جئنا رحابك يا حسين
بقلم/محمدعكاشة
______
السودانيون حين يفدون (مصر) يسبغون الوضوء للصلاة عند مقام الإمام الحسين وصدورهم تغلى كالمرجل وهم ينشدون مع فاروق جويدة:-
جئنا رحابك يا حسين
جئنا لنسأل ربنا
لم قد كتبت الحب يا ربي..؟!
إذا كان الفراق يصيح دوماً بيننا؟!
ما عاد في الدنيا مكان يجمع الأشلاء
ويمنحنا الأمان أو المنى
جئنا إليك لنشتكي
هل نشتكي أقدارنا؟
…
صديقنا (العباس) سليمان مدير التصوير بتلفزيون السودان يزور مصر يستشفي بالعقاقير والطب البديل وبمحبة (آل بيت) رسول الله.
السودانيون يتطربهم اسم ( العباس) وهو ذات الاسم الذي هز يزيد بن معاوية هزاً وزلزل كيانه زلزالاً.
يزيد بن معاوية جاءه أجناده بعد (ملحمة) يوم عاشوراء برؤوس سيدنا الحسين وإخوانه وفرسانه مجذوذة في طست ثم هو ينظر رأساً في سلة معلقة في عنق جواد وهذي كانت عادة العرب حين يجهزون على فارس لم ينهزم قط كناية عن الإفتخار بقتله.
وقف يزيد بن معاوية مبهوراً مذعوراً أمام (الرأس) الذي كان يشع بالهيبة والنور والجمال ليسأل من صاحب هذا الرأس؟! يجيبه الجند هذا هو العباس بن علي بن أبي طالب قائد لواء جند شقيقه الحسين.
التفت يزيد مرتبكاً إلى قادته الكذابون الخراصون ويسألهم.. كيف كان القتال؟!
ينبري للإجابة الشمر بن ذي الجوشن الذي قام بقطع رأس الإمام الحسين بعد استشهاده ليقول..”كان القتال مثل شربة ماء” ثم ليردف خولي بن يزيد الأصبحي يكذب بالقول..بل لقد كان “مثل لقمة طعام” ويزيد بن معاوية يعرف أنهم يكذبون ويتحرون الكذب ليلتفت إلى فارس كان يهز رأسه أثناءه معترضاً إفادات هؤلاء ليسائله يزيد ذات السؤال.
الرجل يسجل شهادة للتاريخ لتخلد في سفر البطولة والمجد :-
(والله..لقد برز لنا قوم مرغوا الأرض بدمائنا..وأشار إلى رأس العباس بن علي وقال..ولما برز لنا صاحب هذا الرأس فررنا بين يديه كالجراد وكنا مابين هارب ومقتول.
لقد وقف في الميدان ودعا خيرة أبطالنا للمواجهة فلم يسلم منه أحد.
ثم توجه الى النهر وكشف الكتائب وهزم الفرسان ولم يثبت له أحد حتى ملك الفرات بسيفه وملأ القربة.
فقاطعه يزيد سائلاً : وكيف قتل؟!
فأجابه الفارس وقد طاطأ راسه ألى الأرض..
لقدقتل غدراً.
لقد أطلقنا عليه آلآف السهام فلم يرتدع..
وأحاط به الجيش بين ضرب السيوف وطعن الرماح ورشق النبال والحجارة فلم ينكسر..
ولم نتمكن من القربه حتى قطعنا كفيه غدراً..)
حينها خرج يزيد بن معاوية عن ملكه وشعوره ليأمر بإحضار لواء(ابي الفضل)العباس بن علي وهو ذاته لواء أبيه (على الكرار) الذي قاتل به مع النبي في بضع وثمانين غزوة.
أتوه =يزيد= باللواء يحمله اثنان من الجند وهم يتمايلان من ثقله ثم ينظر إليه وقد هاله مارأي من الضرب بالسيوف والرماح والنبال وقد ملأته الندوب إلا موضع صغير بقى سالماً وقد طبعت على مقبضه الحديدي قبضة العباس وهو ميت ولم يفلته من يده.
هنا نهض يزيد بن معاوية من سكرة لافواق لها لتجري مقالته بين الناس تسير مع الركبان شاخصة عبر التاريخ :-
(أبيت اللعن ياعباس..هكذا يحمل اللواء وإلا فلا..)
…
صديقنا عباس سليمان يزور مصر ومامن موضع بجسده إلا ويؤلمه سوى مقبض يده من جهة قلبه الغض الذي يخفق لصور بطولة العباس بن علي بن أبي طالب لتزول عنه بها إلى أعداءه الألم.