مقالات

كان أكتوبر في أمّتنا منذ الأزل

بقلم/ محمدعكاشة
21اكتوبر 2020م

________

المستر راو خبير مالي من دولة الهند استدعته وزارة المالية السودانية في حقبة الستينات من القرن الماضي إبان حكم الرئيس اسماعيل الازهري لمهمة عمل إقتصادية وحين لقاءه بالزعيم الأزهري قام يمحضه النصح بما معناه:-
( يجب أن تؤكد علي ضباط الجيش أن يستوعبوا ضرورة الانصياع إلي الحكم المدني مثلما فعلنا نحن عند الاستقلال لقفل الطريق علي المغامرين لإسقاط حكومتك والزج بك في غياهب السجون).
رئيس الوزراء عبدالله حمدوك قبل بضعة أشهر في خطابه إلي الامة السودانية مكاشفة حول حجم الأزمة الاقتصادية نتيجة تركة مثقلة بالديون وخلو الخزينة العامة جراء ماتم من نهب للمال العام وضعف الايرادات ولم ينسي الإشارة في هذا الصدد إلي موضوع الشركات الاقتصادية التابعة للجيش والاجهزة الأمنية وهي تعمل خارج سيطرة الدولة.
خطاب حمدوك تقافزه من فوقه خطاب مماثل من السيد عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة وهويخطب في حشد عسكري يعاجل بالرد ويستدفع عن هذه الشركات البهائت والاتهام وحينها لقد تجلي (سيادته) للناس وكأنه عضو اللجنة الأمنية للرئيس البشير وليس بصفته شريك أصيل ضمن مكونات حكومة الفترة الإنتقالية ذات المهام المحددة ورئيسا لمجلس سيادتها منوط به ضمن مهام هذه الفترة العمل علي إسترداد الاموال العامة ومحاربة الفساد وإبراء ذمة الجيش الوطني من الشبهات فالذي يعلمه المواطن بأن معظم هذه الشركات لا يعود ريعها للجيش ولايلي أمر معظمها منسوبو القوات المسلحة فضلاً عما تحظي به من إمتيازات وإعفاءات وعلي سبيل المثال فلقد نشرت صحيفة (الديمقراطي) بعد خطابه ذاك معلومات موثوقة وهي تكشف:- (..تجاوزات مالية وصلت مليارات الجنيهات في مشروع التحصيل الالكتروني للايرادات المالية للدولة، الذي اعتمدته حكومة العهد البائد في عام 2015.
وقال مصدر مطلع إن المشروع نفذته شركات مملوكة للأجهزة الأمنية بواسطة لجنة مكونة من شخصين فقط، وان عملية إرساء المشروع على هذه الشركات، تمت دون التقيُّد والإلتزام بلوائح وقوانين التعاقد والشراء المعمول بهما في وزارة المالية.
واطلعت (الديقراطي) على الدفعيِّات التي تسلمتها تلك الشركات حيث بلغت جملتها (33,124,837) دولار أمريكي، بينما أسعار الأجهزة الموردة إلى وزارة المالية في ذلك التاريخ لا تتجاوز 3 مليون دولار، ما يعني أنّ هناك ما يربو عن (30) مليون دولار تم نهبها من وزارة المالية.
وكشف المصدر نفسه أنّ الأجهزة المُوردة غير مُطابقة للمواصفات الفنيِّة، ما كلّف الدولة مليارات الجنيهات التي تم اهدارها ونهبها بواسطة بعض ضعاف النفوس من الُمتحصلين؛ عن طريق استغلال الثغرات الفنيّة لأجهزة نقاط البيع.)
إذن..فإن إختيار الشباب ولجان المقاومة ليوم ذكري ثورة21 أكتوبر يحمل دلالات عميقة لتصحيح مسار حكومة الفترة الإنتقالية بشقيها المدني والعسكري وأن (الوثيقة الدستورية) إلتزام أخلاقي في المقام الأول قبل أن تكون ميثاقا سياسيا قانونيا ملزما يتعذر الإخلال ببنوده قيد أنملة.
مليونية21أكتوبر هي تأكيد علي درجة الوعي الثوري لدعاتها وحداة مساراتها وأهدافها وهؤلاء حين يصعدون بضرورة حسم المسألة الاقتصادية وإجراء تحسينات موضوعية علي السياسات المتبعة فهم يمنحون (التفويض) لإنجاز مهام الفترة الإنتقالية المفضية الي تحول ديمقراطي يؤكد علي أن الشعب هو مصدر السلطات وأن ممارسة الحق الانتخابي هو مطلب لا معدي عنه وأن حرية التعبير والاحتجاج السلمي والتظاهر للمطالبة بالحقوق حق مشروع مكتسب مهرته دماء الشهداء.
مليونية21أكتوبر تبعث مجموعة رسائل مهمة إلي عدة جهات فالدولة العميقة ليست هي(كتائب الظل) الممسكة بمفاصل الدولة والقوات النظاميةوتعمل في الخفاء بمعاونة بعض شركاء الحكومة الإنتقالية..كما أن الدولة (العميقة)ليست كذلك هي كل عضوية الحركة الاسلامية فلقد تكاثر أصحاب المصالح خلال الثلاثين سنة الماضية فنظام الإنقاذ كان يقوم يشري الذمم الخربة من قادة الاحزاب العطالي وقادة الحركات المسلحة وأصحاب الرساميل المشبوهة والمضاربين في العملات وفي أسواق الذهب والدقيق والسلع الضرورية من المفسدين في الأرض وكل هؤلاء هم قادة الثورة المضادة الحقيقيون.
مليونية21أكتوبر رسالة هامة إلي قوي إعلان الحرية والتغيير للقيام بواجب المسئولية تجاه مهام المرحلة بعدم الانسياق وراء المزايدة بشعارات الثورة والعجز عن مواجهة النفس بالحقائق بخصوص الضائقة الاقتصادية والندرة في دقيق الخبز والمواد البترولية وضرورة أن يقوم د.عبدالله حمدوك بمراجعة أداء طاقمه الوزاري والاقتصادي دون محاصصة أو تمييز وضرورة إعمال الطواريء الاقتصادية بصورة حاسمة ضد المتاجرين المستثمرين في الأزمات.
مليونية21أكتوبر تطلع لتصحيح المسار الإقتصادي الذي يترافق مع جملة قضايا عالقة لجهة تحقيق شعارات الثورة خصوصا مبدأ العدالة والذي يؤكد سيادة القانون والشفافية بإقرار مبدأ المحاسبة بعدم إفلات الجناة إذ ما يزال قرار تكوين مفوضية العدالة الإنتقالية علي منضدة مجلس السيادة علي الرغم من إجازته من مجلس الوزراء ومايزال موضوع مجلس القضاء العالي يرواح مكانه فالقصاص العادل من قتلة الأستاذ أحمد الخير وشهداء القيادة العامة يتلجلجل مرواغة ومخاتلة.
مليونية21أكتوبر تبعث برسالة الي المجتمع الدولي خصوصا الدول الصديقة لدعم السودان مادياً ومعنوياً ولئن قام السيد دونالدبوث المبعوث الأمريكي للسودان بالتأكيد علي أن واشنطن سوف تتصدي لكل من يحاول عرقلة الانتقال الديقراطي فهو عمل حسن يستلزم إستحقاقا عاجلا برفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب حتي يتسني للسودان النهوض من وهدته بسب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه ومع ذلك فإن تصريحات لجان المقاومة وتنسيقياتها وقطاعات الشعب السوداني تستبق دونالد بوث بتأكيدات ضوئية ساطعة بأن (الترس صاحي)صمام أمان وضمانة قوية ليتجاوز السودان أزماته ولسوف يبنونه آجرة فوق آجرة ليعبرويمنح الشعب معني أن يعيش وينتصر.
مليونية21أكتوبر تضع في منضدة الموقعين علي إتفاق سلام جوبا رسالة مفادها بأن تكون مشاركتهم في أجهزة وهياكل السلطة الإنتقالية إضافة نوعية داعمة للانتقال الديقراطي والعمل علي تحسين الوضع الاقتصادي مثلما أشارالسيد داق همرشولد السكرتيرالعام للأمم المتحدة الأسبق والذي قضي نحبه في حادث طائرةوهوفي طريقه لتحقيق السلام في الكونغو وهو يقرن القول بالعمل:-
(إن تحقيق السلام ووقف الحرب ووضع السلاح جانبا يؤدي بالضرورة إلي فوائد إقتصادية وإجتماعية لاحصرلها..).
مليونية21أكتوبر..زرع أخضر وخروج نبيل لأجل الخبز والحرية والعدالة وحفظ كرامة أهل السودان.
…..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى