
علي مهدي والمشروع الإسلاموي
بقلم/مُحمّد عُكاشة
أكثرُ من رُبعِ قَرنٍ تَصرمَ علي هَجمةِ نظامُ الإنقاذ المُرتدةُ علي مَشروعاتِ الإحياءِ الثقافي والفني وعلي حَياةِ الناس وفقَ زعَمٍ مُستغرب لإعادةِ (صياغة) الإنسانِ السُوداني الذي زَلزلهُ المشروعُ الاسلاموي ( الحضاري ) زَلزلةً وهَزّ (كيانه ) هزاً حتي ضجَ وصاحَ بوجهِ المُشرّع..أها.. وكيف ناوي تَعمل بي قُلوبنا وحَنانا ؟
تراجَعت المَواسِم المَسرحية وغَدا الغَناءُ عَرضةً لتخَاصُمِ المُنظريّن الأخَفياءُ جِدالاً حولَ الحِلِ والحُرمَة والأمورُ المُشتبهِات حتي صِيغت علي عجَلٍ قوانينَ وأوامرَ مَحلية ضدَ الحُريّات لتحدَ من حركةِ الإبداع وتُحاكمُه من خَارجه.
إذاكَ فَقدَ السُودان جُزءً نادراً من الآثار التي تَدلُ علي حَضارته التالدةُ ولقد تم تهريبُ مُعظمها للخارج من قبلِ بعضِ المُتاجرينَ ليصمتَ عُلماءُ الآثار مُكرهينَ وهم يَتغاضُون عن ذلك في حَسرةٍ خَشيةَ إتلافها من قِبل الحُكومةُ وهي تتغافلُ عن قِيمتها بتفكيرها (السَلفي ) المُضطرب الذي يَنكِصُ إلي الماضي دونَ استبصارٍ بُمقتضيات العصر.
حِينذاكَ كادت مَكتبةُ تلفزيون السُودان الذاخرةُ تَتلفُ جُملةً واحدةً بفعِل ( الهوس ) الذي تَلبسَ البعضُ وقتها وقضي بحَرقِ (نفائس ) من عُيونِ الحَقيبة ومن شِعرِ المُحدثين الرقَراقُ لمُجردِ ورودُ كِلمةُ خَمرٍ أو كأسٍ أو غزلٍ رفَيعُ ولولا أن قَيّض الله بعضُ العاملينَ بالتلفزيون استهمُوا لنقلِ بعضِ الأشرطةُ إلي أمكنةٍ ومَظانَ أمَينة لضاعَ إرثٌ عظيم.
ثُم تمضي الأيامُ وتلفزيونُ السُودان ذاتهُ يعودُ يَتجهُ نحو الإنتاجِ الدرامي بصورةٍ مُكثفة رغمَ (المحاذير ) ولقد كان لوجودِ الاستاذ السرالسيّد علي إدارة الدراما دورٌ مُهم فالدراما عملٌ يُصوبُ نحوَ المجتمع ويُعبرُ عن الهُويّةُ ويُسهمُ في التنميةِ الثقافية والحِراك المُجتمعي.
الإنتاجُ الدرامي في تلفزيون السُودان يَنهضُ في خطٍ مُوازٍ له حينذاكَ مِهرجانُ ليالي البُقعة المسرحي والذي جعلَ ليومِ المسرحِ العالمي مِيقاتاً لانطلاقته ولنشاطهِ ولقد كان سانحةً للشباب للتنافُسِ في شرفٍ مُروم يُوظفُ طاقاتهِم ويَعكسُ ابداعاتهم فالمسرحُ أبا الفُنونُ ولاريّب.
مهرجان ( البقعه) يُعتبرُ نشاطاً أهليّاً يقومُ به المسرحُ الوطني حُراً بلاقيد ثم هو لأهميتهِ التي ثابرَ لإثباتها يلفتُ نظرَ المُؤسساتُ الرسمية بما فيها وزارةُ الثقافة ورئاسةُ الجمهورية وجِهاتٍ أخري عديدة كيفَ لا وقد غَدا مِحفلاً حَاشداً ومَوسماً لإحياءٍ ثقافيٍ جَامع يضجُ لمُتابعته جُمهورٌ عريضٌ يتدافعُ نحوَ المسرحِ القوميٌّ بامدرمان.
نشاطُ (البقعة ) المَسرحي هو من بناتِ أفكارِ الأستاذ علي مهدي ومن مشروعاته اللافتةِ وهو بُرغم ما يُلاقي من نقدٍ في سبيلهِ ومايَجترحُ مَسعاهُ فيه من مُمانعةٍ واتهاماتَ من قِبل البعضِ سواءَ من المسرحيين أو الكاتبينَ إلا أنه مَضي نحو التأسيسِ لنشاطهِ بصورةٍ مُتقدمة ليتشاركَ (البقعة) في لياليهِ عددٌ من الفِرقِ والجماعاتِ المسرحية من أوروبا ومصرُ والدولُ العربية في تظاهرةٍ لا تستطيعها وزارةُ الثقافة التي يتناوبُ حَقيبتها كلَ تعديلٍ وزاري من يَسترضُون حِزبهُ وجماعتهِ في قٍسمةٍ ضِيزي تَضرُ بقطاعِ الثقافة وتَذّري بدورها في رتقِ النسيجِ الاجتماعي والوحدةِ المرجوةِ.
الاستاذ علي مهدي بعلاقاتهِ الخارجيه الواسعة ومُشاركاته في المهرجانات الاقليمية والدولية المُختلفة وبمُقترحاته واطروحاته الثَرة لإغناءِ الثقافة الوطنيه وبفصاحتهِ المُبينة لايحفلُ بشنآنِ أحد اختلفَ الناس معهُ وحَولَ مَواقفهُ أو ناصَروه فالبُقعةُ عملٌ نافع يتطلعُ المسَرحيون من خِلالهِ أو عَبرَ جهودِ آخرينَ لإستعادةِ خَشبةِ المسَرحِ جُمهوُرها وإلي حُكومةٍ تعودُ بالإنسان السوداني إلي ما قَبلِ برامجِ إعادةِ صياغتهِ وترجعُ بالنشاطِ الثقافي إلي سابقِ عهدهِ قبلَ إنقاذِنا ببيانِ العَميد المِظَلي عُمر حَسن أحَمد البشير.