تقارير وحوارات

لم اسأم من الحياة لكن يبدو أن جسدي تعب منها

صورة من الماضي

بقلم/طلحة جبريل

هذا الأسبوع كانت خواطري نهباً لمشاعر شتى.أحاسيس يختلط فيها القلق بالأسى والحزن، لأسباب خاصة.
في كثير من الأحيان أفضل أن أكتب.
تبدو لي الكتابة أفضل من الكلام. إذ الكتابة تعبر بدقة عن ما يمور في الدواخل ، وهي الحرص الشديد على وضع كل حرف وكلمة وجملة وفاصلة ونقطة في مكانها الصحيح.
في لحظات مشحونة بالانفعالات المتأرجحة بين التشاؤم والتفاؤل، قفزت صورة من صور الماضي. صورة ربما تبدو بعيدة عن السياق، لكنها قطعاً ليست كذلك.
يقول عبدالله العروي “عندما نتحدث عن تاريخ الوقائع التي عشناها، نحن نروي في الواقع بعض مشاعرنا في الحاضر لكن بلغة الماضي”.
شيء من هذا حدث.
إذ لفت نظري خبراً صغيراً، من الأخبار التي تتهاطل علينا كما المطر. خبر يتحدث عن إحياء مهرجان يحمل الممثل الهندي الراحل “شامي كابور”.
رحل كابور قبل أزيد من عقد عن سن تناهز 79 سنة. كانت آخر جملة قالها قبل أن يغمض عينيه”لم اسأم من الحياة لكن يبدو أن جسدي تعب منها”.
يعد كابور من أشهر الممثلين الذين ينتمون لجيله في السينما الهندية، ولاشك أنه من عمالقة هذه السينما.
مثل في أكثر من مائة فيلم وأطلق عليه معجبوه “الفيس بريسلي الهند” بسبب الرقصات التي أداها في تلك الافلام.
كان هناك فيلم يغني فيه “شامي كابور” ويرقص ويحب. ونحن نهتز معه طرباً وإيقاعاً وحباً.
كنا نعيش رومانسية حالمة، نحب ونعشق ونغني ونرقص طرباً.
المؤكد اننا شاهدنا ذلك الشريط مرات ومرات، وبعضنا حفظ أغانيه وإيقاعاته. كل منا ظن نفسه “شامي كابور”، وكل منا اعتقد أن حبيبة القلب هي “سبنا” عشيقة “كابور” في شريط “جانوار”.
كنا نعيش مع تلك الصور، والوقائع تلهب خيالنا وترجه رجاً. خاصة ان الممثلة الهندية بدت لنا في تلك الأمسيات صاعقة الحسن وزوبعة من الجمال والرقة، صاحبة انوثة متدفقة،يربد وجهها بكل المغريات.
أتذكر قبل سنوات نشر “معهد السينما الامريكية” ما اعتبرها أكثر العبارات شهرة التي قيلت في تاريخ السينما”.
بعد نشر تلك العبارات سئلت عن دلالات هذا الاختيار، وكان تعليقي ان الاحتفاء كان بالرومانسية. وهي الحالة الجميلة الرائعة التي نتمنى ان تكون حياتنا كلها تدور حولها.
حين سألت المذيعة عن عبارة ظلت عالقة بذهني من عبارات السينما. قفزت الى الذاكرة عبارة “سبنا” وهي تقول للبطل “شامي كابور” متلعثمة مضطربة بالإنجليزية “أنا أحبك “، وكان قصدها ان يتردد صدى تلك الجملة في أرجاء غابة فسيحة، بل لعلها رغبت في أن يبقى صدى تلك الجملة في اللامكان واللازمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى