تقارير وحوارات
أخر الأخبار

في حَضرة مُحمّد وردي يَطيبُ الجُلوسْ

في حَضرة مُحمّد وردي يَطيبُ الجُلوسْ

بقلم/محمدعكاشة 

عَرفتُ مُحمّد عُثمان وردي كِفاحاً وصَحِبتُهُ عامَ ألفين واثنين بقرارٍ من السيّد أسامة داؤود عبد اللطيف مستشاراً اعلامياً له ولحملةِ  الكوكا كولا بالرُغم من لقِائي به عابراً كعَامةِ المُعجبينَ به في حفلِ قاعةِ الصداقة قبلَ نحوِ خمسَ عشرةَ سنة من تاريخِ عودته بعد خُروجه المُغاضبِ بسببِ انقلاب البشير.

قبلَ لقائي به وهو يعودُ بدعوة أهلهِ مثلما قال ( شكراً آل دؤود ) لافتتاحِ مصنع الكوكاكولا عامَ 2002 ميلادية، فلقد تعرفتُ على شخصيته وتجربته ومواقفه وأسلوبُ حياته وأهله من خلال إقامتي ببيته بالكلاكلة ضيافةَ ابنه وصديقي عبد الوهاب وردي وابنة عمه وزوجته الحاجة ثريا حسن صالح.

عبد الوهاب وردي فتيً يَلمعيٌ ذو زكانة وموسيقيٌ لا ضريبَ له بين أقرانه بشهادةِ الموسيقار وردي ذات نفسه فضلاً عن أن ( البوب ) مُثقفٌ على نحوٍ خاص وطرازٍ فريد.

مُحمّد وردي حَالةٌ إبداعيةٌ فَعالةٌ قلقهْ فهو يصدرُ في أفعالهِ وأقوالهِ وفنِّهِ من مِشكاةٍ واحدة هي حُبُ الناسِ وحُبُ الوطن.

مُحمد وردي للذين يعرفونه قارئٌ نَهِمٌ مثلُ النعامة على حالِ الكاتب المصري عبد القادر المازني يقرضُ الكُتب ولا يَملْ.

كانَ أكبرُ اهتمام وردي مكتبةُ منزله وحديقةُ بيته الخلفية ثم هو يقرأُ الصُحف اليوميّة سياسيّة ورياضية من الصفحةِ الأولى مُروراً بالإعلانات المُبوبةِ وصفحة الوفَيات والمقالات التي لا يقرأؤها حتى كاتبُوها.

كانت ثمتَ مُحاولة مُتواضعةٌ مني حينَ أقمتُ بالقاهرة لكتابة الرواية والقصة القصيرة فدفعتُ إليه مساءً في مُسامرةٍ رفقةَ المرحوم الشاعر الجميل سعد الدين إبراهيم صاحب ( العزيزة ) الأغنية التي تمني وردي غناءها وترديدها.

دفعتُ إليه بقصة ( إمرأة خيدع ) ومعها دراسةٌ نقدية شرّفني بها أستاذي للنقد بكلية الموسيقى والدراما دكتور قاسم قور لألقى اتصالاً باكراً منه يطلبنُي لتناولِ الإفطار معه لأجدهُ قد استكملَ قِراءاتها مراتٍ عديدة، وسجّل مُلاحظاتٍ نقدية حولها وحول دراسة دكتور قور.

وردي عاشَ حياته بالطُول وبالعرض وبأعمقِ مما يتظني الناسُ بكونهِ مُجردُ مُطرب مُجيد أو موسيقيٌ فذّ، فالكتابةُ حوله من الذين هُم أمثالي قد لا تُحيطُ بجوانب كرمهِ وشجاعته وإنسانيته ونضالاتهِ ضد الظُلم ولا أدعي (تديُنَهُ) لو أنَ التديّنُ هو محضُ رسومٍ وأشكال وتنطُّعٍ مثلَ الذي عليه من قامَ يستصدرُ الفتاوى بقتلِ ثُلث أهلِ السودان وهو يَقبِضُ الثمنَ بالدولار عَداً ونقداً.

وردي في ذاتِ الصباح يَنعي لي حالَ الكتابةِ الصِحافية بآخرهِ ثم هو يقرأُ تصريحاً بها لأحدهم يَعِظُ الناسَ ليضحكَ ملءَ شِدّقيه ويَعجبُ، فهذا هو من المُؤلفةُ قلوبهم على حدِ قوله، فهو صديقهُ من قديم و( نديمهُ ) ذاتُ يوم، ولقد ( جَارت بهِ الأيام ) وأزري بهِ ضِيقُ العيشِ ولقد جَاءهُ يُهرع إليه أيام مُكوثه بالقاهرة مُنتصفِ التسعينيات يدعوه دُعاءً عَريضاً للعودة إلى السودان يستشهدُ بالأحاديث النبوية حول حِلِ الغِناءِ وعن عفوِ السُلطة عنه.

الدكتور كمال شداد حالةٌ أخرى، قمتُ بإجراءِ حوارٍ معه قبلَ نحوِ ربع قرنٍ لصحيفةِ (ظلال) وكان قَبوُله لذلكَ مثارُ دهشتي وإعجابي وقتذاك، فلقد كنتُ من ناشئةِ الصحافة أتحسِّسُ وقعَ خُطاي مُتئداً وكعادةِ (العلماء) ، فهو قليلُ الكلامِ، كثيرُ العمل، عَميقُ الفكرِ وثاقبهُ.

شَداد ليسَ خبيراً في مجال الرياضة فحسب، فهو أستاذُ الفلسفة بجامعةِ الخرطوم نَهِلَ من مَعينِ معرفته نابغةٌ كثيرون هُم دُلاءُ على بَحرِ عُلومه ومعارفه.

حاورتهُ في الأدبِ والفلسفةِ والموتِ والحياة والرياضة وسُبل كسبِ العيش والكتابةُ الصحافية.

دكتور شداد لا يقرأُ الصُحف قولاً واحداً وينعي حالها مثلُ وردي ويذهبُ أبعدُ إلى القول بأن لا وقتَ عنده يُنفقه لقراءةِ ما لا يُفيد، وعندها قرّرتُ بعد نشرِ الحوار أن أخلُدَ إلى الراحةِ وعكفتُ على مُراجعة ما كتبتُ من ذي قبل رغُمَ اجتهاداتي وغُروري فوجدتُها بضاعةَ الرجلِ وجَهدُ المُقل.

هذا المساء..

قرأتُ الصحف جميعاً واستذكرتُ الذي رحلَ وحواري مع بروفيسور شداد متعه الله بالصحة والعافية لأغدو إلى مكتبتي المتُواضعة اقرأُ مجموعةَ إصدارات الدكتور عبد القادر الرفاعي رَحِمه الله تعالى حول رموزِ الوطن شعراءَ وأدباءَ ومفكرين ورأيتُ حجمَ الجَهد المبذّول في هذا الصدد ولقد استحقَ الرفاعي لقبَ ( سادنُ الثقافة السودانية وحارسُها الأمين  ) ثمَ لأقومُ إلي ما كتبَ الأستاذ مَحمود مُحّمد طه في ( السياسة والدين ) كتابةَ مُفكرٍ مُلهم لا كفاءَ له بين الكاتبين وخاطرةٌ تجول بخاطري لاعتزالِ الكتابةِ ولُزومُ بيتي ولزومُ ما لا يلزمْ مثلَ رهينَ المُحبسين أبا العَلاء المَعرّي والقياسُ مع الفارق كما تعلمون.

صحيفة الصيحة

15يناير2022

مع المرحوم الدكتور عبدالقادر الرفاعي في سرادق عزاء شاعر الشعب محجوب شريف

مؤتمر الكولا بحضور مديرها معتصم داؤود عبداللطيف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى