التعليم وبناء السودان بعد الحرب

مأمون حاتم الفنوب يكتب:
تحدثنا في مقالات سابقة عن العناصر الأساسية لتحقيق الإزدهار الاإقتصادي وهي: الاهتمام بالتعليم ، والصحة ، والبنية التحتية ، وتهيئة المناخ الاملاءم للاستثمار. والثابت بعد انتهاء هذه الحرب اللعينة هو الحاجة إلى تعمير بلادنا ليصبح وضعها افضل مما كان عليه قبل الحرب مع الاخذ في الاعتبار اخطاء الماضي حتى نتجنب تكرارها.
في هذه السلسة من المقالات سنتحدث عن هذه العناصر الأربعة بشيء من التفصيل بداية بالتعليم الذي يعد الركيزة الأساسية لتحقيق الإزدهار الإقصتادي في أي مجتمع. حيث سنبدأ في هذا المقال والمقالات التي تليه بالمشاكل والعقبات التي تواجه التعليم في السودان ، على أن نتحدث في مقال لاحق عن الحلول المقترحة.
يمكن حصر أهم المشاكل في:
• الصراع وعدم الاستقرار السياسي:
شهد السودان عقودا من الحروب الأهلية والاضطرابات، خاصة في مناطق مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وجنوب السودان قبل انفصاله أدت إلى تعطيل التعليم في هذه المناطق حيث غالباً ما يتم تدمير المدارس أو تحويلها لاستخدامات عسكرية، كما يتعرض الطلاب والمعلمون للتهجير. كما عانى السودان منذ الاستقلال من عدم الاستقرار السياسي نتيجة للتغييرات المتكررة في الحكومة وعدم الاستقرار السياسي أدى إلى سياسات تعليمية غير مستقرة ، حيث تتأثر المناهج التعليمية بالتوجه والخلفية الفكرية للنظام السياسي مما يقلل من جودة التعليم نتيجة هذا التذبذب.
• القيود الاقتصادية:
تتمثل أهم القيود الإقتصادية في:
o الفقر: يعيش جزء كبير من السكان تحت خط الفقر، ولا تستطيع العديد من الأسر تحمل التكاليف المرتبطة بالتعليم، مثل الزي المدرسي والكتب المدرسية والمواصلات. كما لا توفر الدولة هذه المستلزمات بسبب شح الموارد الموجهة للتعليم وسوء إدارتها.
o نقص التمويل: قطاع التعليم في السودان يعاني من نقص حاد في التمويل، حيث تخصص الحكومة جزءًا صغيرًا فقط من ميزانية الدولة للتعليم. ونتيجة ذلك، تدهور البنية التحتية التعليمية ، ونقص المواد التعليمية، وتعرض المعلمين لتأخر أو تدني الأجو، مما يقود إلى هجرة المعلمين أو ترك جزء مقدر منهم للمجال التعليمي.
• نقص البنية التحتية التكنولوجية:
o مع التحول الرقمي السريع في التعليم على مستوى العالم، يشكل نقص البنية التحتية التكنولوجية في السودان عقبة كبيرة. حيث أن معظم المدارس تفتقر إلى أجهزة الكمبيوتر والوصول إلى الإنترنت والأدوات الرقمية الأخرى، مما يجعل من الصعب على الطلاب اكتساب المهارات التكنولوجية الأساسية أو الانخراط في أساليب التعلم الحديثة. أصبح هذا الفجوة أكثر وضوحًا خلال جائحة كوفيد-19، حيث كانت خيارات التعليم عبر الإنترنت شبه معدومة لغالبية الطلاب.
• التفاوتات التعليمية بين المناطق:
o نجد أن الخدمات والمرافق التعليمية في السودان موزعة بشكل غير متساوٍ، حيث تتمتع المناطق الحضرية مثل الخرطوم بمزيد من الموارد، ومدارس أفضل، ومعلمين أكثر كفاءة، في حين تواجه المناطق الريفية والمناطق المتضررة من النزاعات نقصًا في الخدمات الأساسية والمعلمين المدربين والمواد التعليمية. هذا التفاوت الحضري-الريفي يعمق الفجوة التعليمية.
• الفساد وسوء الإدارة:
o الفساد وسوء الإدارة في الحكومة والمؤسسات التعليمية يمكن أن يؤدي إلى سوء تخصيص الموارد المخصصة للمدارس. ينتج عن ذلك مرافق دون المستوى المطلوب، وتوزيع غير عادل للموارد، وصعوبة الوصول إلى الأموال التي يمكن استخدامها لتحسين التعليم.
• ارتفاع معدلات التسرب الدراسي:
o بسبب الضغوط الاقتصادية و العادات الإجتماعية ، يُجبر العديد من الأطفال، خاصة في المناطق الريفية، على ترك المدرسة مبكرًا لدعم أسرهم عن طريق العمل ، خاصة في المرحلة الثانوية، حيث يعجز العديد من الأطفال عن إكمال تعليمهم.
تعد هذه بعض العقبات التي تواجه العملية التعليمية في السودان ، سنتناول في المقال القادم مزيدا من العقبات والحلول المقترحة لمواجهة هذه العقبات.