عمود رياضي

 منتخب عصافير الجنة (صقور الجديان سابقاً)

(جد وهزل) ب

بقلم دكتور/عبد المطلب صديق

غابة (كندوة) تلك الأرض السهلية التي ينتهي اليها وادي برلي، أعظم وديان ولاية جنوب دارفور، وتمثل مصبه الأخير، هي الموطن الأصلي لصقر الجديان، ذلك الطائر النادر جميل الشكل، ذو العين الحمراء الصارمة والاعتداد الشديد بالنفس، حتى انه لا يطارد كل شاردة وواردة من الصيد، بل يتخير أحلاها وأنقاها وأثراها ثريدا ولحما طرياً.

هذه العزة النادرة بالنفس، هي ما دفعت الرئيس السابق جعفر النميري، اختيار صقر الجديان، رمزا للسودان والسودانيين. وبعد نصف قرن على ذلك الاختيار لم تعد قيمة السوداني بتلك الصفات. ففي الاقتصاد أصبح الجنيه السوداني (ملطشة) العملات وأقلها قيمة. وانطبقت عليه المقولة الشهيرة (لا يساوي الحبر الذي كتب به) ولا الورق الذي طبعت عليه تلك العلامات المائية والألوان الجميلة.

ومن زاوية الرياضة يسهل النظر الى بقية الحكاية والرواية. ويوم أمس قاد القائد (البرهان تية) فرقة صقور الجديان بإرثها القديم الى معركة نواكشوط وكعادتنا في التمادي بالأحلام كنا نمني النفس، مدربون واتحاد عام واداريون بفوز عريض على موريتانيا، نعيد به ذكرى امجاد اول كاس افريقية فاز بها السودان، بين ثلاثة دول شاركت في تلك البطولة. ويبدو أن فوزنا جاء بسبب غياب الاخرين وعدم معرفتهم بكرة القدم وليس بمهارة لاعبينا كما تقول الاحصائيات. لغة الأرقام تقول ان ذلك الفوز كان اليتيم والوحيد لكنه لم يحرك فينا ساكنا ابداً وما زلنا نطرب لإبداعات صديق منزل وجكسا وحموري وقاقرين وبشارة عبد النضيف. لغة الأرقام تقول: ان المدرب الموريتاني أمير عبدو القمري الجنسية، تم اختياره بعناية بعد ثلاثة هزائم لمنتخب المرابطين وان الاتفاق معه بهدف انتشال الفريق من وهدة الهزائم. ولغة الأرقام تقول ان المنتخب السوداني لعب 16 مباراة لم ينتصر في أي منها، وان المنتخب الجزائري لعب 17 مباراة وخسر مباراة واحدة فقط وعند الهزيمة تم تسريح أربعة لاعبين من الفريق ولم يتحدث أحد عن سيرة الحكم. ومع ذلك ما نسمعه من زعيق الإداريين عندنا لا نسمع له مثيل في كل القارة الافريقية.

المنتخب السوداني كان الحسنة الوحيدة في خط دفاعه هو القائد صلاح نمر، وهو في عمر زين الدين زيدان الذي يفكر في اعتزال التدريب لان عمره لا يسعفه على مجاراة رهق المباريات وارشاد اللاعبين وهذا يعني ان المنتخب السوداني لا يفكر في المستقبل ولا يهمه بناء فريق لمقبل الاستحقاقات. لغة الأرقام تقول ان منتخب عصافير الجنة لم يتمكن من تسجيل هدف خلال المقابلة الا من حالة تسلل صريحة ومن أبجديات كرة القدم يمنع إعادة الكرة الى من لعب الضربة الركنية لأنها لا محالة ستكون حالة تسلل، والحق يقال ان اللاعب كان ماهرا في الاستفادة من التسلل مثل مهارة لاعبينا داخل الميدان وخارجه في ارتكاب المخالفات.

المؤسف ان المدرب القائد البرهان اعتذر بظلم التحكيم البشع لفريقه، وهي بشاعة كانت واضحة في عدم منع الحكم لا بوبكر كمارا من العبور وهو يتجاوز لاعبينا الواحد تلو الاخر دون ان يوقفه عند حده، وهي بشاعة واضحة وضوح الشمس لان الحكم لم يطرد حارس المرابطين وهو يبعد أخطر الكرات ليترك لنا الملعب مشرعا لهجماتنا الخجولة.

لقد كان الحكم بشعا وهو يترك لاعبي الوسط الموريتاني يسيطرون على الميدان ولا يملك الشجاعة بإبراز البطاقة الصفراء في وجوههم ليعوا الدرس.

نسي برهان تية ان يقول ما ذنبي، والمنتخب ظل لمدة ثلاثين عاما يعاني من نير دكتاتورية الرئيس المخلوع البشير الذي حرم الابداع على لاعبينا وجعل من تسجيل الأهداف ذنبا لا يغتفر وجريمة أخلاقية تستحق أشد العقوبات.

برهان تية على كل أفضل من المدرب السابق مازدا فقد كان يخسر بالأربعة، لكن برهان تمكن وبجهد جهيد من تقليل الخسائر لتصبح بالثلاثة، وفي ذلك فضل لو تعلمون عظيم. ولولا الحكام لكان منتخبنا اليوم ضمن الفرق المؤهلة لمونديال قطر 2022، ولكن ماذا نفعل( ما بتدي حريف).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى