تقارير وحوارات
أخر الأخبار

عَبدالرحمن الخَضِر وحصةَ الدين في السُودان

بقلم/محمدعكاشة

كانَ الإمامُ أبوعبدُاللَه مُحمد بن إدريس الشافعي صاحبَ (المذهبيّن) عالماً فقيهاً زاهداً كثيرَ الصَومِ كثيرَ الصلاةِ منْ الليل.
ذاتَ يومٍ حلّ ضيفاً عند أحدَ تلاميذه تلبيةً لطلبهِ يجْبرُخاطرهِ ويقبلُ دعوته للمبيتِ عندهُ ليلةً ليأتيه الرجلُ بمائدةِ العَشاء وقبلها كان قدْ هَيأَ للإمامِ مرقَده ومُصلاهُ وحينَ فَرغا من الطعام ودعهُ وذهبَ إلي مَخدعه في ناحيةٍ من البيت وعندَ صلاةِ الفجرِ نهضَ الرجلُ ليَلقي الإمام الشافعي (حاضراً ) ليقومَ بتحيتهِ ثم ليستفسرنّه بقوله بأنك البارحة ياسيّدي لم ترفع يدكَ عن (قَصعة) الطعام حتي نضبَ بآخرهِ ثُمّ كما وأنكَ آويتَ إلي فراشك باكراً لتغطَ في نومك حتي مطلع الفجر.
الإمامْ الشافعي أجابَ دعوة الرجل وهولا يعرفُ أنها (إختبارٌ) له ثم هو يُجيبهُ بأنهُ إزدردَ طعامه بٱخره لأنهُ قد وردَ في (الأثر) بأن البركةَ في إحسانِ الطعام وإناءِه وقد لايعلمُ المرءُ أينَ تكون أفي أولهِ أم بٱخرهِ كما وأنني لم أخلُد البارحة إلي النومِ قطّ وإنما بقيتُ مُتيّقظاً في فراشي الليلَ كلهِ حتي فرغتُ من مُراجعةِ ألفَ حديثٍ شريف وانتهيتُ من حلِ ألفَ مسألةٍ حتي نادي مؤذن الفجر.
حينئذٍ أُسَقط في يدِ الرجل الذي جاء يختبرهُ حينَ علمَ بأن الإمام الشافعي يُصلي الفجرَ بوضوءِ العِشاء.
عبدالرحَمن الخَضِر والي الخرطوم الأسبق والذي تداولت الوسائطُ خبراً بهُروبه قامَ صباح يومٍ وهو في غَمرة (السُلطة) ذاتُ البريق يزدهي برُفقاء يشهدونَ معه صلاةَ الفجرَجماعةً بالمسجد لتحتفي بعضُ الصُحف بهذهِ (الفضيلة) وهي تَترجي بركاتُ (الولي) الصالح ونفحاتهِ فالذي يُصلي الفجر جماعة فهو في ذمةِ الله حتي يرجع ومن كان في ذمةَ الله لايخرمُنّها بمظلمةٍ أو مفسدةٍ أو يتَحرّي الكذبْ ويتخَفي ويُوليّنَ الأدبار.
الخَضرحينذاك تضجُ ولاية الخرطوم بفسادٍ عظيم يتسربُ من مكتبه خلسةً وتفوحُ رائحتهُ لتزكُمَ الأنوف ليقضي ضحيةَ ذلك الشاب الملازم غسان في ميتةٍ مُلتبسةً تُحيطها الشبهات.
الإمام الشافعي ليس بظفرهِ أمثالُ الخضر ورُفقائه الذين زعمَ عند الفجر يُصلون جماعةـ ولا قياسَ هاهنا علي الإطلاق بين الإمام والخضر- أستفغرُ الله- وإنما هي حصة (الديّانة) التي تجعلُ اللهَ عُرضةً للأيمان بغير برٍ ولا تُقاةَ ولاإصلاحَ بين الناس والعياذُبالله.
حصةُ (الدين) في عهدِ والي الخرطوم لم تنتهي عند زهوهِ بشهودهِ صلاةَ الفجر كما يُباهي وإنما قد إصطنعَ لها و(زمرته) صوراً أخري من خلال عمل المحليات والمعتمديات للجباية بشعارٍ كَذوب وهو (تعظيم) شعيرة الصلاة.
فالمحليات كانت تأمرُبإغلاق المحال التجاريه لصلاة الجمعة وتفرضُ إتاواتٍ علي المُخالفين وهذه واحدةٌ من القوانين الغاشمة التي لاتبتغي وجهَ الله لتغدو ذريعةً للجبايات وزيادة إيرادات المحليات ورئاسة الولاية بينما المواطن في صلاتهِ يضرّعُ بالدعاء علي مظالم الحكام.
الدكاكين في الأحياء كانت تغلق أبوابها من العاشرة والنصف صباحاً قبل أن يشري الناس احتياجاتهم وفي سؤالي لأحد أصحاب البقالات أجاب بأن القصة صارت حالةَ تربصٍ مُتعمد من موظفي المحليةوهم ذاتهم لايصلون الجمعة ولايستغفرون.
حالة أخري وهو عم ابراهيم الخضرجي يحكي لي ساخطابأنه حين النداء لصلاة الجمعة يذهب ويترك ابنه ذي الأربعة عشرة عاماً يحرس تربيزة الخضار بعد تغطيتها بقماش حيث لابيع ولاشراء حتي انقضاء الصلاة ومرة عادمن الصلاة ليلقي ابنه اعتقل وتم رفعه في (الدفار ) وذلك لإرغامه علي دفع الغرامة مقابل فك إبنه.
قصة أخري..صاحب بقالة يصلي الجمعة في مسجد الحارة الخامسة مع الشيخ محمدعلي الذي يصلي الجمعة باكرا ويخطب مختصراً مُفيدا.
الرجل إذا قُضيّت صلاة الجمعة يؤوب إلي متجره ويسعي في رزقه ليدهمه عسس المحلية غير أنه رجل حجة لا يخشي مجابهتهم ساخراً (تاني اجيب ليكم إيصال من الإمام بأني صليت والاشنو)؟! لقنهم درساً لم ينسوه ولم يعودوا اليه ثانية ولم يؤدوا الصلاة مع الجماعة.
بل إن معظم الصيدليات في الغالب الأعم يعملن بها فتيات ليس عليهن جمعه ولاجماعه ومع ذلك يُغلغن حسب الأوامر المحليه برغم طروء حالات إحتياج لأدوية عاجلة للمرضي لإسعافهم خصوصاتلك التي بجوار المشافي والمستوصفات.
مثل هذه القوانين التي سنها عبدالرحمن الخضر وزمرته هي نتيجة هوس مرضي وكذب باثولوجي ولاعلاقة لها بالدين ويجب إسقاطها جملة واحدة.
حصة (الدين) هذه تذكرني والدنا الخليفة عبد الواحد حفيد راجل أم ممرح الشيخ الطيب ودالبشير رحمهما الله والذي هاجر منذ عقودٍ إلي الحبشة وأقام (مسيده) بمدينة أديس ابابا يدعوا الناس إلي دينٍ لا غُلو فيه ولا شطط.
الخليفة عبدالواحد يلتقي حينذاك الرئيس الاثيوبي الراحل ملس زناوي في لقاءٍ جامع مع أئمة وعلماء المسلمين بالحبشة للتفاكر حول التعايش الديني ودورهم في وحدة إثيوبيا ثم وحين أطمأن بعض (السلفيين) إلي الرجل طلبوا إليه علي إستحياءٍ أن يعلن يوم الجمعة إجازة عن العمل.
ملس انتفض بوجه هؤلاء هبةً واحدة وحآجهم دون تخليط بأن يومَ الجمعة بنص القرآءن هويوم عملٍ للمسلمين فحين تُقضي صلاة الجمعة أمرهم بالإنتشاروالسعي لكسب الرزق.
لم تنتهي حصة (الديانة) بعدبينما تتعثرُ خُطوات محاسبةِ المفسدين لرد المظالم والحقوق لأهلها.
____________
صحيفة صوت الأمة-
الأربعاء16اكتوبر2019
Ukasha22@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى