عُوقبت في الحزب الشيوعي بسبب بروفسور عبدالله علي ابراهيم

بقلم/محمدعكاشة
سُقيّاً لتلك الأيام وصديقنا الإعلامي المطبوع صلاح عثمان شعيب يملأُ أوقاتنا بالقراءة و(المثاقفة ) والشجن الأليم. صُحبةُ أمثال شعيب تثُري الحياة وتزدهيها كماالندي علي الطُلول.
صلاح شعيب يُديرحواراً صحافياً جامعاً مانعاً مع الدكتورعبدالله علي ابراهيم أولَ رجوعه من أمريكا التي أقام بها ردحاً من الزمان محاضراً بجامعة ميسوري ونحن لم نلتقيه كفاحاً من ذي قبل بيد أنه كان حاضراً في حوارات ومساجلات (الهوية ) وموضوعة (العبَاسة ) وأصول السودانيين.
في ذاك الوقت يدعوني الأستاذ الحاج وراق إلي ورقةٍ يُقدمها الرجل حول ذات القضايا بمقر جمعية التنوير الثقافية بحي العباسية.
وقتذاك كانت عبارات مثل التنوير كفيلةً بتفريق المنتديات بالغاز المسيل للدموع إن لم تدفعُ بالحاضرين إلي التحقيق.
مقر المنتدي كان عامراً بالمثقفين وثمتَ فتاةٍ وضيئةَ الملامح ساطعةَ الحضور تتقدُ عيناها ذكاءً وفطنةً هي من يقُدمها صديقنا الاستاذ وراق لتبتدرَالنقاش في موضوع هويتنا.
الفتاةُ قبل عشرين عاماً هي الاستاذة هادية حسب الله الناشطةُ الحقوقيةُ التي تملأ الساحات الآن بمساهماتها الفكرية وأنشطتها المُوجبة لصالح حقوق المرأة والطفل والتطلع نحو حياة أفضل.
الدكتور عبدالله علي ابراهيم يسَحرُنا مُذاك وقبل ذلك وحتي هذه اللحظة التي يجري فيها القلم.
مُنتصف التسعينات نجلسُ إلي الأستاذة سعادابراهيم أحمد نُحاورها لصحيفة (ظلال ) وسؤالٌ عن بعض الشخصيات.
سألناها عن عبدالله علي ابراهيم فأجابت انها بسببه عُوقبت في الحزب الشيوعي.
الاستاذة سعادكانت تقوم بتدوين وقائع اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي أيام الزعيم عبد الخالق محجوب وحين يجيء دور الدكتورعبدالله علي ابراهيم للحديث تضعُ القلمَ وتنُصتُ مذهولةً بأفكاره وطريقته بعرضها ولغته الفصيحة الجاذبة وتعجز عن التدوين في محاضر ومضابط الإجتماع.
الدكتورعبدالله بجمعية التنوير يقدم محاضرةً تستغرُقنا وتستحثُنا علي القراءات المُعمقة ومراجعة موضوع هويتنا (عرباً نحن بنيناها ونوبة ) أم الإنحياز إلي جماعة الغابة أوعرب الصحراء..
دكتورعبدالله ابتدر موضوعة (الهوية ) بحكاية هبوطه لأول مرة بأمريكا ليفحص بطاقة هويته للعبور أيمضي في صف (اليعاريب ) وهو صفٌ مُستتفه لكل الامريكان بالرغم من أنهم أقوامٌ بيض الوجوه الا أنه هو أفصحهم لساناً وأحفظهم لمواريث العرب وحروبهم وتواريخهم ومع ذلك يسأل نفسه هل يَعتدُ بأنه (أخدر الجلدة من بيت العرب ) أم يثبُت علي (عقائده ) التي أجلاها في حواراته مع الريفي وحريز والطيب محمد الطيب وغيرهم حول هوية (سودانوية) مائزةً بالانتماء إلي وطن إفريقي الموقع وعروبي اللسان والثقافات دون إنحيازات.
مُحاضرة د.عبدالله علي ابراهيم جاءت مطلع التسعينات والنظام أجنادهُ يحتربون في كل الجبهات لأجل سودان عُروبي اسلاموي إمتداداً لحملة حرمت السودان أن يكون أفضل الأفارقة بدلاً عن أن يحتبس في أدنى قائمة العرب وكان بمقدوره أن يصير جسراً فاعلاً بين أمة العرب وأمم افريقيا وكياناً ذا وضع ممتاز مثلما قال الكاتب العظيم الطيب صالح..
أختم بتعليق الصيدلاني الدكتور كباشي عبدالرحمن عمرمن مدينة القضارف حول ماسبق من مقالات:-
(احكي لك قصة منذ ١٩٨١ عندما ذهبنا الي رومانيا للدراسة وكنت مع زميلي ودخلنا المطبخ نجهز وحبة الغداء. وكنا نتجاذب اطراف الحديث وكان بجوارنا اثنان ذوو بشرة بيضاء وعندما سمعوا اننا نتحدث بالعربية. صاح احدهم ي زلمي ديل يتكلموا عربي وعندما تحدثنا معهم عرفنا انهم فلسطينيون ويحملون الجواز الاسرائيلي ودار بيننا نقاش حاد (لاننا كنا مشبعين بالعروبة وان السودان رمز من رموز العروبة وان اسرائيل هي العدو رقم واحد.) النقاش كاد ان يصل مرحلة الضرب ونحن نستنكر عليهم حمل الجواز الاسرائيلي أسوق هذا الكلام عن الهوية السودانية هل هي عربية (والعرب ما رضيانين بينا)ام أفريقية (ونحن نتعالي عليهم) وماذا فعلت لنا اسرائل حتي نُكن لها كل هذا العداء السافر ونتصدي لها نيابةً عن هؤلاء الذين يحملون جوازاتها وبعض الدول العربية كما ذكرت بها سفارات اسرائلية ولها مصالح مشتركة).
—————————-
صحيفة أخباراليوم-
الاربعاء7سبتمبر2016