تقارير وحوارات

داغ همرشولد وبِعثةُ “يونيتامس” في السُودان

بقلم/محمدعكاشة

داغ همرشولد السُويدي الجنسية والأمينُ العام للأمم المتحدة لدورتين في الفترة من 1953- 1962م كان شخصيةً فذّة تكشفُ سيرتهُ الذّاتية عن حياةٍ حَفلت بالعمل المُثمر وهو ينبغُ في الفلسفة الإجتماعية والإقتصاد السياسي ليضَطلع بمهامَ عظيمة لمُعالجة القضايا الاقتصادية وتشكيلِ السياسة المالية في السويد وليترأسَ وفودَ بلاده في المُباحثات والإتفاقات مع الدول الأخري في مُختلف المجالات.
همرشولد يعتبرُ بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ويعتدُ بها كمصدرِ إلهامٍ غيَر أنهُ ظّل طوال فترة عمله ومن خلال مُحاضراته وخطاباته يحضُ علي تطبيق الميثاق بطريقةٍ مُثلي لتحقيق أهدافه في المساواة وتكافؤ الفرصِ الإقتصادية و خصوصاً تحقيقُ الأمن والسلم الدوليين ولذا فإنَ القارة الأفريقية كانت محطَ إهتمامه فلقد قامَ برحلةٍ طويلة في ديسمبر عام 1959م شملت نحواً من عشرين دولة إفريقية وحين قامَ يدعوه رئيسُ وزراء الكونغو باتريس لوممبا للمساعدة العسكرية قامَ علي الفور بالدعوة لإنشاء قُوة الأمم المتحدة في الكونغو ثم أتبعَ قرارهُ بزيارات إلي الكونغو ليقف بنفسه علي عمليات إحلال السلام حتي قضي نحبهُ هُنالك بحادث سقوط طائرته.
داغ همرشولد تركَ إرثاً بتجربته في مِنصة الأمم المتحدة بمُناداته لتكييف مواثيقِ عملها وإمكانياتها ومؤسساتها من أجلِ تقويتها لصالح الشعوب.
الأمم المتحدة في السودان ظلت تقومُ بأدوارٍ عديدة تتكافأ فرصها لأجلِ التنمية المُستدامة ولرعايةِ حقوق الإنسان ولوقف أتون الحروب التي كانت تتقدُ في كل أقاليم البلاد وهي حينَ اندلعت الحرب الأهلية في دارفور بين حكومة الإنقاذ عام 2003م والحركات المسلحة و التي تسببت في قتلِ وتشريد المواطنين وحرقِ قُراهم ومُدنهم وإتلافِ زروعهم وتجارتهم فقامت الأمم المتحدة بإنشاء البعثة المشتركة للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة ( يوناميد) لعمليات حفظ السلام تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المدنيين وللعمل من ثم لدفع جهود السلام والتسويات السياسية التي تجري بين الحكومة وأطراف النزاع وأصحابُ المصلحة الحقيقية في مناطقِ النزاع وفي صياصي معسكرات النازحين ولقد ساعدت ( يوناميد) في إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين من خلال قواتها العسكرية وقامت بدورٍ إيجابي برعايةِ جهود الوساطة بين الفرقاء بعقد المؤتمرات وتدريبٌ المفاوضين مما أثمر عدداً من اتفاقيات السلام في السودان.
نظامُ عمر البشير فاقمَ النزاع في إقليم دارفور وقادَ حربَ إبادة جماعية بالتحالف مع بعض المليشيات العربية وعقب سقوطه قامت حكومة ثورة ديسمبر/أبريل عبر رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك بتقديم طلب تصدت له دولتي ألمانيا وبريطانيا بمشروع إلي الأمم المتحدة لمساعدة السودان للعبور بالفترة الإنتقالية إلي مثالاتها في نظام حكم ديمقراطي يعملُ علي رتقِ الفتقِ الذي تسبب به النظام المُباد الذي أغري أوارَ الحروب في أطراف البلاد وتهدد الأمن والسلم الدولي ليقرر مجلس الأمن الدولي الإستجابة بالإجماع علي إنشاء بعثة الأمم المتحدة المتكاملة ( يونتامس ) للمساعدة الانتقالية في السودان والعمل علي تنسيق المساعدات الإقتصادية والإنسانية.
طلبُ السودان والموافقةُ عليه باستقدام البعثة الأممية وفق الفصل السادس أثار حفيظة البعض وارتفعت عقيرةُ أصواتهم في (ثورة مضادة ) بتصويرِ الأمر علي غير حقيقته الساطعه فهؤلاء كانت أبصارهم غضيضةً عن (يوناميد) بأحَمالها وأثقالها العسكرية وهي تنتشر في رقاع واسعة في دارفور والولايات المتاخمة.
قرارُ مجلس الأمن الدولي بالرقم 2524 بإنشاء (يونتامس) خطوةُ تنظيمٍ لإقرارِ ودعم جهود السلام في السودان ولمُراقبة وإنفاذ إتفاقياته في ظل إدارة حكم مدني ديمقراطي لا رجعةَ فيه ولا مَعدي عنه قيدَ أنُملة بما يقفلُ البابَ أمام أي مُحاولات لإنقلاب عسكري أو إلتفافٍ علي عملية ( الإنتقال) المُتعثرةُ بالأزمات الإقتصادية نحو سودانٍ جديد.
بعثةُ (يونامتس) تنشط مطلع العام 2021م بالتزامن مع خروج بعثة (يوناميد) التي تلكأت بسبب ظروف جائحةُ كوروناوهي سوفُ تُسهم في تقديم العون الفني والتقني لحكومة الفترة الانتقالية ولسوف تعمل علي تنسيق وتعبئة الدعم الإقتصادي للسودان عِوضاً عما قد تُقدمه من دعمٍ غير مباشر لتحريك الاقتصاد القومي بما تتُيحه من فرصِ عملٍ لمُساعدةِ أفرادِ البعثةِ و تذليل حاجتهم إلي السكن والتنقل والإقامة.
makasha141@gmail.com

يناير2021م

الخرطوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى