مقالات

المجلس العسكري وزيارة الوزير القطري؟!

 

المجلس العسكري وزيارة الوزير القطري؟!


بقلم/محمدعكاشة

مطلع الثمانينات كانت دولة قطر قبلة السودانيين عبر الإنتداب للعمل بها في مختلف المجالات ولقد كنت من المحظوظين بفرصة دراسة المرحلة المتوسطة بمدرسة قطر الإعدادية حين كنت رفقة والدي المنتدب إليها للعمل في مجال التعليم لأشهد وقتذاك حركة النهضة الوثابة تضطرد بوتائر متسارعة في كل المجالات.
السودانيون يعملون بدولة قطر منذ عقود يؤكدون عمق العلاقات وخصوصية الروابط بين الشعبين الشقيقين يرعون المصالح المشتركة بين البلدين.
السيد عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة يفد العاصمة القطرية في زيارة رسمية هي الأولى لمسؤول رفيع المستوى بعد ثورة ديسمبر/أبريل ليجري مباحثات ناجحة مع سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أميردولة قطر للتأكيد علي أزلية العلاقات بالإرادة الداعمة للسودان وشعبه ولتجديد الثقة بمايؤكد استعدادات الخرطوم تتهيأ لإستقبال مشاريع ورساميل الدوحة للإستثمار في السودان.
قبل عام نكتب نؤكد بأن علاقات السودان بدولة قطر علي المحك الإيجابي لخلق علاقات متميزة مع حكومات مابعد الثورة السودانية في ديسمبر/أبريل 2019م أو لماقد يترتب من أوضاع سياسية جديدة عقب إنهاء حكم البشير فلقد تعرضت العلاقة مع دولة قطر لإختبار عنيف في أبريل عام 2019م إبان تداعيات سقوط نظام الإنقاذ بثورة شعبية تبتغي التأسيس لدولة ديمقراطية حرة تؤسس بالتالي لعلاقات خارجية متوازنة والإختبار هو ماقام به المجلس العسكري إذاك بإرجاع طائرة وزير الخارجية القطري من منتصف الطريق بعيد إقلاعها من مطارالدوحةولقد كانت حجة نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو الذي تولي كبر هذا الأمر بأن سعادة الوزير الزائر بغرض دعم التحول الجديد لم تكن رحلته بإذن معلوم لديهم ولم يسبقها إخطار للجهات الرسمية ممثلة في المجلس العسكري الذي انقلب علي حكومة البشير استجابة للرغبة الشعبية العارمة.

تصريح السيد حميدتي في هذا الخصوص يجد مندوحة لو أن الوفد القطري الزائر لم يلتزم الإجراءات الرسمية أوالخطوات الدبلوماسية المتبعة في مثل هذه الأعمال والزيارات بل هم وجدوا إذناً ممهوراً برسم (الوصول) من قبل جهات حكومية ومسئولين في الخارجية والداخلية وجهاز المخابرات حينذاك فلئن تم إنهاء حكم البشير وسلطته فإن دولته لم تسقط حينها حيث ظلت قيادات المؤتمر الوطني ممسكة بزمام الأمور في مؤسسات الدولة وفي الوزارات ذات الصلة بموضوع زيارة الوفد القطري مثلما الحال في مرافق الخدمة المدنية والشركات يشكلون ثورة مضادة للتحول الجديد ويتهيأون ثورة علي نائب المجلس العسكري ذاته بمايعتقدونه بدور له لحماية (الثورة) رغم أنه صنيعة النظام البائد وبغض النظر عن تلك المقولات والإعتقادات فإن السيد حميدتي حاول الإقتراب من الشعب ومن ثورته وشبابها والمواطنين بجملة من المواقف بضمنها حادثة إرجاع طائرة وزير الخارجية القطري مستنداً إلي الإعتقاد الراسخ بأن دولة قطر ظلت داعم أساسي لجماعة (الإخوان) بقيادة الرئيس البشيروأن (التيار) الشعبي العارم قام يجرف نظامه ومشروعه الحضاري.
مااتخذه حميدتي من موقف بعدم السماح للقطريين بالظهور في المشهد السوداني عقب سقوط البشيرتغليب للظن بأنه عمل يصب في خانة دعم التحولات الجديدة سوي أن بعض المراقبين وكثير من الثائرين والناشطين علي درب الثورة الملهمه لم يعتبروا موقفه بهذه المثابة التي تستلهم روح (الثورة) لتمتص غضب (الثوار) بغلق الباب ضد أية محاولة لاستعادة تاريخ (الإنقاذ) السياسي الإسلامي ولومن بوابة تدعيم العلاقات مع دولة قطر حاضنة الحركات الاسلاموية وداعمة الأنظمة (الإخوانية) التوجه ومقر إنطلاقة قناة الجزيرة.
المراقبون والمحللون وقطاعات واسعة من الشعب السوداني لم يعتدوا بموقف السيد حميدتي تجاه دولة قطر ومبعوثوها لإعتقادهم بأن الرجل إذيفعل يدفعه وقوعه وقواته ضمن محور الدول العربية في عاصفة الصحراء ودور السودان فيه منذ ولاية عمرالبشير وحكومته والقوات السودانية المشاركة في حرب اليمن.
العلاقات السودانية القطرية ظلت لعقود طويلة تترقي بإنتظام لصالح البلدين والشعبين ولقد كان السودان عوناً لدولة قطر من خلال الإستقدام والإستخدام المتزايد للكفاءات السودانية في مجالات العمل المختلفة مساهمة فعالة في البناء والإعمار للدولة الخليجية الناهضة منذ تولي الراحل خليفة بن حمد آل ثاني الحكم ثم ومن بعد ذلك وحين طفق البترول يضخ بصياصي دولة قطر أخذت هي بدورها تتوسع بالاستثمار في مجالات عديدة بمحتلف مدن ومحافظات السودان حيث بلغت استثمارات الدوحة في السودان في الآونة الأخيرة نحوا من أربعة مليارات دولار وتعد دولة قطر الخامسة في قائمة الدول الأجنبية الأكثر استثمارا في السودان فضلاً عن توقيعها اتفاقا مبدئياً في مارس 2018م بما قيمته 4مليار دولار من أجل التطوير المشترك لميناء سواكن علي البحر الأحمر فضلاً عما وعدت به الشيخه موزا بت ناصر لدا زيارتها الخرطوم في مارس 2017م لدعم وتطوير السياحة والآثار في السودان الذي اتصل من خلال 40 بعثة قطرية لترميم الأهرامات والآثار السودانية فضلاً عما أزمعته الشيخه موزا في ذات الزيارة من عمل عبر مؤسسة (صلتك) لإيجاد فرص عمل للشباب ومشروعات دعم التعليم فوق الجميع.
دولة قطر مطلع الألفية الثالثة تنهد تقوم بدور جديد للتوفيق بين الحركات المسلحة الدارفورية ضد حكومة البشير ولقد أنفقت ملايين الدولارات للمساعدة في إنهاء النزاع بمفاوضات استمرت لوقت طويل حتي أثمرت إعلان (وثيقة) الدوحة لسلام دارفور الموقعة في يوليو 2014م ومارافقه من دعم مادي وفني لتنمية ولايات دارفور المختلفة وتطويرمناطق النزاعات.
دولة قطر وفي ظل حكومة الفترة الإنتقالية لاتنفك تبحث السبيل لتدعيم العلاقات الثنائية تحفز فرص الإستثمار المواتية في دورة جديدة إبتناء علي المعطي الجديد في سياسات السودان الخارجية خصوصاً العلاقات العربية بالتأكيد علي إستعداد الخرطوم لتجديدها بما يرعي مصلحة السودان دون إشتراطات مسبقة فليس من (المفكر به) بعد الثورة السودانية أن تكون علاقات السودان مع الدول رهناً لسياسة المحاور الإقليمية أو الدولية ومايعتريها من إستقطابات حادة علي حساب مصلحة السودان لإستدامة علاقات أكثر إنفتاحاً تقوم علي الندية ورعايةالمصالح المشتركة وتبادل المنافع الإقتصادية الراجحة.
زيارات مسئولين أو مستثمرين قطريين للسودان باتت متوقعة بعد زيارة البرهان للدوحة لتأتي في فضاء مفتوح وفق ماأعلنته دولة رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك من خارطة طريق للعلاقات الخارجية إتساقاً مع مبادئ السودان الجديد والمواقف الشعبية الداعمة لعلاقات مستقرة وإيجابية تقف مسافة واحدة من كل الدول العربية والافريقية دون إنحيازات ودون إشتراطات بما يرحب بدولة قطر ترحيبه بدول الإمارات والسعودية والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
___________
صحيفة المواكب
الاتنين12أبريل 2021م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى