حلاة الجمعة يومها وحلو شمبات مقيلها

بقلم/محمدعكاشة
والحَديثُ عن الكرمِ يدفعُ إلي خَيمةِ حاتم الطَائي.
شَقيقُه يَهمسُ فى أُذنِ أمهِ ونيّتهُ أن يَبذّ أخاهُ فى الكرمِ ويزيدُ والنيّةُ زاملةُ سيّدها.
الأمُ تضحكُ وتعابثُه وتقطعُ بأنه لن يستطيعَ بالغاً مافَعل.
الشقيقُ يعرفُ ذلك فى سرِه بيّد أنهُ يودُ الإسِتيثاق من أمهِ عن كرمِ أخيه الذى سارت بذكِره الركُبان وملأَ الآفاق.
الأمُ قالت لهُ إن حاتماً وهو فى المهدِ كان لا يرضعٌ من ثديّها حتى يؤتى بطفلِ جارهِ اليتيم ثم يرضعُ من بعدهِ أما أنتً فكنتَ ترضعُ شطراً وتظلُ أثناءُ ذلكَ مُمسكاً بالثانى.
الطائي حالةُ كرمٍ أسطوري وأهلُ السُودانِ قومٌ كُرماء..كرمهُم فضيلةٌ مائزةٌ لا تختصُ بجهةٍ أو قَبيلٍ وفي سيّرِ الهمباتةِ دلائلُ وشواهدُ تقودُ بعضهُم إلي مفاوزَ مُهلكةٌ فالواحدُ يسلبُ الناسَ ليٌكرمَ وفِادةُ أضيافهِ أو لسدِ حاجةِ مُحتاجٍ أو فقير.
في تاريخِنا الإداريُ فى السُودان في عُقودٍ مضت صارت عِبارةُ
alittle bit of corruption is needed
صارت هذي عَملاً هادياً لتمييزِ بعضِ الأشخاص والبيُوتات عن الأفرادِ في الخدمات والحظوةِ والتبريرُ مَنطقُه أو كما قال هو أن بعضُ بيوت العُمد أومشايخ الصُوفيةُ ضيفهُم بلاحدٍ ولا عدد وبذا فإن مُؤاخذتهُم = مثلا= على زيادةِ عددِ جوالات السُكر فوقَ ماهو مُقررٌ أمرٌ لايليق.
فى السُودان ظلت (المسايد) والعمُوديات وبيوتُ النُظار والسادةُ الصوفية داراًت لمن فارقَ دارهُ إما لطلبِ العِلم أو لقضاءِ الحاجات أو لمن تعثَر في الطريقِ والكرمُ صنوُ الجسارةِ وهو مقامُ الإحسانِ فى بلدي.
الجُمعةُ الجامعةُ والدعوةُ السامعة هى فُرصة للتأملِ والاستجمام وبعضُ المُجاملات.
هي يومٌ خُصوصيتهُ عند أهل السُودان كما الأعيادِ الحيشانُ فيه والأبوابُ مٌشرعةٌ للضيفِان وللحِبان.
عندَ أهلي يقعُد لها عمَنا البروفسور صلاح أحمد ابراهيم فضل الله اختصاصي طبُ الاطفال رئيسُ اتحاد طب الاطفال العرب.
يقعُد لها من بعد صلاتهِ الفجر حاضراً والأوراد.
يجلسُ فى الإعدادِ بنفسهِ للعصيدة ومُلاح التقلية والنعيميه والفرحةُ تسبقُه إلي الباب يستقبلُ أهلهُ والديوانُ يتسعُ للطالبين. فُحوصاتٌ وإستشاراتٌ ومُطايباتٌ بديعة.
حديثي عنه =صلاحاً = لايقبلهُ ولا يرضاهُ ولكنهُ بعضُ فضلهِ على أهلهِ وعلي الناس.
نكتبُ ذا في سودانيزاون لاين ونقتطعهُ لنصلهُ بحالةٍ تتلبسُ صَديقنا الفنان جمال حسن سعيد وهو يقرأ حينِها ويدهشُ لأحوالِ السُودانيين وكَرمهِم.
جمالُ يجعلُ من يومِ الجُمعة فرصةً للاسترواحِ ولقاءِ الاهل وللحِكايات.
ثم هو يمضي أيامَ الجُمعة ونمضي في صُحبتِه زياراتٍ إلي مقامات الصُوفيين ومزاراتهِم لحضورِ ذّكرِ (العصراوي) تلكَ أماكنُ تسبي (جَمالا) وتُلهمُ فنهُ وإبداعاتِه.
ثم هو ذاتُ جُمعة نقصُدُ بيتَ عَمنا ( الأرباب) بابكر في منطقةِ العجِيجة كرري ونحنُ في طريقنِا إلي (أم ممرح) الشيّخ الطيب.
الأربابُ يقومُ إلي كبشّ سَمين ليَذّبحُه إكراماً للضيف.
جمال سعيد ومن معهُ يحلفُونَ بالطلاقِ ألا يذّبح لأنهم عابرينَ وجاءوا فقط لتحيتهِ فإذا بالأرباب يَعزُّ حلفهُم ولكن يدفعُ بالسكينِ إلي أحدِ أضيافه:-
(…كان كدي..حرررم تضبحو إنتو… ) وقد كان.
السُودانيّون علي إختلافِ ظروفهم يقومون بقِري ضيفهِم بكل ما يملكون ويستبشُرون بمقدمِه.
هم كذلكَ ويومُ الجُمعة في أيامهم بابٌ للكرمِ والبرِ والتواصلِ الشَفيفِ والأذّكار.