عِندما رحلَ الطيّب صالح شَعرنا، نحنُ القطريين، برحيلِ أحدِ رمُوزِ ثقافتِنا

عِندما رحلَ الطيّب صالح شَعرنا، نحنُ القطريين، برحيلِ أحدِ رمُوزِ ثقافتِنا
بقلم/مُحمّد عُكاشة
في العَام 1980 مِيلادية تمت إعارةُ والدي إلي العاصمةِ القَطرية الدوحة (مُدرساُ ) بوزارةٍ التربيِة لأصَحبُهُ وأشقائيَّ مَسرورين.
دولةُ قطر تحتفظُ بمساحةٍ لأهلِ السُودان وتَحتفي بجَهدهم ونماذجهُم لبناءِ نهضتهِا.
كانَ للأديبِ العالمي الطيّب صالح حضورٌ لافتٌ هُنالك حيثُ عَملَ مُديراً لوزارةِ الإعلام القطرية عامُ 1976م حتي 1983م وفي ذا أقتطفُ فقراتٍ من كلمةٍ ضافية بخصُوصه :-
(..قال سعادةُ الدكتور حمد بن عبد العزيز الكَواري وزيرُ الثقافة والفنون والتراث:-
عِندما رحلَ الطيّب صالح شَعرنا، نحنُ القطريين، برحيلِ أحدِ رمُوزِ ثقافتِنا.
وتعبيراً عن عِرفاننا بدورهِ الثقافي في بلادنا أظهرتْ القيادةُ في دولةِ قطر، عند سَماعها نبأ وفاته، تأثّرها البالغِ إذ أوفدَ صاحبُ السمو الشيخ حَمد بن خليفة آل ثاني أميرُ دولة قطر وفدًا برئاسة نجِله الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني لنقلِ تعازي سمو الامير لأسرةِ الفقيد وقد أكدَ الشيخ جوعان وقَتها ما يشعرُ به جميع القطريين أنَ الأديب الراحل يتمتعُ بمكانةٍ كبيرةٍ في نفوس القطريين بصفةٍ عامة لما أسداهُ من خَدماتٍ جليلةٍ عظيمة لبلده الثاني قطر فَضلاً على مكانته الكبيرة التي نالها بوصفهِ أديبًا كبيرًا وضعَ بصمتَهُ علي خريطِة الأدبِ العالمي).
جاءَ ذلك خلالَ كلمته كضيفِ شرف في احتفالية جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي التي نظّمتها شركة (زين) يومي 18 و19 فبراير 2011م وأضاف:-
«.. نحنُ في قطر نقولُ بالصوتِ الجهيرِ والقوي: نعتزُ بأن الطيب صالح قَطري، فهو عِمل في الدوحة فترةً طويلة وعمل كقطري مُخلص وتقلَد أعلي الوظائفِ في الإعلام وأرسي قواعدهُ، وأيضًا ساهمَ مُساهمةً كبيرة جدًّا في إثراءِ الثقافة وتطُورها في قطر.
نحنُ دومًا عندما يأتي ذكرُ الطيّب صالح الروائي العالمي نشعرُ بالكثيرِ من الامتنان له ولبلدهِ السُودان ويمكُننا أن نجدَ تركيبةُ الجالية السودانية ممثلةً في الطيّب صالح كنموذجٍ للمساهمة في بناءِ قطر.
بهذا كلُه نحضرُ للخرطوم لنحتفي بالطيّب صالح بصفتهِ سودانيًّا وباعتبارهِ رمزًا ثقافيًّا عربيًّا وعالميًّا وبحضورهِ القوي في الحراكِ الثقافي في قطر.)..
انتهي..
والدي رَحمُه الله بجانبِ عمله مُدرساً للغة العربية كان يعملُ مُدققاُ لغُوياً بعددٍ من المجلات القطرية ويُفاخرُ بوجودِ الطيّب صالح بينهم ووالدي كان وطنياً قاطعاًو (سودانوي ) صِرف وهو ما حَدا به ليختارَ (سودانير ) وسيلةً للسفرِ ضمن تعاقُده مع وزارةِ التربية القطرية التي تُتيح خيارينِ الناقلُ الوطني أو الخُطوط القطرية حيثُ كانت (سودانير ) حِينها مما نعتزُ به وبإسطولها ومَواقيتها قبلَ أن تدهمنُا داهيةُ (تسعينيات) القرنِ الماضي وهي تستبدلُ (الكفاءة ) بأهلِ (الولاء ) في كل مِرفق مُستقر ومؤسسةٍ ناجحة ليشغلوننا بالرسُوم والأشكال فظنَ هؤلاء أنَ إطلاقُ إسم (البَراق ) الدابةُ التي ركبَها المُصطفي ليلةَ أُسريّ به والتي اشتُق إسمُها من البرقِ لسُرعته أو ( القصواء ) ناقتهُ التي كان يُفضلُها لنجابتها وقوةِ تحمُلها.
ظنَ هولاءِ بأن إطلاق أسماء إسلاميةَ علي طائراتٍ اوروبية الصُنع والمنشأ قُربي إلي الله ومحجةٌ إليه حتي كِدنا نتوهمُ بأن طراز الإيرباص 300 أو320 تم تصنيعُه ببطحاءِ مكةَ وسيتمُ إستيرادُ قِطعِ غيارها من شِعبِ أبي طالب.
تلكَ أيامٌ مُوحشةٌ سخرَ فيها رجلٌ ثملانُ ينتشي بسكرتهِ يصخبُ عند شارعِ بيته الذي تدلُ عليه لافتةٍ تحملُ اسم عمر بن عبد العزيز.
الرجلُ يشهقُ مُنتصف الليل شهقةً ندت حَزينة وهو يعرفُ أن بشارعِ الخليفةِ العادل أراملُ يَكدحنَ لأجلِ أيتامٍ غرثي ولا مُغيث لهنِ وبيوتٌ مُطفأةُ القناديلِ تستعففُ أن تسألَ ديوانُ الزكاة بالخُرطوم إلحافاً وسيّدنا عمُر بن عبدالعزيز يجتمعُ بعاملي الزكاةِ وهُم لا يجدونَ مُحتاجاً لمصرفٍ منها ليقول لهم:-
(إنثروا الحبَ علي سُفوحِ الجبالِ حتي لا يعبُرَ الطيرُ ببلادِ المسلمين وهو جائع )
الناقلُ الوطني يتراجعُ كثيراً ليخرجَ عن الخطِ بعدَ أن كان ملء السمعِ والبصرِ وذلك بسببٍ من سياساتٍ خاطئةٍ وإختباطٍ في الوهم وإداراتٍ تتناوبُ بغير إختصاص.
سودانير في كل الأحوال تحتاجُ إلي خطوةٍ جادةٍ لمُلاحقةِ الخُطي الوثابة ولمحاولاتٍ لا تستيأسُ للإقلاعِ مرةٍ أخري بجعل (الكفاءة ) مِعياراً لكادرها ولإستنفارِ الجهود لإستعادة دورها ومكانتهِا لا لتضُاهي (القطرية ) ولكن لتقومَ بتنشيطِ خطوطها التاريخية.