ثقافة وفنون

سكير الاغنية السودانية (الشاعرحسين عثمان منصور)

 

أمير أحمد حمد

سكير الاغنية السودانية (الشاعرحسين عثمان منصور)سكر من غير مدام كاسها مترع بحكايات الغرام فكانت النشوة فكانت النشوة في قممها العذبه لم نره يجلس في الحانات ولا البارات ولكننا نهلنا معه وارتشفنا خمر هواه عبر الاثير حينما تجرعنا كاس مدها لنا عبقري الاغنية السودانية الكاشف

ذكرياتي كلها ذابت على وتر غناء
وكل أيامي على كفى بقايا من دموع وبكاء

أيها المعشوق رفقا في قلوب العاشقين
فأنا أهواك ولكن أنت لا تسألين
إن مولاك وربى لا يذل الساجدين
فأرحمى قلبا عشوقا من حديث الشامتين

أقبلت فرحانة كالظبي الطروب
هذه الخطو على دم الغروب
ورأتني أعبد البدر البدر على لحن الغروب
فغارت ثم مالت وأفلتت
وهتاف القلب مهلا ثم مهلا يا غضوب

أنتي لحن يا حياتي عبقري من فؤادي
عزفتك يد الإله
فكنت إنجيل صلاتي وفراديس الحياة
يا سقاتي يا ندامة
يا سقاتي انسوا كأسى يا ندامة أنسوا أمسى
والمنى يهدم ويأسى
هي صلواتي وهمسي إن ذكراها حياة
لم نفق من كاس الكاشف حتي ازداد السكر بكاس اخر ارتشفناه من حانه سيد خليفة وماركة شاعرنا السكير العربيد بجميل الكلمات حفها الحبب عندما سكبها من روحه وانداحت بسلاسة النغم الشجي النقي

أغنيات فى شفاه الحب غنّاها الجمال
والمنى يا روح قلبى ليس يفنيه الدلال

*****
أغرقتنى بين أمواج المنى
والمنى شطّ على بحر الغرام
وسقتنى خمر أعناب الهنا
والهنا كأس وهمس وإنسجام
علمتنى كيف أنسى من أنا
وأنا لفظ حرام فى الهيام

****
يا سقاة الكأس من عهد الرشيد
ما لكاسى ظامئا أبدا وحيد
ونديمى!!
قد سرى نجما مع الأفق البعيد
حطم الكأس وولى
وانطفأ نجم تلألأ
وغدت
تبكى على شفتيّ أصداء النشيد
ليل وخمر وشفاه
هنّ للقلب لظاه
هنّ إكسير الحياة

****
شعرها ليل تموّج
صدرها الوثّاب هودج
شفة عطشى .. وأخرى هى كأس
خمرها نار وجمرة
ليتنى لو ذقتها فى العمر مرة
نشهد علي انفسنا اننا اصبحنا مدمني خمر الجمال والغرام والهيام ادمان عاقبته ليس جلدا علي الظهور وانما
ينعش الروح ويحلق بها في ازمان ودهور كان كان العشق فيها عذري
ياسقاة الكاس من عهد الرشيد مالكاسي ظامئا ابدا وحيد
سوال يكاد يفضح حاله ووحدته ببعد الحبيب عنه ويتخذ الكاس و ندامي الكاس يبثهما نجواه شكواه
والناظر الي شعره يجد الكثير من تلك العبارات التي اشرنا اليها مع ذكر الفاظ تتصل بالدين كالاله والسجود والمعبد والاجراس والصلاة حتي سمي ديوانه باجراس المعبد وهو اسم مقتبس من الاغنية الجهيرة السيرة والتي تغني بها صاحب الحنجرة الذهبية ابوداود وواضع لحنها صاحب الريشه الخفيه برعي محمد دفع الله
ودقت الاجراس في معبد الحب ونادت نادت الافراح
ورقصت خمرة الاحباب في الكاس وراحت تسكر الارواح
غني يا فرحتي الكبري
ولتغني في الليالي حبنا
الي نهاية الاغنية الرائعة
ولعل شاعرنا قد تاثرا كثيرا بالشاعر التونسي ابو القاسم الشابي للدرجة التي جعلته يعكس اعجابه في اطلاق اسم نجله الاكبر بالشابي وابنته عذبه التي وردت في قصيدة( صلوات في هيكل الحب)التي تغني بها الفنان حسن سليمان الهاوي الذي يعتبر اول من تغني بكلمات الشاعر حسين عثمان منصور وهي اغنية (الملاك الساكن) وكلمة عذبه كما ذكرنا وردت في المقطع
عذبة انت كالطفولة كاحلام
وكذلك حينما اصدر الشاعر اول مجلة تهتم بالفنون في السودان عام ١٩٥٦اطلق عليها اسم (الصباح الجديد )وهي عنوان لاحدي قصائد الشابي
وجدير بنا ان نشير بان هذه المجلة قد احدثت حراكا كبيرا في المجال الفني والنقد فقد كان شاعرنا عنيفا في نقده لعدد من الفنانين والشعراء واذكاء نار الجفوة بين الشعراء والفنانين كجفوة الفنان ابراهيم عوض وعبدالرحمن الريح وكذلك نقده اللاذع للفنان محمد وردي ونقده لعثمان حسين وشاعره حسين بازرعه عندما قدم عثمان حسين اول اغنياته لبازرعه واردفها بالوكر المهجور عندها انبري حسين عثمان منصور وهاجم تلك الاغنيات بانها تدعو للتفسخ والفجور وطعن في شاعريه بازرعه حينما اتهمه بانه يسرق افكار شاعر لبناني واطلق عليه اسم (حسين باسرقة )والغريب بعد هذا النقد والهجوم غني ابراهيم عوض من كلمات حسين عثمان منصور اغنية (شهرالعسل )المشهورة ب لو قلت ليك كذلك غني له عثمان حسين اغنية( وحياة عيون الصيد)
ولكن للاسف توقف صدور هذه المجلة في ثورة مايو
وشاعرنا تغني بكلماته مجموعة من رواد الاغنية السودانية ولعل اكثرهم حسن عطية حيث غني له اكثر من عشر اغنيات والكاشف وعائشة الفلاتية وعثمان حسين وسيد خليفة ولاننسي كذلك ابناء حيه حسن سليمان الهاوي ومحمد حسنين وابراهيم عوض وابوداود واحمد المصطفي والفنان حسن درار وصلاح محمد عيسي وغيرهم
ولعل البيئة والبيت الذي نشا فيه شاعرنا ساعده علي هذا الابداع حيث مولد في الخرطوم القدبمة في النصف الثاني من عشرينيات القرن الماضي (١٩٢٦)وقد نشات في تلك المنطقة عدد من الاسر الاجنبية المتعددة الثقافات وكان منزلهم يعج بالزوار حيث كان والده عمدة الخرطوم (عثمان منصور )وعاش شاعرنا بين عصبة من الاخوان عددهم ثلاثون من البنين والبنات من زوجات خمس لم يكن اكبرهم ولا اصغرهم بل كان وسطهم فاستفاد منهم كثيرا وكعهد ابناء ذلك الزمان التحق حسين منصور بالخلوة ودرس الكتاب في مدرسة الخرطوم شرق التي اسست في العهد التركي عام ١٨٥٠في عهد عباس باشا حلمي وكان اول ناظر لها المدرس المصري المشهور رفاعه رافع الطهطاوي الذي نظم قصيدة اساء فيها للشعب السوداني عندما غادر الي مصر واول ناظر لها من السودانيين شاعرنا احمد محمد صالح شاعر العلم كما درس المرحلة الثانوية بمصر وبعدها التحق بكلية القانون بجامعة الاسكندرية عام ١٩٤٨ولكن لم يكمل دراسته فيها لممارسته السياسة وخروجه في مظاهرات ضد الحكومة المصرية فقد كان شاعرا ممارسا للسياسة من اوسع ابوابها وكتب فيها الكثير وتنقل بين عدد من الاحزاب السياسة منها الاشقاء والوطني الاتحادي
نسال الله ان يرحم ويغفر لشاعرنا حسين عثمان منصور فهو من الشعراء الذين لن ينالوا حظا من الاعلام فضاع ذكره في الجيل الحالي الحالي رغم انه وثق كثيرا لاهل الفن عبر الاذاعة السودانية التي قدم فيها برنامجا نسبه لاهل الفن (مع اهل الفن) أميراحمد حمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى