ثقافة وفنون
أخر الأخبار

البنت تنجب الفارس..تمنيت لو ان لي مئة بنت افدي بهن القبائل

عز النساء في التاريخ السوداني ..

____________________

بقلم/الدكتور فضل الله أحمد عبدالله

لم تذكر المرأة بمنظورات العظمة والتقدير عند العظماء وصانعي الثورات مثلما تذكر عند القائد الفذ محمد احمد المهدي ، الذي قال :

” البنت تنجب الفارس … تمنيت لو ان لي مئة بنت افدي بهن القبائل ” .

فقد كان المهدي ينظر إلى المرأة نظرة تقدير وإجلال … وحسب مكي ابو قرجة :

” كان الإمام المهدي برا عطوفا علي النساء يحترمهن ويقدرهن ويمتلي خطابه بتوقيرهن والعمل علي حل مشاكلهن وكان يستبشر بميلاد البنات .

وقد تمني أن ينجب مئة من الفتيات ليصاهر القبائل ، وذلك في سعيه نحو صهر الأمة السودانية وتحقيق وحدتها الكبري ”

وعلي هذا الأساس ، برزت أسماء نسوية باهرة في الحياة العامة أيام المهدي ، وفي صدارة كتاب التاريخ :

” رابحة بنت مرعي الكنانية ” التي سارت علي قدميها ثلاثة أيام بلياليها فشقت الفيافي والغابات الموحشة حتي أبلغته بتحرك قوات العدو من فشودة لقتاله .

ومن الأسماء أيضاً ، ” الحاجة ست البنات أم سيف ” ،،،

والتي استشهدت في معارك حصار الخرطوم و ” خديجة بنت سوركتي ” .. ” وفاطمة بنت أم الحسن ” .

وكان الإمام الثائر محمد أحمد المهدي أكثر القادة في تاريخ السودان تأسيا واقتداءا بالرسول صلي الله عليه وسلم في تعامله مع النساء ..

” أكرموهن ، فما أكرمهن إلا كريم ، وما أهانهن إلا لئيم ” …

ومن مروءة أهل السودان ” عز الحريم وليان ” ..

” وطني الذي أهوى كتاب ملاحم كبرى تضيئ على الزمان وتبهر ”

وذلك قول المجذوب في تصويره للشخصية السودانية …

ولم تقف الأدبيات السودانية وحدها في إبراز خصوصية السوداني وتفرده ، حتى المستعمر نفسه ، وقف صعقا دهشا أمام المياسم المائزة للسوداني .

أنظر مثلا إلى شاعر الأمبراطورية البريطانية ” رود يارد كيبلنق ” في قوله :

” عبر البحار كم جالدنا الأعداء ،

بعضهم كان جسورا وبعضهم لم يكن كذلك

الباتان … الزولو … والبورميين

لكن الأشعث كان أعجبهم جميعا ” ..

والأشعث هذا إشارة إلى الأمير عثمان دقنة وجنوده في معركة التيب فبراير 1881م شرق السودان .

فنحن أكثر شعوب الأرض تجشما لمشقة الحياة وإحتفاءا بالعناء ، إذ قال الطيب صالح مثلا على لسان الراوي في ” دومة ود حامد ” :

” نحن قوم جلودنا تخينة ، ليست كجلود سائر الناس . لقد اعتدنا هذه الحياة الخشنة ، بل في الواقع نحبها ” ،،،

وهذه الصورة في الواقع أسهمت المرأة في تشكيله وصياغته ، فهي لا تحتفي بالرجل إلا في قوة شخصيته وقدرته في مغالبة الصعاب ، وجسارته ومروءته وكرمه ، فهو فارسها وحامي حماها ، الرجل هو من يغير عليها ، فالدياثة ليست من شيم الرجولة ، والدياثة طبع تأنفه حتى الحيونات جميعا باستنثاء ذكر الخنزير ، فهو الذكر الوحيد الذي لا يغار على أنثاه

السودانية تصوغ المعاني بلجاء وتروي بها الطفل الغرير .. تهدهده في المهد :

” متين يا علي تكبر تشيل حملي ،،

إياك علي الخلاك أبوي دخري ”

وتقول :

” ماك الفافنوس

ماك الغليد البوص ،،، ”

أو في قولها :

” ما دايرالك الميته أم رمادا شح

دايراك يوم لقا بدماك تتوشح ”

والرجل السوداني يجهد نفسه ليماثل تلك الصورة …

ويتغنى ويفاخر بصورته تلك ، كما ورد في شاعرية صلاح أحمد إبراهيم :

” شين ودشن

وهظاره خشن

الشعب الحر … الفعله بسر … آب لحما مر

ده أخو الواقفه تعشي الضيف

الحافظ ديمه حقوق الغير

سيد الماعون السالي السيف

الهدمه مترب وقلب نضيف ” ،،،

فالسوداني الأصيل لا يرضى عن نفسه دون أن ترضى عنه أخته ، وعزه وفخره في رضاها عنه ، وإعتزازه بإخته متلازمة من متلازماته بين الناس حتى يقول مفاخرا ” أنا أخوك يا فاطنة ”

فأكتماله لن يكون في المجتمع إلا بمفاخرته بأخته ..

بقوله في كل حين ” أنا أخوك يا السمحه ”

و ” أنا أخو السمحة ”

والسماحة في تصورهم هي النبل والحياء والفضيلة ..

فالأنثى حياء والحياء هي الأنثى عندهم ،

وكذا فضيلة المرأة في حياءها ،

فقلة الحياء رذيلة ومنقصة وعار وشنار ،

وبهذه الصورة خرجن السودانيات يقدمن النموذج الأعلى في مسار الإنسانية ،

طالبات للعلم وفي أرقى مؤسسات التعليم في الغرب الأروبي ، ومعلمات جليلات فاضلات

ومذيعات جلجلن بأصواتهن الأثير ندواة وطلاوة وتكسرا …

وأديبات وشاعرات ماجدات ، ما عرفن التباذئ في القول ،

حشومات وقورات ،

وتلك المعاني أنضجتها أغنياتنا ،

فسمعنا أبو عركي البخيت يغني :

” شفته التوب

بس التوب

ما لاقني أجمل منو

شفته التوب

وسيد التوب يكون كيفنو ”

وهكذا تمضي أدوار المرأة والرجل معا في تشكيل الشخصية الثقافية السودانية

تكاملا وليس تفاضلا ،

فابن من ترى يريد أن يسترخس هذه المعاني والفضائل ويطمس شخصيتنا الثقافية .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى