أعمدة

زازا عشق خلَّده عميد الفن

 

أوتاد
أحمد الفكي

من باب توارد الخواطر بالأمس أرسل لي الرياضي المطبوع الأستاذ الباشا حيدر محمد طه الذي يُعد واحد من أوائل الذين نالوا شهادة التحكيم في إتحاد الحصاحيصا المحلي لكرة القدم ، أغنية ( حرام يا ناس أو حرام يا زازا تزيدي البيّ) لعميد الفن السوداني الراحل أحمد المصطفى ” طيَّبَ الله ثراه” و اليوم بعد أن أمَّيت المصلين لصلاة العصر في العمل و بعد الفراغ من الصلاة تجاذبنا أطراف الحديث ، فطلب مني أحد الأشقاء السعودين ان ادعو له الله بأن يتم له الزواج من التي يحبها ، ضحكت و قلت له الآن شجعتني أن أكتب عن العشق رغم وصية أخي المحامي عبد العزيز أن اخفف من أوتاد رأفة بعيوني التي تشكو من ألم .
عوداً على ذي بدء فإنَْ أغنية حرام يا زازا قد كتبت في السيدة اليونانية التي كانت تعمل في الخرطوم بالحقل الطبي هي زازوي سركسيان (الإغريقية) زوجة المرحوم سعد أبو العلا. التي حملت إسمها وخلدتها هذه الأغنية البسيطة كلماتها ، العميقة معانيها و التي جاء فيها :
حرام يا زازا تزيدي البيّ
وهبتك روحي ونور عينيّ
هوايا إليكي ونارو ليّ
حانّي عليكي خافي عليّ
حرام يا ناس .. حرام يا ناس
ليه يا زازا تزيدي أنيني
جنيتي هدمتي البينك وبيني
أكابد وجدي واداري حنيني
بخفقة قلبي ودمعة عيني
ليه يا ناس .. ليه يا ناس
و في التراث العربي قال الجاحظ : العشق اسم لما فضل من المحبة ، كما أنَّ السرف اسم لما جاوز الجود .
و قال إعرابي : العشق خفى أن يُرى و جلى ان يخفى فهو كامن ككمون النار في الحجر إن قدحته أورى و إن تركته توارى .
و من الأقوال المتواترة أول العشق النظر و أول الحريق الشرر .
من أشهر قصص العشق في التاريخ العربي ما ارتبط بين جميل و بثينة و كثير عزة و مجنون ليلى ، و من الطرائف رأي شبيب أخو بثينة جميلاً عندها ، فوثب عليه و آذاه ، ثم أنَّ شبيباً أتى مكة و جميل فيها ، فقيل لجميل : دونك شبيباً فخذ بثأرك منه فقال :
و قالوا يا جميل أتى أخوها
فقلت : أتى الحبيب أخو الحبيبِ .
و في العشق أنشد الأخفش الحداد :
مطارقُ الشوقِ منها في الحشى أثر
يطرقن سندان قلبٍ حشوه الفِكرُ
و نارُ كُورِ الهوى في الجسم مُوقدةُ
و مِبردُ الحُبِّ لا يبقى و لا يذرُ .
أما قيس بن الملوح بن مزاحم العامري المعروف بمجنون ليلى قال :
قالت جُنِنت على ذكرى فقلت لها
الحُبُ أعظم مما بالمجانين
الحُبُّ ليس يفيق الدهر صاحبُهُ
و إنَّما يُصرعُ المجنونُ في الحينِ .
و قالت ليلى العامرية في قيسها :
لم يكن المجنُونُ في حالةٍ
إلا وقد كنتُ كما كانا
لكنه باح بسرِّ الهوى
و إنني قد ذُبتُ كتمانا .
الحديث و القول و الكتابة عن العشق كثير لا تكفيه أوتاد و لا مجلدات و خوفاً من الإطالة إليك عزيزي القارئ آخر الأوتاد و فيها قصة أحفظها عن ظهر قلب منذ أيام الدراسة في المرحلة الثانوية .
* آخر الأوتاد :
أجمل ما قيل في العشق قال الأصمعي بينما أنا أسير في البادية إذ مررت بحجرٍ مكتوب عليه هذا البيت :
أيا معشر العشاق بالله خبِّروا
إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع ؟
فكتبتُ تحته :
يُداري هواه ثم يكتُمُ سرَّهُ
و يخشعُ في كل الأمورِ و يخضعُ
ثم عُدتُ في اليوم الثاني فوحدتُ مكتوباً تحته :
فكيف يُداري و الهوى قاتلُ الفتى
وفي كل يومٍ قلبه يتقطعُ
فكتبتُ تحته :
إذا لم تجد صدراً لكتمان سرٍّه
فليس له شيء ٌ سوى الموتً ينفعُ
ثم عُدتُ في اليوم الثالث فوحدتُ شاباً ملقى تحت ذلك الحجر ميتاً فقلت لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقد كتب قبل موته :
سمعنا أطعنا ثم متنا فبلِّغوا
سلامي على من كان للوصل يمنعُ
هنيئاً لأرباب النعيم نعيمهم
و للعاشق المسكين ما يتجرَْعُ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى