نظرية أحمد ديب وتأثيرها على سوق العمل

(جد وهزل)
بقلم/دكتور عبدالمطلب صديق
أعادني الزميل محمد عكاشة الى صالة تحرير (أمل) بعد ربع قرن من السنين العجاف بعيداً عن ردهات الصحافة السودانية. ووجدت أن أفضل ما اكتب عنه هو واقع البلد الاقتصادي في ظل التفسيرات المنطقية التي أطلقها العالم الاقتصادي الفذ أحمد ديب عام 1992 عندما قدم استقالته عن العمل لأن راتبه الشهري لا يكفي مصاريف المواصلات والافطار والغداء خارج منزله. ولفائدة القراء الكرام فان العالم الاقتصادي أحمد ديب كان يعمل مساعد خفير بالدرجة العمالية السابعة عشر، في الصحيفة الحكومية الأولى التي ورثت مجد دار الأيام التليد في مسيرة الإعلام السوداني. وتتمثل عبقرية أحمد ديب في انه لم يجهد نفسه بتلقي العلم في أي مدرسة أو معهد أو جامعة سوى جامعة الحياة المفتوحة التي كان يمشي فيها على وجل وحياء وخجل.
وربما يتعجب البعض كيف يطلق على رجل بهذه الصفات لقب عالم وفي الاقتصاد وان تنسب اليه نظرية بكل ما تعنيه كلمة نظرية من منطق واختبار وتعميم وقيمة علمية وعملية ومطابقة للواقع وقدرة على التأثير على حياة الناس.
يتقاضى احمد ديب على مهنته الوضيعة 10 الاف من الجنيهات في حين أن مصاريف مواصلاته الى مقر عمله تكلفه 15 الفا بينما يحتاج الى 15 ألف أخرى، يتدبر منها ثمن وجبة الإفطار والغداء. وكان ابنه الذي تخرج لتوه من المدرسة الثانوية قد عمل نجارا وأصبح يمنحه عشرين ألف جنيه لسد الفجوة بين المصروفات والدخل. وفجأة اهتدى احمد ديب الى فكرة ذكية فقد قرر تقديم استقالته والاحتفاظ بعشرين ألف جنيه يدفعها ابنه لأنه اكتشف انه يدفع من جيبه وحر ماله ليتمكن من أداء مهمته الجليلة في العمل الحكومي العام.
وتفرد أحمد ديب بانه اول من اكتشف هذا الحل السحري الذي تبعه فيه كثير من العاملين في مؤسسات الدولة وقد انقسموا الى فريقين، الفريق الأول طبق نظرية احمد ديب بحذافيرها وقدم استقالته وامتنع عن صرف ماله الخاص للحضور الى دواوين الحكومة. والفريق الثاني اكتفى بالحضور مرة او مرتين في الأسبوع الى مكتبه وأداء ما تيسر من الواجبات والانصراف الى حين ميسرة.
عزيزي القارئ إذا دخلت مكتبا حكوميا ولم تجد أحدا فاعلم ان الجهة المعنية من اتباع نظرية احمد ديب الاقتصادية التي أصبحت اقوى تأثيراً من نظريات ادم سميث وكنز وماركس في الاقتصاد. وإذا قيل لك ان هذا الموظف يأتي مرة في الأسبوع وحددوا لك يوما معينا فانت أيضا أمام أحد حواري أحمد ديب.
لعلك تتفق معي الان ، أن احمد ديب يستحق العالمية بكسر العين ويستحق ان ينطلق الى العالمية بفتحها فقد قدم للإنسانية نظرية متكاملة يتبعها الالاف من الموظفين ووجدوا فيها ما لم يجدوه في وصفات البنك الدولي وروشتات صندوق النقد ونصائح المنظمات الدولية المتخصصة في التنمية المستدامة ومحاربة الجفاف والاحتباس الحراري وخاصة تلك التي تسهر على محاربة الفقر.