الدكتور حَسنْ التُرابي وطَريقُ السَادة الصُوفييّن

الدكتور حَسنْ التُرابي وطَريقُ السَادة الصُوفييّن
بقلم/محمدعكاشة
كِتابُ الطَبقات لمُحمَد ودضِيف الله هو واحدٌ من الأسفارِ التي تُعدُ من المَراجعِ المُهمةُ في التصُوف والتاريخَ الاجتماعي والثقافي للمُدن والنُجوع في القُطر السُوداني لتوثيقِه سِيرَ وكَرامات الصُوفيين وعلاقاتهم وتأثيراتهم علي الحركةِ الاجتماعيه والنشاطِ التُجاري وتداخُلاتهِ وتماساتِه مع الراهنِ السِياسي في كلِ حِقبةٍ تَماهيّاً أو تَضاد.
الشيخُ حَمد النحَلان البِديري الدهَمشي يحتلُ حَيّزاً في ( طبقات ) ومَقاماتِ الصُوفيين وهوَ من أكثرهِم إثارةً للاهتمام في سُلوكهِ الصُوفيُّ وأخذهِ النفسَ بالشدائدِ وعُكوفهِ في مِحرابِه يتبتلُ أيامَ متُطاولة زادهُ مع الذّكِر الأسوديَن حُبيباتُ تمرٍ وجَرعاتُ ماءٍ وحَسواتٍ من الحَليب ليخرُج من بعدُ ( نحيلا ) يُغطي جَسدهُ التُراب ليُلحقَ الناسُ باسمه لقُب التُرابي.
ليلةُ الجُمعة الماضية يدعونا الأستاذ محمد إنابةً عن والدنا الدكتور الطيّب الفاتح قريبُ الله شيخُ الطريقةِ السمانية حفيدُ سيّدي الشيخ الطيب ود البشير راجل أم مَرح.
الدعوةُ كانت لاستقبالِ وفدُ قياداتِ حزبِ المؤتمر الشعبي وهم يدخلون من بابِ البرِ بشيخهِم وزعيمهِم الراحل الدكتور حَسنْ التُرابي الذي إعتادَ علي زياراتٍ راتبة الي مسيدِ الشيخ الفاتح قريب الله.
الدكتور حَسنْ التُرابي وهو يُؤسسُ للتنظيمِ الإسلامي يغفلُ في حَماسةِ الشباب عن مُكوناتِ شَخصيتِه وتأثيراتُ صُوفيةُ جَده ( النحلان ) وخَتميةُ والده القاضي عبَدالله التُرابي وأثرُ نشاته في رحابِ السيّد الحَسن اب جلابية في كَسلا التي وُلدَ فيها وترعَرع.
الدكتور التُرابي في بِداياتهِ ومن خلالَ تطورِ وكسبِ الحركة الاسلامية جعلَ تيارها الفكري يتقاطعُ في خطوطٍ هي الأقربُ إلي التيارِ السَلفي في تربيتِه لتلاميذه وفي توجههم وخطابهم رُغماً عن أن شخصيتُه أكثرُ إنفتاحاً بحُكم دراساته في اوروبا وأسفارهِ مما جعلَ بينه وتلاميذهُ بَوناً شاسعاً.
الحركةُ الاسلاميةُ ظلت في مُكابدةٍ شَاقة مع المُجتمع السُوداني رُغماً عنِ إدعاءِ بعضُ مُنظريّها بما فيهم التُرابي وخِطابه وكُتبِه ومَقالاتِه.
ما زعمُوه بتغلغُلِ الحركةِ الاسلاميةِ في المُجتمع وقُدرتُها علي المُؤامةُ بين المثالِ والواقعِ من خلالِ برامجها هو تَقديرٌ صَحيح نِسبياً لحداثةِ الفكرة وتقديمهِا مَشروعاً في ظلِ سطوةِ الأحزابِ التقليدية لتجدَ مُناخاً مُواتياً وسطَ القُوي الحديثة بعد تراجُعِ الحزبَ الشيوعي عقبَ حادثةُ الطالب شوقي إضافةً إلي ما وفرتهُ المُصالحةُ والمشاركةُ في نظامِ مايو من عَملٍ تنظيمي وحركةٍ تحتَ مظلةِ العمل الطَوعي غيرَ أن المَحكُ الرئَيس لاختبارِ قُربُ الحركة من الناسِ هو تجربةُ الانقلابِ علي النظام الديمقراطي ومُغالبةُ النُظم الاجتماعية لأهلِ السودان وحَملهم علي مالا يُطيقون في عاداتهِم وطبائعهِم وسائرِ نشاطهِم وهو أمرٌ أخضعُه الدكتور التُرابي ذاتهُ وبعضُ قادةُ الرأي معهُ لمُراجعاتٍ جَذّرية في تطورٍ لاحق من خلالِ حِوارات تناثرت هنا وهناك وآراءُ أجَلاها الرجلُ في عددٍ من المَحافلِ واللقاءاتِ خُصوصاً بعد المُفاصلة.
أهلُ السُودان يُوحدً جَمعهم وترابطهُم الوجدان الصُوفي المِسماح الذي يجعلُ من مسيد الشيخُ قريبُ الله وكنيسةُ المَسالمة مَوئلاً للوحُدة ورتقِ النسيجِ الاجتماعي دونَ إستدعاءَ الديني والطائفي ودونَ تَعسُفٍ وضِيقٍ بالآخرين.
الدكتور حَسنْ التُرابي جاءَ بآخرهِ إلي رحابِ الصُوفية حيثُ ظلَ لسنواتٍ خَلت يطوفُ بيوتاتُ القوم ومقاماتهِم وأشياخهِم ولو أنهُ عادَ إلي سفرِ التكوينِ في شخصيتهِ ونشأتهِ الأولي واستصحبَ تَجلياتهِ في مشُروعه وحَركتِه لاقتربَ من أهلِ السودان وأحاطَ بهم دون إرباكاتٍ وخُروجٍ عنِ المألوف وعَما اعتادوه من تَديّنٌ أكثرُ شعبيةً وأعمقُ في المعاني وأقربُ للتقوي.
السادةُ.. ابراهيمُ السنوسي وكمال عمر وحَمدون وبقيةَ الوفدِ الزائرِ إلي رحابِ والدنا الشيخُ الطيّب وأولادهِ ومُريّديه مَرحباً بكم والدعاءُ أن ينصلحَ حالُ البلادِ وأن يُبرمَ اللهً لأهلِ السياسةِ أمر رُشدٍ فما يُقربُ أوفرُ فرصةً مما يُفرق.
رحم الله الدكتور حَسنْ التُرابي رحمةً واسَعة ورَحمَنا جميعاً.
صحيفة أخباراليوم-
الثلاثاء3مايو2016