أعمدة

داؤود يحيى بولاد..الدم أثقل من الدين في الحركة الإسلامية؟!

 

بقلم/محمدعكاشة

31st مارس 2021

الرجل كان كادراً تنظيمياً ذا اختصاص في حركة الإتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم تسبقه سيرة تفوق أكاديمي وحالة (تدين) تميزبها بين قرنائه فهو يستظهر القرآن الكريم ويلتزم بيعته لإمام الحركة الإسلامية والطاعة له في المنشط والمكره بلا إمتراء ولقد كان من المقربين.
تشارك الرجل (إخوانه) إنقلاب الإنقاذ علي الديمقراطية طماحاً إلى دولة خلافة راشدة تعدل في الأرض وتقسط في حق أهله بدارفور تغيث غرثاهم وتروي العطشي وتكفكف من جموح وغلواء التهميش السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
خرج داؤود يحيى بولاد بداية حكم الإنقاذ إلى مضارب أهله وحملة محمومة للحرب في الجنوب تزعم التفريق بين الكفر والإسلام وتحض الشباب علي دخول الجنة بل كانت حرباً عبثية لا قيمة لها ولقد قال مثل ذلك بعد مفاصلة الإسلاميين الدكتور حسن الترابي ذاته..شيخ بولاد.
ثم.. داؤود يحيى وقبل تثبيته دعائم دولته الجديدة ليجني قطاف حلمه الذي أنفق لأجله سني حياته قام يقود حرباً مماثلة ضد مشروعه الاسلاموي يكشف ثغرة بغرب السودان ليتحد موقفه مع حركة الدكتور جون قرنق لرفع غائلة (التهميش) عن أهله مع الفارق بأن الأخير = قرنق = يرنو نحو سودان جديد موحد تكون المواطنة فيه أساساً معيارياً للحقوق والواجبات وأن يقتسم السودانيون جميعهم السلطة والثروة علي نحوعادل يتكافؤنه بالعمل والعدل والمساواة.
داؤود بولاد في حركته الثائرة يبحث تنسيق المواقف والدعم اللوجستي يلتقي د.جون وقتها ليسأله عن مواقفه والتزامه الإسلامي الذي يحرم خروجه عن بيعته؟! بولاد يجيب بعبارة ملهمة:-
(.. اكتشفت أن الدم أثقل من الدين في الحركة الإسلامية ) وفيما معناه من جهة ثانية أن أهله وما يتعرضون له من قتل وتشريد أعظم وشيجة من بيعة دينية منقوصة لا كفاء لها.
ثم هو يمضي كفاحاً يذب عن أهله المهالك ومظالم الحكام.
قضى بولاد غيلة في ميتة ساطعة ولم يسلم من حملة التشويه المعنوي المتعمدة قادها إعلام تنظيمه الاسلاموي يصمونه بالإرتداد عن دينه يحارب الله ورسوله وذاك لتمرداته المشروعة ضد الدولة و(أخاه) في التنظيم وزميل دراسته الطيب سيخة شاهدعلي العصرصحيح معافي يمشي بين الناس.
عقب إغتيال بولاد تكاثرت حركات الكفاح المسلح بولايات دارفور وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق واحتشدت للقضاء علي نظام الإنقاذ لتصبح دارفور مأساة إنسانية كبرى تشغل المجتمع الدولي شغلة غير أن نظام الإنقاذ لم يكتفي بدق ناقور الحرب وإنما غدا سماسرته يهرعون لمساومة بعض قادة الحركات بالمال وبريق مشاركة السلطة وهم يخبطون أهل عمرو بأهل زياد.
معظم قادة الحركات لم يثبت علي ميثاق المبادئ التي لأجلها قام كرامة لأهله وعدالة مرتجاة سوى ثلة قليلة ومن هؤلاء القائد عبدالعزيز الحلو فهو لم ينهض للمطالبة بحقوق أهله يحتطب بليل بلا قنديل وهو لم يعلن احتجاجه عند صافرة بيان إنقلاب الإنقاذ في الثلاثين من يونيو ليستبق في المضمار مع اللاهثين الراكضين بغير زاد وإنما فعل ذلك لأجل منطقة جبال النوبة إبان سنوات الطلب والدراسة بجامعة الخرطوم في السبعينات رفقة يوسف كوة تطاردهم أجهزة أمن نميري بلا رحمة ليغادر إلى إثيوبيا ثم لينضم إلى الحركة الشعبية بقيادة د.جون قرنق وفق رؤية تستوعب قضية أهله في جبال النوبة وتشمل قضايا كل المهمشين حتى النوبيين في شمال السودان بحمولتهم الحضارية في التنوع التاريخي وفي التاريخ المعاصر.
القائد عبدالعزيز الحلو ليس كمثله بعض قيادات الحركات المسلحة فهو يستبصر بالوعي لأجل سودان جديد تكون الوحدة جاذبة به في ظل نظام حكم تعددي ديمقراطي تتضام جهود المركز مع متطلبات الأقاليم لإحداث التوازن المطلوب وأن يعود الناس إلى منصة التأسيس لدستور دائم يستوي المواطنون السودانيون تحت بنوده دون تمييز بسبب اللون أو الدين أو الجهة ولذا فمايلتزمه من مبادئ تنص علي فصل الدين عن الدولة رعاية للخصوصيات الدينية في مناطق كثيرة لبلد متعدد لم يك الدين يوماً عائقاً دون وحدته وترابطه وإنما تلك كانت دريئة ومشاحة تخذتها الإنقاذ ذريعة للحكم.
القائد عبدالعزيز الحلو وحين كان بعض قادة المكون العسكري عضوية اللجنة الأمنيةللبشير يتلكأون في المفاوضات يتحرون الكذب رغبة في استعادة النظام السابق قام الرجل يبادر إلى التوقيع ضمن إعلان قوي الحرية والتغيير وظل يدأب داعماً للتحول الجديد بإعلانه إيقاف العمليات العسكرية ثم هو يستقبل رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك في (كاودا) يثق به ويعرف أنه يملك القرار والتفويض ويفي بالعهود والمواثيق ولا يكذب أهله.
الحلو يستقبل حمدوك كأول مسئول حكومي في مدينة كاودا التي استعصت علي قادة الإنقاذ وفيالق أجنادها ولطالما اصطخب عمر البشير وهو يؤذن في الناس بأن صلاته الفجر بها قد حان.
توقيع الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو وإعلانه المبادئ يعد خطوة كبيرة تؤكد نجاح الفترة الإنتقالية باقترابها من تحقيق أهداف الثورة الشعبية في الحرية والعدالة والسلام للإنتقال نحو سودان جديد الناس فيه سواء.
____
صحيفة المواكب
31مارس2021م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى