مقالات

أمسية في منزل الروائي محمد سليمان الفكي الشاذلي

 

أمسية في منزل الروائي محمد سليمان الفكي الشاذلي

بقلم / بابكر عثمان

تربطني علاقة طيبة للغاية بالروائي السوداني محمد سليمان الفكي الشاذلي والذي اقام معظم سنين حياته بالعاصمة البريطانية لندن عقب تخرجه من جامعة الخرطوم عام 1987 ولكنه قدم الى الدوحة قبل نحو 5 سنوات ومازال يقيم فيها، حيث يعمل في قناة الجزيرة الانجليزية ( منتجا ومترجما للافلام الوثائقية )


مناسبة هذه المقدمة انه دعاني لزيارته في منزله لحضور

جلسة خفيفة تضم بعضا من اصدقاءه من المثقفين السودانيين ، حيث ضمت الجلسة المسائية كل من الروائي الحسن بكري و الناقدين الدكتور هاشم ميرغني والاستاذ محمد الربيع محمد صالح والسينمانئ الاستاذ عبدالرحمن نجدي
نشر محمد سليمان الفكي الشاذلي نحو تسع روايات ، ثلاث منها على الأقل كتبها باللغة الانجليزية وتدرس في بعض الجامعات البريطانية والامريكية ، تطرق بعض حديثنا حول ( طول الإسم ) فقال انه في المدرسة اضطر ان يعرف نفسه بالاسم الرباعي لان الفصل كان به اكثر من محمد سليمان ، ثم نشر بعض رواياته بإسم محمد سليمان الفكي ، فظهر في السودان روائي نشر رواية واحدة اسمه محمد الفكي سليمان ( عضو مجلس السيادة السابق ) فإضطر ان يحذف الفكي ويضيف الشاذلي، ليصبح اسمه ( محمد سليمان الشاذلي ) ثم ضحك وهو يقول ( والآن لا أعرف عما اذا كنت سأضطر لاحقا لتعديل الاسم)
ما يميز هذا الروائي الذي سيكمل عامه الستين خلال شهور قليلة أنه شديد اللطف وشديد الكرم وشديد التواضع ، ولكنه قليل الانتاج ، وذلك بالنظر الى الاقبال الكبير على اقتناء رواياته ، فمن يقرأ له مرة سيدمن على القراءة له مرات ومرات.
الحسن بكري


ضمت الجلسة في بيت الروائي محمد سليمان الشاذلي أيضا الأستاذ الحسن بكري وهو روائي من مواليد عام 1955 في ود سلفاب (مسقط راس الفنان الراحل مصطفى سيداحمد ) له عدد من الروايات ولعل اشهرها روايته ( أحوال المحارب القديم ) والتي حاز بفضلها على جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في دورتها الأولى عام 2003
تشعر وانت تجلس في حضرة هذا الاديب بكثير من الحميمية والمودة وكأنك تعرفه من زمن بعيد، أجريت معه قبل هذه الجلسة مقابلة على تطبيق زووم ونشرتها على صفحتي في الفيسبوك كما نشرتها أيضا علي حسابي على منصة يوتيوب، وانتقد خلالها العنف الذي تتعرض له النساء في السودان واعتبر ذلك من مظاهر التخلف في البلاد
ما يميز الحديث مع الأستاذ الحسن بكري انه مطلع بعمق على الآداب الإنجليزية، فقد عمل مدرساً ومحاضراً للغة الإنجليزية في عدة جامعات سودانية وخليجية من بينها جامعة الجزيرة وجامعة السودان للعلوم
والتكنولوجيا، كما عمل محاضراً للغة الإنجليزية في جامعة قطر ولكنه حاليا متقاعد ومتفرغ للكتابة في السياسة والنقد الأدبي والترجمة بالصحف والمجلات السودانية والعربية والمشاركة في الندوات والأمسيات الثقافية في السودان وقطر.

محمد الربيع محمد صالح

لم تكن تلك الجلسة لتكتسي بذلك الجمال والألق لولا مشاركة زميلي وصديقي الأستاذ محمد الربيع محمد صالح ، الناقد الأدبي المرموق والذي قال عنه وفي حضرته الحسن بكري ( انه أفضل صحفي معاصر يكتب في مجالات الثقافة والأدب في السودان )
ولكن صديقنا عبدالرحمن نجدي يقاطعه قائلا إن محمد الربيع ( لا يعرف قيمة ما يكتب ) في إشارة الى ان هذا الشاب لم يجد بعد وضعه الذي يستحق
يتمتع محمد الربيع بشخصية يطغى عليها التواضع المهيب في مجتمعات معاصرة يغلب عليها الاحتفاء بالمظاهر، حدثنا الربيع عن شخصيات اسطورية التقى أو عايشها في السودان منها فنان تشكيلي مبدع إسمه عمر خيري ولكنه يطلق على نفسه (جورج ادوارد سكوكنر ) توفي في نحو عام ٢٠٠٢ وكان يرسم لوحات بديعة ويبعها بثمن بخس ، حتى انه أهدى نجدي لوحة جميلة في مقابل كوب من الشاي.
يعمل محمد الربيع محمد صالح حاليا محرر أول في مجلة الدوحة الثقافية، وكانت قد انتشرت الشهر الماضي إشاعة مفادها ان وزارة الثقافة قامت بتعيين محمد الربيع رئيسا لهذه المجلة الشهيرة ولكنه نفى ذلك وقال ساخرا (أنا أعمل متعاونا في هذه المجلة)

د.هاشم ميرغني

تلك الأمسية الجميلة في منزل محمد سليمانن الشاذلي التقيت ايضا بالناقد الأدبي الدكتور هاشم ميرغني ، المحاضر في كلية الآداب بجامعة قطر ، رجل موسوعي الف عددا من الكتب عن الأدب المعاصر في السودان ويأسف ان عددا كبيرا من الشخصيات الأدبية في السودان لم تجد حظها من الشهرة او التقدير وذكر على وجه التحديد اديب سوداني له أكثر من 100 قصة قصيرة ، وكان يكتب باللغتين العربية والانجليزية انه عثمان الحوري والذي ولد في قرية ( جادالله ) غرب بربر عام 1945 ونشر أول قصة قصيرة له عام 1960 في مجلة الاذاعة والتلفزيون والتحق بجامعة الخرطوم لدراسة القانون ولكنه لم يكمل الدراسة ليعود الى بربر للعمل في المدارس المتوسطة ، عاش حياة مضطربة نفسيا ونشر قصصا عديدة باللغة الانجليزية في مجلة ( سودان ناو ) اضافة الى النشر باللغة العربية ، ذكر محمد سليمان الشاذلي انه لم يكن يعرف ان هذا الاديب يكتب باللغة العربية من كثر ما قرأ له قصصا رصينة باللغة الانجليزية.
ولكنني عندما ذكرت للدكتور هاشم ميرغني ان هذا الاديب توفي قبل عامين في عطبرة ، شعر بأسف عظيم لأنه لم يسمع بهذا الخبر

عبدالرحمن نجدي


كان معنا ايضا في تلك الأمسية السينمائي الرائع الأستاذ عبدالرحمن نجدي ، المولود في امدرمان عام 1952 ، وهو رجل لا تمل الحديث معه ابدا ، حصوصا عندما يحدثك عن ذكرياته السينمائية في السودان و إعداده لأول برنامج تلفزيوني عن السينما في مطلع الثمانينيات حيث كان محبو السينما يتحلقون حول التلفزيون لمتابعة ذلك البرنامج ( سينما … سينما )
كان عبدالرحمن نجدي نائبا لمدير وحدة السينما في وزارة الثقافة ، تلك الهيئة التي تشرف على استيراد الافلام ورقابتها وتوزيعها والاشراف على دور العرض الحكومية ، كانت هناك نحو 20 دار عرض سينمائي في الخرطوم وحدها عام 1989 وبعدها لم تر عيون السودانيين ( إلا النور ) و بجانب اهتماماته الثقافية والنقدية يهتم نجدي ايضا بالاناقة والملابس الراقية ، يقول لي ضاحكا إن جزءا كبيرا من محبته وصداقته معي انني اهتم ايضا بالاناقة
كانت جلسة رائعة، تلك الجلسة التي ضمت في بيت الروائي محمد سليمان الشاذلي كل من الأديب الحسن بكري والناقد محمد الربيع محمد صالح والدكتور هاشم ميرغني والسينمائي عبدالرحمن نجدي ، وكانت مناسبتها دعوة كريمة من الأستاذ الشاذلي ، وهي جلسة رائعة لأنها ببساطة كانت مجالسة لادباء ومثقفين، لا تسمع منهم سوى الكلم الطيب
شكرا أستاذنا الكبير محمد سليمان الشاذلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى