إعوجاج الزمان أو اعتلاله بين ” الحاردلو ” و ” وليم شكسبير ” و ” زياد بن أبي سفيان “

بقلم/د. فضل الله أحمد عبدالله
” عدل الوقت ” كما يقول شاعرنا الشعبي السوداني ‘ الحاردلو ” ..
هي أيام الضروع ملأى ،
والحقول مخضرة ،،،
والديار عامرة ،
والزمان يبتسم بوجه طفل ،
فالزمان عنده ” أعوج ” أو ” عدل ” إذ قال :
” كم شويم لهن وقتا عدال أيامي
شيخ الأتبراوي وماشي فيهو كلامي . ”
وفي شرح الأديب الطيب صالح للمقطع قال :
” ذلك أنه كان يسافر على جمله مسافات في طلب المحبوبة ، وكان شيخ عرب على القبائل على طول نهر أتبره – الأتبراوي – نافذ الكلمة .
وكان في مقتبل العمر . وفي ظني أن كلمة شويم التي تعني الترحال في أثر المحبوبة مشتقة من الشام .
كان الواحد منهم إذا سافر إلى الشام ، كما كانوا يفعلون ، يقولون إنه شويم .
فكأن السفر إلى ديار الحبيبة عندهم ، كالسفر إلى بلاد الشام ، غايته المن والسلوى . ”
والشام في الصورة الشعبية السودانية هي دائما موضع تيمن فوردت حتى في أغنيات السيرة عند الزفاف :
” يا عديله يا بيضا يا ملايكه سيري معاه
الليله شويم في وداعة الله “…
ذلك عن معنى ” عدل الوقت والمكان ” عند الحاردلو ،
ومن منظور آخر نجد وليم شكسبير يعالج قضية الزمان في شعره . أما ” عليل ” معافى أو ” مختل ” ،،،
وصور هذا على لسان ” هاملت ” في قوله :
” إن الزمن لفي أختلال ، ومنوط بي اعتداله ”
ويذهب شكسبير بنا في الدعوة بان كيف نعيش الزمان وندرك مركزنا فيه ،،،
وقال على لسان هاملت في المشهد التمثيلي :
” إن الغرض من التمثيل في الماضي ولا يزال في الحاضر .
أن يجلو المرآة للطبيعة
فيظهر الفضيلة على ملامحهها
ويطلع الحقارة على صورتها
ويجلو لأهل العصر عمرهم وجرمهم ، ظاهرهم وباطنهم …
ويقول شكسبير على لسان ” ماكبث ” :
” وهكذا ستمضي بنا الأيام حثيثا
تزحف بخطوات ثقيلة متباطئة
تحملنا من يوم إلى يوم حتى نهاية الزمن
وما كانت كل أيامنا الماضية سوى شموع على طريق العدم
تهدينا نحن الحمقى إلى تراب القبر ” ….
وقد رووا أن ” زياد بن أبي سفيان ” جلد رجلا ، وبعضهم ذهب إلى أنه ضرب عنقه لأنه سب الزمان . وقال :
” لا تسبوا الزمان . الزمان هو السلطان ” …
وقال الطيب صالح في تعليقه عن الحدث :
” وهذا وجه لم ينتبه له حماة الدول في أيامنا هذه ، فلم يعملوا قوانيين لمحاسبة الناس على سب الزمان ”
حقا الزمان سلطان .