إقتصاد

السودان غياب التعليم الثمن الباهض

 

مامون حاتم الجنوب يكتب

تحدثنا في العديد من المقالات السابقة عن اهمية التعليم ودوره الأساسي في تحقيق اي ازدهار اقتصادي ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا لو غاب التعليم او ضعف في بلد ما ، الواقع هو أننا لا يجب ان نذهب بعيدا فحال السودان في هذه الايام خير دليل على ذلك. فمنذ اندلاع الحرب تفرق السودانيون بين دعم الأطراف المتحاربة او المطالبة بوقف الحرب ، ورغم ان انهاء الحرب يعد اولوية في هذه المرحلة ، إلا انه يجب إلا يلهينا عن طرح السؤال المهم لماذا اندلعت الحرب في الاساس ؟ وانا هنا لا اقصد الاسباب المباشرة التي أدت إلى اندلاع الحرب في الخامس عشر من ابريل بل اقصد السبب الجوهري لاندلاع الحرب. وهو في تقديري ضعف او غياب التعليم في أطراف السودان وانحساره في المركز. في هذا المقال سنتحدث عن العلاقة بين غياب التعليم واندلاع الحرب الأخيرة في السودان.
عند دخول الإنجليز الى السودان في أواخر القرن التاسع عشر قاموا بتركيز الخدمات بما فيها التعليم في العاصمة وبعض المدن القريبة منها والسبب في ذلك حوجة الإنجليز لعدد قليل من المتعلمين يساعدونهم في مهامهم الإدارية لذلك قامو بانشاء عدد قليل من المؤسسات التعليمية لخدمة هذا الغرض على راسها كلية غردون التذكارية.
بعد خروج الإنجليز وتولي الحكومات الوطنية الحكم لم تسعى هذه الحكومات لتغيير هذا الواقع لعدة اسباب منها: عدم ادراك هذه الحكومات لاهمية التعليم ودوره في التنمية ، فالعجلة الاقتصادية تقوم بالأساس على خلق حاجات للبشر ومن ثم إشباع هذه الحاجات ودور التعليم لا غنى عنه في الأمرين ، حيث ان التعليم يوسع آفاق الفرد وبالتالي يزيد عدد السلع والخدمات التي يرغب هذا الفرد في استهلاكها ، من جهة اخرى يمنح التعليم الفرد المعرفة الضرورية للإنتاج وبالتالي رفع دخله لإشباع احتياجاته.
ايضا كان سوء النية حاضرا في اداء هذه الحكومات حيث كانت تاخذ المواد الأولوية من المزارعين في الولايات الطرفية باسعار بخسة ومن ثم تصدرها بسعر السوق وقد استفادت حفنة من البيروقراطيين الطفليين من هذا النظام رغم تراجعه بحده في السنوات الأخيرة بسبب ثورة الاتصالات التي ساهمت في نشر المعلومة وصار المزارع بسببها مدركا لقيمة سلعته في السوق.
لكن الضربة القاضية اتت مع بدء تسليح بعض الأطراف في الولايات الطرفية وتأليبها على الاخرين من منظور عرقي ضيق مستغلين انتشار الجهل في هذه المناطق بسبب الاهمال الحكومي وايضاً بسبب الطبيعة الرعوية لقبائل هذه المنطقة. وما فات هؤلاء هو احتمال انفلات هذه المجموعات التي جرى تسليحها وانقلابها عليهم وهو ما حذر منه العقلاء في ذلك الوقت وما حدث لاحقا. وسبب اسوأ حرب في تاريخ السودان الحديث.
ايضا يجب الإشارة إلى ان التعليم يساعد على ترسيخ الروح القومية والوطنية والحد من النعرات الجهوية والقبلية ، بشكل مباشر من خلال زرع ذلك في المناهج التعليمية ، وايضاً بشكل غير مباشر من خلال منح مهارات تساهم في ايجاد فرص عمل للفرد ورفع دخله وبالتالي يكون اقول رغبة في المشاكل مما يساهم في استقرار البلد.
ختاما اود ان اذكر ان الدول لا تستقر اذ شعرت مجموعة من مواطنيها انهم مواطنون من الدرجة الثانية وغير متساويين في الحقوق والواجبات ، وعند الحديث عن الحالة السودانية يجب ان يكون هناك حوار صريح بين الأطراف المختلفة حول ما إذا كانت ترغب في تاسيس دولة تقوم على المساواة ام ترغب في تفكيك السودان بشكله الحالي وإعادته إلى وضعه قبل وصول الحكم المصري اليه ؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى