السُومانيّون.. نفس الملامح والشبه..والقدلة ذاته ومشيتو

بقلم/محمدعكاشة
الأدبُ كُلفتهُ باهظةٌ جداً وهو نتاجُ ( تربية ) مثلُ حجرِ ( المَسن) والذوقُ (منحةٌ ) توهبُ للمرءِ كما العطايا و( التواضع ) خُلةٌ تليقُ بأهل الإختصاص والمعني وصفةٌ تلُازم حُراس الروح وسلافةُ الفن.
وردتني رسالتهُ البديعة ترنُ علي ( الواتس ) فيخفقُ لها القلب.. زايده دقاتو.. ويطرب:-
(أستاذ محمد..
أسعدَ اللهُ أوقاتك بكلِ خير وعافية.
يُخيل إليّ أن لك مقالِ ممتع كنت قد أرسلتهُ في الوسائط تحكي فيه عن علاقتك بالشعراء عبد الله النجيب والراحل المقيم الاستاذ محجوب شريف وكان برفقتك صديقٌ لك صِحافي أيضاً أظنُ ذلك.
المقال تروي فيه طرائفَ وذكريات لطيفة من بينها ما تجدونه من عنتٍ ومواقفَ طريفة وأخرى مُزعجة في مهنة المتاعب.
أرجو إن كنتَ كاتبهُ أن ترسله لي على الواتس وإن لم تكن أنت فآسف جداً إن أخذت من وقتك راجياً العفو مع فائق التقدير والاحترام.
أخوك الفنان الطيب عبدالله)
ثُم…
أميرُ الشعراءُ أحمد شوقي بذّ أقرانهُ ينبغُ في الأدب والشعر والفلسفة بلا مُنازع.
النُقادُ يُرجعون تفوقهُ وذكائه المُتفرد لتلاقحِ الجينات الوراثيه في تكوين شخصيته فهو ثمرةُ أمشاجٍ من أصولٍ شتى.
السُودانيّون عبر التاريخ هم غرسُ أخلاطٍ من إثنيات عديدة ” نوبية تعربت وعُروبية تنوبت” علي الرُغم من زعمِ البعض يجعلُ الصلةَ العربية مبتديً ومنتهيً بدخول عبدالله بن أبي السرح فاتحاً بلاد الزنج فيزعمٕون نسباً إلى سيّدنا العباس بن عبدالمطلب طُراً بينما السودان أحَرى أن يكونَ امتداداً لممالكِ الحبشة والممالكُ علي النيل.
إثيوبيا أعراق متُجانسة بين شعوبها منذُ الهجرة الأولى وأعظم قبيلها هم ذوو الأصول اليمنية فضلاً عن أن للسُودان تداخلٌ أثني وثقافي وصلاتٍ موثوقة ممتدةٌ على الحدود مع إريتريا وإثيوبيا.
صَديقنا دكتور نزار غانم مُذّ كان طالباً بكلية الطب جامعة الخرطوم في السبعينيّات أخذَ يبحثُ عُمق العلاقات والوشائج بين السودان واليمن عبَر صك ( السومانية) يفترعهُ ويرصُد به التقاربَ في العادات والتقاليد والسمات يدلُ علي ” نفس الملامح والشبه ” و (القدلة ذاته.. ومشيتو) وفي سيرةِ وتجربة الفنان الطيب عبدالله.
علاقةُ السُودانيّون بأهل اليمن وحضرموت علاقاتٌ متصلة منذُ قديم وتناصرت بالمصاهرة والثقافة والتجارة ومكارمُ الأخلاق وبالمحبة وهي إذ تستنسخُ تقُدم مثالُ الذي أهدي المكتبة السودانية أعذبُ الألحان وهو في اغترابه يترجي :-
كل طائر مرتحل
عبر البحر
قاصد الاهل
حملتو أشواقي الدفيقة.
فالشاعرُ العظيم حسين بازرعه حين يُوثق له الأستاذ عمر الجزلي حلقات لتلفزيون السودان يبتدرُ بالقول:-
( ابعث بسلامي إلى السودان..إلى الأرض وما عليها) لتشملَ تحيتهُ البشرَ والحجرَ والدوابَ والشجر.
الفنان الطيب عبدالله تجربةٌ غنائية تميزت ضمَن تجارب الغناء الحديث حقبةَ السبعينيّات من القرن الماضي ولقد دأب علي تجويد أعماله بإختيار المفردات الأكثر جزالة والأعمق استثارة لأحوال (شجن ) السودانيين ولقد ضَمنها تراكيبُ لحنية وجُمل موسيقية جعلته في الصدارة.
الفنان الطيب عبدالله من الجيل الذي كان يستبقُ لتجويد أعماله وموسيقاه بالنقدِ والمراجعة كل حين.
الفنان الطيب عبدالله علي الرُغم من اغترابه الطويل إلا أنه ظل حفيطاً علي مواصلة الغناء وتوثيقِ تجربته وفنه وهو إذ يعودُ إلى وطنه ما انفك يبحثُ يؤكدُ علي تجربته رغم تبدلِ الأحوال في الساحة الفنية.
الفنان الكبير الطيب عبدالله وهو يستعد هذين اليومين للسفر إلى القاهرة لإجراء عملية إلا أنه ما يزال ينشغل بدور للفن في حياة الناس.
الفنان الطيب عبدالله يستحقُ تكريمِ لائق بتنسيق اتحاد الفنانين ودعم معجبيه مثلما يستحقُ بيتاً يستظلُ به من وعثاء الرحيل وهو الذي قد أشجي ساكني المليون ميل مُربع بجميلِ الأغنيات.