السبب فى ” السرير” المسكوت عنه فى العلاقات الجنسية (2)

بقلم/الدكتور فخرالدين عوض حسن عبدالعال
يقول شاعرنا الفذ ادريس جماع طيب الله ثراه:
إنّ حظّي كدقيق ٍ.. فوقَ شوكٍ نثروهُ
ثمّ قالوا لحُفاةٍ يومَ ريح ٍ إجمعوهُ
صعُبَ الأمرُ عليهمْ .. قلتُ يا قوم ِ اتركوهُ
إنّ من أشقاهُ ربِّي .. كيفَ أنتم تسعدوهُ؟
واخشى ان اقول ان حال بطل قصتنا اليوم قد يفوق ادريس جماع فى خيبة حظه…
بطلنا اليوم، كان له صديق مهندس سيارات، يصف حالته فيقول عنه بان ” كهربته زايدة”!! وينصحه بسرعة الزواج، وخصوصا وانه رجل يخاف الله ولايريد ان ” يقع فى الحرام”.
التقيت به فى انجلترا وكان الوقت صيفا، وقد تزاملنا فى السكن الجامعى المختلط، وكنا عندما نخرج الى الساحات الخضراء فى الجامعة، نرى ازهار وورود انسانية، اشكال والوان، فهذه زهرة شقراء سال من شعرها الذهب وتدل وانسكب، وترتدى ملابس قصيرة يتلاعب بها الهواء فيكشف محاسنها، وتلك سمراء لعلها من غابات الامازون ونسبة ملبسها الى جسدها الفارع بالكاد تصل نسبة ” كموشنات”، الفساد فى الدول الافريقية، وفى الوسط زهرة هندية ترتدى فستانا قصيرا مزركشا وتفوح منها رائحة سحر القارة الهندية ..وفى الاطراف تنتشر كروش ونهود افريقية وقد اختلطت بمؤخرات الويست انديز الضخمة التى تشبه تاكسى لندن الاسود الشهير ..
وبينما كنا شباب صخب وضجيج، ونتأمل هذا السجاد العجمى المزركش بكافة الوان واشكال العالم فى هندسة بديعة ..ينتشر فى مساحات خضراء تحيط بها اشجار انجلترا ذات الجمال الخلاب فى بداية فصل الصيف ووداع الربيع الانجليزى الساحر ..
كان صاحبنا يغض من بصره، ويستميت فى الحفاظ على عذريته ..
وفى المساء وبينما كنت اعد كباية شاى مقنن تنسينى عربدة هذا العالم من جنس وخمر وامر ..سمعت صوت صاحبي يأتينى متسربا ما بين اهات وانات سكان الغرف المجاورة التى تشهد معارك ضارية وكأننا فى غابات استوائية اختلطت فيها اصوات جميع الحيوانات ..
صاح صاحبي: فخرالدين يا صاحبي ..لم اعد اتحمل، وافكر فى الزواج اليوم قبل الغد ..
رديت عليه بحزم: جهز الرسك ( وهو الكيك الانجليزى المجفف)، الشاى المقنن قرب ..وجاييك اسمع بلاوييك ..
ومع الشاى المقنن والكيك المجفف، بدأت وصاحبى نتناقش فى مسالة زواجه، وقد اخبرنى انه كان مشغولا اثناء دراسته الجامعية بالدراسة والسياسة، ورغم علاقاته الواسعة، فانه لم “يقع” فى الحب، ولم يتبنى شريكة او حتى صديقة مقربة، وانه كان يهاب ” الاختيار ” كثيرا ..
اخبرته ان الزواج مثل البطيخة، ويلعب فيه الحظ دورا عظيما، ولكن فى نفس الوقت فانه يحتاج الى معرفة وثيقة قبل الارتباط، واننى ارى الامر بمنظار صديقنا الذى يدرس هندسة السوفت وير /البرمجيات، فان اى برنامج لا يتوافق مع اى سيستم كان، لذلك لابد ان يكونوا منسجمين ومتسقين مع بعض
compatible
لكى يستطيعوا ان يعملوا معا ..
وان صديقا اخر يرى المعايشة لفترة قبل “توقيع العقد” وذلك للتأكد من كل شئ..
وضحكنا ونحن نذكر مناسبة زواج حضرناها فى الكنيسة، وكانت العروس يسير من خلفها اطفال صغار يحملون الفستان، وهم فى حقيقة الامر اطفال الزوجين!!
ويومها اذكر ان احد زملاؤنا العرب، كان فى قمة القلق على دخول الكنيسة، وهو يهمس لى: هل الامر حلال ام حرام ..فضحكت ورديت عليه: يعنى يا صاحبي امس فى حضنك العشيقة وامامك زجاجة الويسكى ..وتتسلى فى صالة القمار وجاى تسألنى عن دخول الكنيسة حلال ام حرام ..
وضحكنا وقتها بشكل غير لائق حتى انتبه الحضور ..وكان لحظتها القس يردد: امين.
وبينما الشاى المقنن ” يمخمخ” فى راسى وهو مزاجى الاوحد، قلت لصاحبي: شوف يازول ..قصة انك ترسل لى امك واخواتك يختاروا ليك عروس، هذه مغامرة غير محسوبة العواقب، وانها امر يشبه البطيخة ..وارى ان تأجل الامر ..وامامك الان طريقان لا ثالث لهما:
الاول: ان تنهمك فى دراستك وتبدع فيها وتمارس الرياضة، لكن ابعد من حوض السباحة، فان فيه اسماك ملونة “بتجيب خبرك” ..وعندما تحس بالضغط النفسى الجأ الى مصحفك.
والثانى: ان تتخذ خليلة ..girl friend واحدة وبدون لخبطة، ومن يعلم فقد تستمر معها طيلة الحياة.
فصاح: يا زول انت زول “فاكة منك” ..انا سوف اتزوج بالدرب العديل ..
ولم يمضى على نقاشنا وقت طويل حتى وصلت عروسه الجميلة من السودان، بنت اصول، وحسب ونسب، واخلاق رفيعة حد سماء، ودين، وست بيت ممتازة .. لدرجة ان جميع من حوله اصبح يغير منه والبعض يحسده ..
ولكنى استطعت ان المح على محياه حزن يحاول ان يخفيه، بابتسامة تعودنا عليها فى محياه الوضئ!
ولم يمضى وقت طويل حتى اتصل على، وقال لى انه يريدنى فى موضوع خاص وحساس ومهم جدا ..
وعندما فتحت له الباب، احتضنى بقوة، رغم اننا مع بعض دوما، وقد لاحظت حينها ان الدموع قد “تجمدت” فى اعينه.
قلت له دقايق احضر لك الشاى المظبوط ..وانا اعلم انه مثلى عاشق للشاى ..فامسك بيدى واجلسنى: لا اريد شئ ..اريدك ان تسمعنى ..بقلبك وعقلك معا ..انا تعباااان شديد يا اخوى ..
خير مالك يا زول خلعتنى ياخ ..رديت عليه
اجاب: شوف يا صاحبي انا اعيش مأسأة تقتلنى فى اليوم الف مرة ..وكل من حولى يرانى اعيش قمة السعادة ..
زوجتى بت حلال وما مقصرة فى اكلى وشرابى وملبسى وبيتى ..وما فيها كلام صبورة وخلوقة وكل شئ ..الا شئ واحد بس ..لا تحب الجنس اطلاقا، وتراه امر حيوانى وتفضل القبل والرومانسية والكلام الحلو، وكل ذلك افعله واكثر ولكنه يقود الي “السرير” وهنا تكمن المأساة، فانها لا تجد لذة فى الامر، وتكره تكراره، وتفعله معى مجاملة احس بها، وذلك امر يقتلنى اكثر واكثر ..
وافادنى انه يشعر فى كل شئ تفعله بمحبتها له، الا فى السرير، وانه قد سألها ان كانت تكره ذلك معه، فاجابت بانها قبل الزواج كانت معجبة به وهو لا يعرفها، وبعد الزواج احبته وفرحت به زوجا، وعندما سالها عن سبب نفورها من الجنس اجابته انه يحب الجنس اكثر من “اللازم” ويركز فيه كثيرا وان هذا امر لا يعجبها فيه ..
والمضحك المبكى انه ختم حديثه بقصة حدثت له قبلها بيوم، عندما عاد متأخرا من الجامعة، فوجدها “مولعة” الدخان وريحة البيت خمرة ودلكة، وفرح قلبه، بانه اخيرا سوف يكون زوجا حقيقيا، وصاح فيها جزلا: يا سلام عليك يا زوجتى الجميلة ..سوف اشاهد فيلم توثيقى حتى تخلصى ..
وعندما طال الوقت خرج يستطلع الامر فوجدها تغط فى سبات عميق وكأنها “جثة” هامدة!!
فنام الى جانبها والدموع فى عينيه، بعد ان حاول ان يوقظها بلطف ..ودون جدوى.
ونصحته ان يعطيها فرصة، ويعطى نفسه ايضا فرصة، وان يدللها ويحنو عليها، وكأنها طفلته، وخصوصا وانها تركت اهلها واسرتها كلها وجاءت الى بلاد غريبة وبعيدة، وليس لها فى الدنيا غيره ..
واستمع لنصيحتى بمحبة وتقدير ..
ولكن ماذا حدث له بعدها لكى يكون رفيقا لادريس جماع فى نحسه?!
هذا ما سوف نستعرضه فى الحلقات القادمة ..
كونوا معنا ..
خليتكم بعافية
د. فخرالدين عوض حسن عبدالعال
#المسكوت_عنه_والسرير