تقارير وحوارات

أسامة بن لادن..نظامُ الإنقاذ خليطٌ بين الجريمةِ والشريعة

 الصَديقُ الأستاذ مُحمَد عُكاشة تعرفتُ عَليهِ وقَلمهِ حينَ كانَ فارسُ الصَحافةِ الشابةِ صَحيفةُ (ظلال) مُنتصفُ تِسعينيّات القرنَ الماضي ثمَ هو مُحررٌ ثاقبُ الرؤيةِ مُتعددُ الرؤي ومُحاورٌ عَميقٌ ورجلٌ موهوبٌ ذو قَبولٍ لعطائِه المُتميزِ ولقُدراتِه المُبدعةُ لتتَخطفُه القنواتُ التلفزيونيةُ المُختلفةُ وقد ذاعَ صِيتهُ في قناةِ النيلِ الأزرق الفضائية في برنامج “مَساء جديد” وسهراتٍ توثيقيةُ مُنتجاً ومُعداً لحلقاتٍ نالت الاستحسانَ والمُشاهدةُ العَالية. مُحمَد عُكاشة قلمٌ سَلسٌ سيّالٌ بديعٌ ورائعُ وموهبةٌ إعلاميةٌ تجترحُ باقتدارٍ ماينفعُ الناسَ أني توجَهت ركائبُها.

اختيارهُ لي لأكتبَ تقدمةً لكتابهِ الرابع” مقالاتُ الإخوان المُسلمين واحوالُ السادةُ الصُوفييّن” والذي سوفُ يَصدرُ عن دار Writer Operation هو تقديرٌ منه أقابلهُ بما يستحقُ وامتداحُ الاصدقاءَ في هَكذا احوالُ يُوجبُ الصمتَ.

العَشريةُ الأولى لإنقلابِ 1989م كانت القَبضةُ الباطَشةُ تُطبقُ علي الإعلامِ برقابةٍ أمنيةٍ صَارمةٍ تُحصي وتنظرُ دبيبُ النملِ في الليلةِ الظلماءُ أو رائعةِ النهار تتَرصدُ أيُّ مُحاولةٍ إعلامية ضد الوضعَ المشؤمِ القابضِ يكادُ يَعُدُ الأنفاس.

التلفزيونُ قامَ يمنعُ بثُ الاغنياتُ البديعةُ وأطَبقَ “الاخوان المسلمين ” قَبضتُهم الحديديةُ علي رقابِ الناسِ ويبدأ اهلُ الفكر الظلاميّ المُعادي للحياةِ في سعيٍ حَثيثٍ دؤوبٍ لإخمادِ ألقِ الوطنِ وإفراغُ حياةِ السُودانيين من كلِ مُتعةٍ حلال وجَمالٍ مُباح .

يقفُ المرءُ علي الخَيبات الكُبري في هذا العهدِ الغَيهبُ من اعداماتٍ طالت خِيرةِ ضباط الجيش مُروراً بمُثلث حمدي البغيضِ وحِجوةُ البكور وحيلةُ التحللِ بعد نهبِ مالِ الشعبِ علاوةً علي إعدامِ الشرفاءُ بزعمِ حِيازةِ العُملاتِ الأجنبية حتي جريمةِ فصلِ الجنوبِ عن الشمال والحروبُ المَجانيةُ في دارفور والنيلِ الازرق وشرقِ السُودان إضافةً الي حَملاتِ الترويعِ للتجنيد الاجباري للشبابِ وقُوداً لحربٍ عبثيةٍ في جنوب السودان. إستخدامُ نظامِ الإنقاذ للقُوة يتصاعدُ منُذ مِقالةِ الثلاثين من يونيو 1989م بأن اذهب للقصرِ رئيسَاً وأنا للسَجن حَبيساً.

شُرطةُ النظام العامِ وتلكَ كانت ثافيةُ الأثافي لقهرِ المُواطنين الشُرفاءُ تتخصصُ في طُولِ وقِصرِ ملابسُ النساء وتسريحاتُ الشباب للشعر وحَملاتُ اعتقالاتٍ للمًعارضين السياسيّين شملت واحداً من أميزِ شُعراء بلادنا اعتقالاً واختِطافاً حتي هذهِ السَاعة وهو الأستاذ الشاعرُ ابوذّر الغِفاري.

في عهدِ الإنقاذ تمت مُصادرةُ جامعةُ القاهرة فرعَ الخُرطوم والريّ المِصري وحتي مسجدُ فاروق العتيقُ ونادي ناصر الثقافي والقائمةُ تطالُ مشروعُ الجَزيرةَ والسكةِ حديد وسُودانير وسُودان لاين والصناعاتُ السُودانية وحينَ سُئلَ ضيفهُم أسامة بن لادن بعد ان َطردوُه شرَ طِردةٍ قال عن نظام الإنقاذ بانهُ خليطٌ بين الجريمةِ والشريعة.

ثمَ الغدرُ بالمُستجيرِ الشهيرِ بُمناصرةِ القضايا الثورية والعربية والإسلامية كارلوس وبيعهِ لفرنسا بثمنٍ بخسْ.

سلسلةٌ مُتطاولة من الجرائم والفسادِ زكمتِ الاُنوفُ ثم قاموا إلي خِطابهُم المَمجوجُ للتوالي السياسي والنظامِ الخالف.

هذهِ الاصدارةُ للكاتب مُحمد عُكاشة استكمالٌ لما سَبقهَا من إصداراتٍ تتنقدُ بالتحليلِ الموضُوعي سنواتُ نظامِ الإنقاذ غيرَ أن عُكاشةُ أضافَ مقالات لأحوالِ الصُوفيّين في السُودان مُقاربةً لنهجِ أهلِ الطريقِ في المُجتمع ومُساهتهم في الإصلاحِ والدعوةِ إلي الله علي بصيرةٍ منهُ وهو يهدي السبيل.

مطرقادم محمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى