شارع البحر ( 2 – 2 )

بقلم /عبدالمنعم الكتيابي
من نفق كبري شمبات يمر شارع البحر محازيا النيل وقد اكتمل امتزاجه بذراع الأزرق الذي كان قد التف حول جزيرة توتي ( أم خدارا شال ) من جهة الشرق والشمال ليمط قوامه من هنا حتى مصبه لتكون ام درمان أول نقطة في البشرية تنعم بمشهد النيل الخالد وتشرب من مياهه ، وتقف شمالا من نفق الكبري محطة توزيع المياه ( الصهريج ) ..
يمر الشارع أول ما يمر بعد الصهريج بمدرسة أم درمان الصناعية تجاورها بعض البيوت الملحقة بالمدرسة على الطراز الانجليزي وكانت سكنا للاساتذة لتبدأ من هنا الواجهة الشرقية لحي بيت المال ..
يمر الشارع ببيوت تعاقب عليها السكان حتى يصل إلى نقطة التقائه بشارع السيد علي حيث على ناصيته آل بولص وخلوته الشهيرة يواجهها احد منازل المرضي محي الدين ثم منزل أخيه الذي ابتناه على هيئة سفينة ولكنه ظل مهجورا وكثرت الأقاويل التي تروج أنه مسكون بالجن ، ثم يواصل الشارع مسيره وقبل أن يصل ورشة عوض (المرسيدس) ثمة بيت على الناصية الشمالية يبدو من معماره أنه بيت حكومي تعاقب عليه عدد من السكان من بينهم وديع حبشي أحد وزراء الزراعة في العهد المايوي ثم بيوت آل العتباني وفي إحداها كانت مدرسة المهدي الثانوية ويتقاطع بعدها مع شارع أبوروف ويقف على ناصيته جامع حي ابوروف العتيق مجاورا لمنزل العالم الجليل الطيب السراج وقد تأسست مدرسة ابوروف الثانوية العامة لأول مرة فيه ، ثم بعدها سكنه ابنه العالم اللغوي فراج الطيب يجاوره منزل شقيقه حديد السراج أحد مدراء التلفزيون ثم الإذاعة ، ووكيل سابق لوزارة الإعلام ثم اسحق سعد الله وفتحي ابراهيم عيسى وبعده بقليل طه محي الدين يجاوره آل البريقدار ومنه شمس الدين اللدر وعبدالرحمن مهدي وآل الكوباني وفي مكان غير بعيد أسرة الشيخ عمر اسحق اول وكيل سوداني لوزارة المعارف في العهد الوطني وأحد رموز حركة التعليم الأهلي ومن اسرته الفنانة التشكيلية العالمية كمالا اسحق ، ثم منزل أحمد سليمان المحامي ، و يطل على الشارع عدد من المحلات العتيقة منها ما اشتهر ببيع الاسماك وورش النجارة وغالبيتها في مابعد اصبحت ورشاً للحدادة ومعارض لها ، ويلي ذلك مساكن عدد من الأسر التي أثرت الوجدان السوداني ، آل الصباغ ، الأستاذ محمود الصباغ ( الجد شعبان ) والإعلامي الألمعي الفاتح الصباغ والاذاعية الشابة آية الصباغ ويجاورهم آل صابوني وآل السليني ثم السوق حيث الورش ومجلس الشاعر عتيق وصحبه في دكان عباس حاج حمد ويطل على مجلسهم من الناحية الغربية منزل المشجع ( الهلالابي ) عبدالكريم الزبير وبعد السوق آل ساتي وآل رحمي وآل بكار وبنهاية هذا الشارع على اليسار من الناحية الغربية عبدالله سليمان العشوق ، وليس بعيدا الإعلامية أمينة عبدالرحيم ( ماما أمينة ) .
في السابق كانت هنا محطة الترماج الذي افتتح في العام ١٩٠٦ م يتحرك منها نحو المحطة الوسطى ومنها إلى الموردة ثم الخرطوم ، وايضا المراكبية حيث صناعة المراكب وقبلا كانت أول مرسى لاستقبال البضائع القادمة من الصعيد قبل توزيعها إلى الأسواق وكان أشهرها الأخشاب والفحم وبعض المحاصيل والحطب بأنواعه ولعل الطلح والشاف هو ما تبقى منها ..
كما يميز هذا الشارع أن بعض الأسر التي سكنته مباشرة او حوله تسمى بمهنة عائلها ، الصباغ ، العتباني ، البريقدار ، السراج ، الحواتي ، الحلاب ، الدباغ ..
شهد هذا الشارع كرنفالات الفرح لِما للنيل من اثر وجداني لدى الأم درمانيين بل دخل في صميم عاداتهم ، تعبره الكرنفالات قاصدة النيل في ما يعرف شعبيا ب(السيرة ) في زفة العريس (قمر السبوع الداير الليله العريس ) وسماية المولود و( ولد الطهور ) حتى وخروج النفساء وعند اكتمال عدة الحبس لدى المتوفي عنها زوجها ، كما انه كان ناديا لهواة الصيد ومسرحا للعشاق وملاذا للسمر وملهما للشعراء وقد خلدوه في أغنيات ام درمان الأولى ( في الشاطي طاب لينا السمر ) و( يالرمت ترويني ، مروى العطيش في اب روف بي جرعة داويني ) ..
لعمري أن هذا الشارع يحتاج عناية رسمية وشعبية ولعله سيكون من أجمل المزارات السياحية.