مقالات

ورقة الى القارئ

                                                                                             د نزار غانم

حسنا فعل الاديب الفضل عبداللطيف بجمع و إصدار هذي المقالات التي تحمل الكثير من التأمل في المختصر من القول . ذلك ان هذي المقالات تأتي  قراءة ناضجة ناقدة للثقافة الجديدة التي تتخذ من الاسافير رافعة لها و ينقسم حولها الناس بين مرسل و متلقي و بين راض و متذمر من تقنياتها و محتوياتها.

لقد تمرس المربي و الاعلامي و المصور  الفضل عبداللطيف في خطاب العولمة و قاموسها في النتاج الصحفي و الاعلامي السوداني و العربي و اخلص لفن كتابة العمود الصحفي و التقاط الصورة الفوتوغرافية فأخلصت له بدورها عبر السنين .

لكن الانترنت أو معجزة الخواجات في رأي بعضهم احدث انقلابا في القيم و المفاهيم الاعلامية  و في الزمكان نفسه . و هو في هذي المقالات يتصدى للوقع الاجتماعي الكبير لهذا التغير في ثقافة الجيل و المجتمع كمثقف عضوي على رأي جرامشي.

و تظهر بجلاء ثقافة الكاتب الاسلامية و وجدانه العربي حينما يحاكم بآرائه القضايا الحساسة و الجدلية التي لا مهرب من التعامل معها متى ما قبلنا بإدخال التكنولوجيا المعاصرة الى حياتنا و مكاتبنا بل و غرف نومنا. و في هذا المقام سيجد القارئ خلخلة لمسلمات الفكر الغربي الذي بات يحكمنا كشرقيين مثل مفهوم الجندر و السكان و البيئة و التنمية المستدامة فالكاتب يرى ان نقل التكنولوجيا من مجتمع منتج لها الى مجتمع مستهلك لها ينبغي ان يراعي الخصوصية الاجتماعية.

ان هذي النيران الصديقة , و هو عنوان عموده الصحفي منذ سنين , تتطرق لهموم عشناها و ما زلنا و نحن نحاول التأقلم مع معطيات عصر العولمة و التعريف الأجد للإنسان و الزمان و المكان . و من الجلي أن الكاتب يطرقها باقتدار و المام و يبين المزايا الملموسة و الوعي الزائف.

هذا عن المعنى المرموق, أما بالنسبة للمبنى فهو لغة صافية تتعامل مع المصطلح الغربي و تنقده و تقرأ ما خلفه من تأثير على مجتمعاتنا الشرقية. و تتجلى براعة الكاتب في الصياغة للمقال, و هو فن أدبي بحد ذاته, و يحسب له هنا انه يختار اللغة القريبة الى القارئ و يشركه معه في التساؤلات .. و (هل الفكر الا سؤال).

يحسب لقلم الفضل عبداللطيف فضله في :-

اختيار عناوين مقالاته بجدة و براعة و تشويق و استعارات غير مسبوقة و هذا أس المقال الصحفي الذي ظل يعبر به طوال عقود عن شجون و شئون.

الاختزال و التكثيف في استقراء الفكرة و تسلسلها مع قدر لا ينتهي من التشويق.

القفلة البارعة للمقال و التي تستدعي رأي القارئ و حكمته بصرف النظر عن خبرته مع الموضوع المطروح.

الاحتفاء بعبارات و أمثال (المحكية) السودانية و تقديمها لقارئ اللغة العربية في سياق يجعله يتعرف على المعنى و يحتفي بالمبنى.

و كما قال احد نقاد الادب الغربي بأنه ( اذا كنت غير مستعد لأن تثير القارئ بما تكتبه فربما أنك لم تخلق للكتابة !).

و اختم ورقتي هذه للقارئ بالتعبير عن عميق سعادتي بالتعرف على الكاتب و الكتاب.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى