وقفة عيد الأضحى فى معتقلات الأمن وذاكرتى المثقوبة؟!

بقلم/الدكتور فخرالدين عوض حسن
فى عام 2007 والجميع يتهيب من شراء خراف الاضحية بسبب الحمى القلاعية التى انتشرت ايامها، كنا مشغولين بامر اخر وهى المحاكمات التى كان يواجهها استاذنا المناضل الراحل على محمود حسنين، فى ما اطلقوا عليه زورا وبهتانا المحاولة التخريبية.
والغريبة ان المتهم الاول فى القضية، مبارك الفاضل المهدى، قد تم اطلاق سراحه، بينما بقى المتهم رقم ١٧ وهو استاذنا على محمود فى المعتقل.
ذهبت يومها لمتابعة المحكمة، دعما ومناصرة لاستاذى، ورغم، انه قد تم تاجيل المحكمة، التف حولنا امنجية النظام بلباس مدنى داخل قاعة المحكمة، والقوا القبض على والشقيق د. شوقى عزمى وصحفية وصحفى شباب سرعان ما تم اطلاق سراحهما، وبقيت مع شوقى، حايمين بينا الامنجية فى سيرة من مكان الى اخر، وانتهت بنا فى نيابة امن الدولة بالخرطوم ٢ على مقربة من منزلى..وللغرابة ان اهل بيتنا كانوا يبحثوا عنى، ووجدوا سيارتى بقرب المحكمة، ولم يجدوا لى اثرا!
لاا ريد فى هذا البوست ان احكى كافة تفاصيل الاعتقال
ولكنى اريد ان اتوقف عند جهل الامنجية
الذين كانوا يتظاهرون بالعنف ضدنا امام قياداتهم
بينما يتسلل بعضهم الى مكانى
لتقديم اسئلتهم
بافتراض انى ” دكتور” واعيش فى انجلترا
وقد فسروا كلمة دكتور باننى “طبيب ”
ومن ثم جاء كل واحد فيهم يعرض مشكلته
كان السؤال الاول جماعى ..اى كلهم سالوا
لان امن صلاح قوش وقتها منح كل منتسبيه خراف اضاحى
رغم تحذير السلطات الصحية من انتشار مرض الحمى القلاعية..والنصح بعدم اكل اللحوم..
كانوا خايفين من اللحمة
وما خايفين من الله وهم” يلبسونا ” تهما
تصل عقوبتها للاعدام والمؤبد اقلها!
بعد الاجابة
غادروا جميعا
وبقى احدهم ..واقترب منى بشكل غريب
ليحكى لى معاناته مع العجز الجنسى..ويطلب النصيحة والعلاج
ويذهب وياتى اخر يشكو من عدم الانجاب
وثالث يشكو من الام المعدة
وهكذا اشتغلوا عيادة
ومفروض يكون “امنجية”
وعارفين انى زول متخصص ادارة جودة وحوكمة
وقد حاولت اقناعهم بانى ليس طبيب
بدون جدوى
كان الواحد يقعد جنبى بكل ادب وبطريقة مختلفة جدا عن طريقة الاعتقال ..
والاغرب ان قيادتهم اتفقت معهم لتحويل قضيتنا الى قضايا غريبة جدا ..واحكامها فظيعة جدا
اها واحد من المجموعة وقد كان ضابط صغير السن والعقل والرتبة ..كان اكثرهم الحاحا على عرض مشاكله الجسدية والنفسية..واصدقكم القول اننى نصحته من القلب ونسيت اعتقاله لنا ..
اها بعد نحو سنوات قليلة من ذلك الحدث
كنت فى بيت الاسرة الكبيرة
وذهبت لاداء صلاة الجمعة
وعندما انتهينا من اداء الصلاة
استوقفنى احدهما …وسلم على بحرارة
وسألنى: هل عرفتنى
اجبته بنعم
والحقيقة اننى دوما اشعر بالحرج فى ذلك المسجد
فقد خرجت من الوطن فى وقت مبكر
وعدت بعد سنين طويلة
وتلخبطت على الوجوه
وكبروا الصغار
واعتقدته احد ابناء الحى
ولكنى انتبهت الى انه يرتدى بنطلون وقميص
وفى جيب قميصه اقلام كثيرة اشكال والوان
ردد مرة اخرى: عرفتنى
اجبته بنعم وانا على يقين بانه ليس من الحى
قال مسترسلا: يا اخى انت غيرت حياتى وانا مدين ليك بالكثير ..انا جيت زيارة لابن عمى الباشمهندس …
والذى اسرع بدوره لتحيتى
وقد عرفت ابن عمه، تماما لانه مهندس المساحة المرتشى
الذى بهدلنى قبل ايام قليلة فى استلام قطعة اشتريتها من المزاد!
وافترقنا
وظللت اسال نفسى
من صاحب الاقلام
من هو ياولد فخرالدين
حتى وصلت لامى بت ادهم الله يعطيها الصحة والعافية
وهى حريصة ان تكون القهوة جاهزة بعد صلاة الجمعة ومعها بلح القنديلة وبخور التيمان
وناولنى بركة البخور
وانا افكر
وفجأة
ومع دخان البخور
تذكرته
انه الضابط الذى قاد اعتقالنا وحكى لى عن امراضه الجسدية والنفسية ..
وضحكت لحظتها
وتذكر حدث اخر كان قد ذهب مع ريح النسيان
ايام دراستى الجامعية
كان الاصدقاء والصديقات المقربين
يرددون باصرار بان ……
تحبنى
علما باننى لم ارى منها ابدا ما يؤكد او يخالف ذلك الامر
كانت عادية جدا
وقليلة الكلام معى
وكنت ارى بانهم يحاولون ان يخلقوا قصة حب من مافى
ليتسلوا به!
واحد اصدقائي يردد ياخى حرام عليك انت مافاضى من السياسة ..ساعة لقلبك وننوسة!
وانا اردعه: عيب عليك الكلام ده ..ما تجيب سيرة بت الناس
وبعد التخرج مباشرة
خرجت فى اغتراب مجبرا
وعدت بعد سنوات
وكنت على موعد مع احد الاصدقاء
فى مكانى المفضل الفندق الكبير بشارع النيل فى الخرطوم
وجلست انتظره
فلمحت فى تربيزة غير بعيدة عنى وجه عذب المحيا
بادلنى النظرات والابتسامة
ومن ثم انخرطت فى قراءة صحيفة ..وشئ ما يجذبنى ناحية صاحبة الابتسامة ..ولكن الحياء يمنعنى
فربما ان فى رفقتها زوجها واسرتها
وعندما وصل صاحبى وشربنا الليمون البارد كعادتى
وبعدها الشاى الانجليزى مع الكيك
طلبت الحساب
فاخبرنى الجرسون بان الحساب مدفوع
واشار الى صاحبة الوجه الملائكى
وبدورها اكتفت بالابتسامة
وتشجعت واتجهت اليها لشكرها
ومدت يدها الى
وهى تقول لرفقتها: فخرالدين كان دفعتنا فى الجامعة ..ولكنها نسانا
وحاولت الاعتذار بلباقة..
وخرجت الى موقف السيارات ووضعت المفتاح فى سيارة اتضح انها ليس سيارتى
وطول الطريق الى البيت
لم يفارقنى ذلك الوجه الصبوح
لدرجة اننى شغلت اغنية
عذبة انت كالطفولة كالاحلام
كالصباح الجديد …
طيب يا فخرالدين ..مين السمحة دى
وقريت معاها فى ياتو جامعة
فانا درست فى جامعتين فى نفس الوقت
والدراسات العليا برضو فى خمسة جامعات!
تعذبت كثيرا بدون جدوى
حتى خلدت بعد الغداء الى النوم
واستيقظت على رقم هاتفى يرن
من قبل زوجة خالى..
وبدلا ان ارد
خبطت راسى
ياه ياه ياه
فان اسمها يماثل اسم بنت خالى ..
العن ابو الزفت ذاتو
هى نفسها الكانوا الزملاء بشاغلونى بيها
وعدت مرة اخرى الى ايام اسكندرية ومحطة الرمل
وانا يومها اشتريت كل اشرطة عبدالحليم حافظ:
وجانى الرد
وجانى الرد
وقالت لى
ايوا
ايوا
ايوا انا بضحك لك يا اسمرانى
وهذا حدث قبل اكثر من ربع قرن من الزمان
ترى انت فين يا …
وماذا فعل الزمان بك
فخرالدين عوض حسن …
ويا درتنا Durra Gambo
هذا الكلام ايام الشباب
والخنفس والشارلستون
وعبدالحليم حافظ
وزى ما قال الخال عبدالرحمن الابنودى
والله زمان يا عبدالرحمن
والله وشبت ياعبدالرحمن
عجزت ياواد؟
موسرع..؟
ميتى وكيف ؟
عاد اللي يعجز في بلاده
غير اللي يعجز ضيف!!
هلكوك النسوان؟
شفتك مره بالتلفزيون
ومره وروني صورتك في الجورنال
قلت : كبر عبدالرحمن!
أمّـال أنا على كده
مت بقى لي ميت حول!!
والله أنا خايفة ياولدي القعدة تطول…..