منوعات
أخر الأخبار

آخر حب وأول

 

بقلم/محمدعكاشة

أكتبُ نيابةً عنه وقد شقيتُ بدرسٍ مُستفاد من علاقةَ حُبٍ تكادُ تُضارعُ بطل “طوق الحمامة” لابن حزم الأندلسي الظاهري.

هو يبّتدرها بعد تعاقبِ الأيامِ والأحزانِ والتجارب المريرة المختزنة في ذاكرةٍ عتية عصيةٍ على النسيان.

ابتدرها بالصدق هكذا :-

( أحببتك مُنذ أولِ لقاء..حُبّاً ملك شغاف نفسي غير أني لم أكُ أعرفُ الحكمةَ من وراء عدم الإرتباط حين لثمتُ قُبلةً أتلمّظُ ذات لقاءٍ مشحون عامئذٍ.
ثم ليمضي كلٌ إلى غايته تهيمُ الخُطي في دروبٍ مُوحشة لنعودُ نلتقي كرةً أخرى نلتزمُ نقطة المُبتدأ بذات الإحساس المُتدفق)

هو فتيً مُختلفٌ علي طريقته وصاحبُ طريقةٍ مختلفة في التعبير عن الأشياءِ والأحياءِ أو هكذا يبدو في سمته وأسلوبه.

عاد يُسآل نفسه في حالة استرسالٍ ذاتي..ماذا لو أنه تزوجها وقتها في شرخِ الشباب الأول ؟!

هل كان بالإمكان المحافظةُ على تجربة الحبّ في إطاره بذات الدفق الحاني وبذات القدرة التي ندّت لتجديد طاقات العشقِ الأول وهو عشقٌ مُضني ومدنفٌ وشديدُ التوهج.

الحكمةُ يسبِر غورها بعد تجارب نفسيةٍ عصيبة مرّ بها وعلاقاتٍ إنسانيةٍ عميقة الأثر في تجربته وأكثرَ غنيٌ وثراء.

استقر في خلدهِ مفهومٌ فلسفيٌ عميق يُؤكد حرصه علي إحساس الصدقِ نحوها غير عابئٍ بشئٍ وهو شعورٌ مُفعمٌ بالحبِ قبل تجلي الصدقِ فيه ففي تصُوره بأن الصدقَ مثلُ الحديدِ يفّل ثِقلهُ الحديدُ ذاتهُ.

هو في لحظاتِ الوصالِ الأخيرة يصلهُ اختلافٌ يستبيّنه في النظراتِ الدامعةَ العينين وفي الرغبةِ الجياشة.

هو يعودُ طماحاً بالمعاني عامرٌ بالدلالات وقداستكملَ شروطاً موضوعية بأن يغدو معافىً ومُتسقاً ذو إرادة.

هو يستشعرُ وجودها بذاتِ الإحساسِ في خاطره مع الضوءِ الشارد قبل حضورها الفيزيائي أمامَ ناظريه.

هي ذاتُها تبذّلُ تضحيةً غرّاء بغير نُقصان بأن تكونَ مهاداً لحالة حبٍ مُختلف وعلاقةٍ لافحة وروحٌ وثابة.

تناجيا ذات مساء يتلألأ بالأنوار تلتمعُ مثلَ اليراعة وتفرقا علي أمل اللقاء تحت أشعةِ الشمس وعند مساقطِ الضوء وقد أثمرَ غرسُ ذاكَ الحبِ المُستهام طفلةً جميلةً..حُلوةَ العينين لتجدهما يُحيطان بها ويُنشدانِ مع معروف الرصافي:-

انظرُ إلى تلك المُعلقةِ التي سترتْ ظلامَ الليلِ بالأضواءِ

قِطعٌ من البلورِِ مُحدِقةٌ بها يَحكين شكلَ أصابع الحسناء

فكأنها بدر تلألأ في الدجى وكأنّهن كواكبُ الجَوْزاء

بل قد يُمثلها الخيالُ كأنّها قمرٌ أُحيطَ بهالةٍ بيضاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى