ثقافة وفنون
أخر الأخبار

سند والفيتوري وقصص أخري

بدون زعل

بقلم/عبدالحفيظ

مصطفى سند، شاعر البحر القديم، رجل كالنسمة.. يغمرك بلطف عجيب. لا تكاد تجده متجهم الوجه أو في مزاج عكر.. تسعينيات القرن الماضي واحدة من بنات أفكار أحمد البلال الطيب أن أسند إليه رئاسة تحرير صحيفة “الدار”.. رجل يقول:-

( لو زندها احتمل الندى…لكسوت زندك ما تشاء)، يرأس تحرير صحيفة مثل الدار؟ وماذا في ذلك؟

المهم… مكتب ظريف، مكيف ضارب، وسكرتيرة جميلة..

السكرتيرة لا تناديه إلا ب “عم مصطفى”.. وطبعا الحكاية دي بتاكل جمبة مع الفنانين والشعراء وكدا.. داخل عم مصطفى، مارق عم مصطفى.. تماشي معها ريثما يلتقط أنفاسه، ثم ذات يوم ناداها “إنتي شنو حكاية عم مصطفى دي؟”.. السكرتيرة تتلعثم، تبحث عن التبريرات المتاحة، تستعرضها في ذهنها، قبل أن تختار واحدا يخفف من وطأة التبرير الحقيقي… باغتها بسؤال دقيق وحساس، كما يقول صديقنا يحي الحسن الطاهر، مرة أخرى “إنتي مش عارفة إنو أنا شاعر؟”.. السكرتيرة، مضطربة،” أيوا… طبعا”…” طيب.. يوم لاقيك شاعر عم زول في الدنيا دي؟”… ” تاني أوعك تقولي لي عم مصطفى”.. وانصرفت الفتاة الجميلة… ماف شاعر عم أييي زول..

شايف كيف؟

وانا أعد العدة لإجراء حوار صحفي مع أستاذنا الكبير، الشاعر الكوني محمد الفيتوري، ذهبت لصديقي عثمان شنقر.. رد الله غربته” شوف يا مان… عمك دا براي لا بحاورو.. لا بكضب.. بكرة نتلاقى نمشي مع بعض.. تحاور الفيتوري براك كدا… إنت زول وهم وللا شنو؟”..

المهم، متدربة جميلة معنا في الصحيفة.. أمدرمانية فاقع لونها، تسر الناظرين، اتشبكت… أصلو إلا تسوقوني معاكم.. انا لازم أشوف الفيتوري دا بعيوني ديل، وأسلم عليهو..

ولما كنا – أنا والكاشف أخوي – قاعدين على الهبشة.. وما محتاجين تحنيس كتير، أخذناها معنا إلى فندق قصر الصداقة، حيث يقيم.. اتصلوا عليه، فقال دعوهم يصعدوا…

كان أبهة.. مكتمل البهاء، رافلا في معرفته اللدنية، ذاهلا عن الوجود الأرضي.. سلم علينا بحفاوة وأجلسنا.. استبقي كف المتدربة في يده، يسألها عنها.. اسمها.. من أين هي.. قبل أن يتركها تجلس.. دخلنا في الحوار.. كان الشاعر العظيم يجيب بتلقائية، مثل شخص سئل كل الأسئلة التي تخطر ببالك ولا تخطر، من قبل.

حين فرغنا… سألها “لماذا لم تشاركي في الحوار؟”.. تلعثمت.. “أنا بستمع بس،،، هم سألوا كويس لكن… أنا متدربة جيت ألاقيك وأستفيد من الطريقة”.. استنكر أن تكون متدربة.. لابد أن تسألي بهاتين العينين الكحيلتين..

أهدى ثلاثتنا مجموعات شعرية ووقع لنا بأسمائنا… وودعنا حتى ظننا أنه سينزل معنا..

شايف كيف؟

حينها تأكدت أن المتنبى كان شاعرا عظيما.. لخص الشعراء قاطبة إلى يوم القيامة :-

فما أمر برسم لا أسائله * ولا بذات خمار لا تريق دمي

شايف كيف؟

فلنتكسر يا زول.. شنقر وأنا لا نحتاج براهين على أن التكسر، من طرف، قمة الرجالة والشاعرية والفن… يعني نعمل شنو لو ما اتكسرنا؟

*ملحوظة:-

الصورة لقناص، يقال إنه قتل طه الضرير، شخصيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى