الجرئية وسط احباطات الدراما السودانية هذا أولاً، ثانياً لنبرهن على ذلك لنبدأ من أول السطر ونسأل أسئلة ثم نحاول الإجابة عليها..هل كانت قصة المسلسل (الورق) “حلو”؟ أحلى مافي “الورق” إنه ثري بالشخصيات وأوجه الحبكات وهذا جيد لكن للأسف لم يتم استغلالها بشكل جيد، وتم التعبير عنها بسطحية تقترب من المشاكل لكن على استحياء..، كما أن المسلسل استهلك الكثير من الخيوط واختار أن يطرحها بوعي أو بدونه في شكل رؤوس أقلام..والحقيقة أن كل قصة منها تصلح لعمل درامي منفرد ، وكمثال شخصية “دوكو” وما مرت به من أحداث والتي قامت بأدائها الشابة رؤى محمد نعيم.
و”الورق” بكل تأكيد كان سيكون أفضل لو فردت له ورشة لكتابة السناريو والحوار وأخذت من خلالها وجهات نظر متخصصة – المؤلف والمخرج هيثم الأمين رغم اجتهاده فقد أخذ على عاتقه مهمة الكتابة + الاخراج – ولكان قد تجنب الوقوع في فخ الهشاشة والكارثية..نعم الكارثية بدون مبالغة فمثلاً كان هناك مشهد يضم شابة وصديقتهاوهي تشتكي لها لمن انشغال والديها ووحدتها الشديدة فقالت: أ”نا شاعرة بوحدة شديدة، فاستفسرت صديقتها: وحدة كيف يعني؟، فأجابت: “مرض التوحد الواحد ده
“!!! (ولم تكن نكتة بايخة تسخر فيها من إضطراب التوحد بل كانت تخلط جادة بين الوحدة والتوحد)!
ثم نمضي لسؤال أخر هل المواضيع التي تم طرحها واقعية؟ المسلسل تجنب الوضع العام وبدأ كأنه منعزل جداً عما يحدث في السودان وكأننا في واقع افتراضي رغم الفرص المؤاتية للكلام عن الأوضاع السياسي حتى لو بإشارات خاصة من خلال طلاب الجامعة وما أكثرهم في المسلسل فحدث بذلك نوع من الهوة بين الجو العام والمواضيع المفترض انها واقعية مثل شريحة (أولاد الشوارع)، الخيانة الزوجية، التحرش في أماكن العمل، المخدرات، العنف الأسري، والأخيرة تحديداً تمت معالجتها بسطحية واستسهال، مروراً بعلاقة المال بالفن ..( التي كان أيضاً يمكن استغلالها بشكل جيد من خلال تجسيد أجواء الغناء وشكل حفلات الأعراس حالياً وكان ذلك من شانه أن يضفي أجواء وأبعاداً أكثر واقعية ومرحاً ومعاصرة) ..
ليطل سؤال أخر هل الطرح جديد؟ نعم جديد، لكنه محتشد بالتفاصيل غير مخدومة كتابة واخراجاً، ويشهد له أنه اقترب فعلاً من أمكان محظورة وجرئية لكن كما أسلفنا على استحياء ..
– هل اكتشفنا من خلاله وجوه بجي منها؟ نعم هاني كابوس (أبو الدبش) قام بدور رائع، الفنان أحمد الجقر كتجربة أولى يعتبر واعد جداً وثبت كذلك أن الكاميرا أحبته، روبي كانت ممتازة ، أوسو تلقائي.، رؤى محمد نعيم ومفاز ممتازات ( وهنا الخبرة والمعرفة لعبت دوراً واضحاً).
ماهي أبرز أخطاء العمل؟ الأخطاء البارزة موجودة في كل أوجه العمل إخراجية، أخطاء كاميرا وتصوير ( أسلوب التصوير .. الزووم إن واللقطات المتوسطة وحشد الكادر بتفاصيل مزعجة ) وأخطاء مونتاج والصوت لم يكن ممتاز دائماً، وكان هناك تكرار وفي بعض الاحيان حوارات غير مقنعة.
هل نجح العمل؟ العمل نجح بمقياس المشاهدة وبمقياس التعطش والفضول، ومعظم الكاست كان بإمكانه أفضل مما كان بشرط وجود رؤية إخراجية صارمة ومحكمة..( وصفة النجاح المجربة أبداً أن تمسك بخيوط كل التفاصيل وألاتعديها مهما صغرت) ..
ماهو المهم في هذه التجربة ؟ أهم ما في التجربة أنها أثبتت بما لايدع مجالاً للشك إن المشاهد السوداني جاهز جداً لاستقبال دراما بهوية سودانية خالصة تعبر عن مجتمعه وواقعه بصدق يلامس أوجاعه.