منوعات

دكتور بلدو..الإنسان عبارة عن جبة وخرقة ومرقوعة وأى فنان أو اشتراكي فهو متصوف

بقلم/محمدعكاشة

تعتري المرءُ حالاتُ إنحصارٍ نفسي وهي حالةٌ مُوجبة رغمَ الانقباصُ والشُعورُ بالضيق المُستبد وهي “ حال ” عند الصُوفيّين المُخبتين و” مقام ” هو تهيئةٌ للمُريدِ السالكِ للترقي ولتلقي الفُتوحات والتنزُلات العِرفانية.
على المستوى الشخصي لستُ بالغاً مِعشار السالك علي طريقة “ السمان ” رغم تعَميدي منذُ عقود فأنا منتمٍ إلى والدنا سيّدي أحمد الطيب ودالبشير “ طريقة وقبيلة ” وحين تستهمُني مثلُ هذي “ الاحوال ” أخفُ إلى “ أم ممرح ” فوق جَبلنا حيثُ الإكسير معدنا.
عكفتُ ولازلت علي قراءاتٍ مُعمقة في كتُب الصوفيّين الأولين وأقرأُ بانتظام “ المواقف والمخاطبات ” لسيّدي محمدبن عبد الجبار النفري المولودُ في قرية نَفر ببغداد وعاشَ إبان حكم الدولة العباسية.
النِفرّي يكتنفُ تاريخهُ وحياته غموضٌ إلا من إشاراتٍ مبثوثة في بعض الكُتب غيرَ أنه بكتابيهِ المواقف والمخاطبات ملأ الدنيا وشغل‌ الناس خُصوصاً أهلُ الاشتغالِ بالتصوف والعرفانين وأهلُ الإشراق بل وغَدت إحدى مُكاشفاته “ إذا اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة ” غدت هذه منتديً للتداول ليس بين المتُصوفة وإنما جاءت بآخرهِ استدلالاً في مناهج واتجاهاتِ الأدب والشعرِ الحديث مما أوفاهُ الدكتور مصطفى محمود في كتابه “ رأيت الله ” الواسعُ الانتشار.
هذه مقدمةٌ لازمةٌ وكتابةٌ دالةٌ على علاقة الصُوفييّن ودراساتُ علم النفسِ الحديثة ومباحثُ السُوسيولوجيا وذا يدفعُ بي إلى القول بأن صَديقنا دكتور علي بلدو يطرقُ باستمرار علي الصوامتِ والمسكوتات في المُجتمع السوداني من خلال اختصاصهِ في مجال علم النفس بما ظلَ يثيرهُ من قضايا ويكشفهُ من أحوال الناس.
الدكتور علي بلدو يكادُ لا يُخفي البُعد الصوفي كمُكون في شخصيته وفي شخصية كل السُودانيّين.
الدكتور علي بلدو وأنا عند مقامِ سيّدي أحمد الطيب بأم مرحى وفي حالةِ “ تخاطر ” يبعثُ لي بصورته في جلبابه “ اللخدر ” تجدونها طيّ هذه المقالة.
بلدو المولود في حي ودنباوي بامدرمان تشحذُ ذاكرتهُ منذُ الصِغر أصواتُ ذكر السمانية الخلوتية الانفاسية من مسيد الشيخ قريب الله حفيد سيدي أحمد الطيب “ راجل ام مرحى” وشيخُ الطريقة السمانية في السودان.
الدكتور بلدو بتطوافِه منذّ الصغر تَعرف علي تراث الصوفية حيث أكمَل دراسة كتب الجنيد وابن عربي والحلاج و الجيلاني وداووين النظّم العرفاني و غيرها وهو في السنةِ الخامسة المرحلة الابتدائية.
ثم هو = بلدو = يجزمُ يعتقدُ بأن كل فنان هو مشروعٌ لصُوفي وكل من يعتنقُ الاشتراكية فهو مُتصوفٌ شاءَ أم أبي وأنَ الانسانَ كله في حالِ ذكرٍ من نوبة القلب الي حركة الأرجل إلى التنفس و غيرها، بجانب أنَ الإنسان نفسه عبارة عن جُبة و خِرقة ومرقوعة، فالعينُ و الاسنان و الشعرُ و لونُ الشفاة، و الاظافر و الصُرة و الساق و غيرها ما هي الا “ رقع ” والجميع سالكون الي الله و لكن بطُرقٍ مختلفة َ و لكنها تجتمع في النهاية في طريق واحد، حيث انَ كل الطُرق قد اُغلقت الا طريقُ مُحمد، و نمشيهُ بالشريعة و نعبرُ بالطريقة، حتي نصلَ للحقيقة.
الدكتور علي بلدو يارعاك الله..إذا اتسعتِ الرؤيا ضاقتِ العبارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى