أعمدة

قصة قصيرة

 

أحمد الفكي

في القرية تختلط أصوات الحيوانات الأليفة ببعضها البعض حيث يتم إصدارها في وقتٍ واحد ، و سرعان ما يميز سكانها أصوات أصحابها فالكثير منهم من يتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم عند نهيق حمار الشيخ الذي لا يقف عند العقبة حيث أعتاد الجميع رؤيته كثير القفز كانَّه في سباق الحواجز . و منهم من يسأل الله من فضله عند سماعهم صياح ديك حاجة آمنة …. أيقونة القرية إثنان يُشارُ إليهما بالبنان دون الباع تجمعهما صداقة مربوطة بحبل المودة ، محمد الخضر و النعيم البحر.. ( ود الخضر و البحر) هكذا يُنادان بين أهلهم وذويهم .. ذات يومٍ أُهديَّ لزوجة ود الخضر طقم قدور مكوَّن من عشر قطع ، كان وقعها في قلبها كوقع تمثال الحرية هدية فرنسا لأمريكا .
في عُرف نساء القرية المادة الأولى ( تشيل جناي و لا تشيل ماعوني) ود الخضر وقع في فخ المادة الأولى من عُرف نساء القرية عندما طلب منه صديقه البحر طقم القدور ليُطبخ فيها طعام كرامة لإبنه الذي نجا من لدغة ثعبان سام لم يسمع فحيحه كاد ان يؤدي به إلى مقابر القرية التي يكسوها السكون إلا من بعض هديل حمام يُناغم بعضه البعض ، لولاء الحذاء البلاستيكي السميك الذي كان يغطي قدمه إلى منتصف ساقه .
عبارة لم يقف عندها ود الخضر طويلاً ولم يُلقي لها بالاً عندما قال له صديقه النعيم البحر ( أعطيني القدور و متى طلبتها سترجع لك) لأنَّ الشيء المعتاد في نفير القرية من استعار شيئاً من الأواني أو الكراسي أو لمبات الإنارة في المناسبات ان يتم إرجاعه بعد إنتهاء المناسبة و الفراغ منها .. بشهامته المعروفة عنه أخذ ود الخضر طقم القدور دون علم زوجته و أوصلها بنفسه منزل النعيم البحر و أخبرها لاحقاً .. قُضيَ أمر الكرامة و مرت الأيام و الشهور بل استدار عليها الزمان ثلاث سنوات و لم يتم بعد إرجاع طقم القدور ولم يتم الإعلان عنه بعنوان خرج ولم يعد .
أصبح ود الخضر بين مطرقة محاكمة زوجته اليومية التي تطالبه بقدورها العشر و بين سندان الحياء الذي يقف حائلاً و عائقاً أمام مطالبة صديقه النعيم إرجاع القدور … بمنطق كثرة الضرب يفك اللحام و إذا هبت رياحك فاغتنمها .. شاء الله أن نجح حفيد ود الخضر فأقام له وليمة غداء و هنا أطلت الشجاعة برأسها و بألسنةٍ حِداد جعلها في لسان واحد يقطع الحديد طلب محمد ود الخضر طقم القدور من النعيم البحر الذي كان خارج البيت وقتها فقال له النعيم طلبك على العين و الراس سأخبر الآن أهل بيتي و ما عليك إلا أن ترسل من يذهب لأخذ القدور ..
تنفَّسَ محمد ود الخضر الصعداء و سجد شاكراً لله ثم شعر كأنَّ صخرة من جيل كرري كانت على ظهرة قد سقطت على الأرض وهو يستشعر لحظات وقائع المحاكمة اليومية و وقتئذٍ اصدر أمره إلى بناته الثلاث الذهاب لمنزل النعيم و إحضار طقم القدور و لكن كانت المفاجأة العودة بخُفي حُُنين رغم مشاهدتهُنَّ لطقم القدور حيث لم يُعطينَ سوى ثلاثة قطع من أصل عشرة ووصل إلى مسامعهِنَّ هذا هو الموجود .. و كان الحرد قد لازمهُنّ و أبينَ أخذ الموجود و عندها تمتم و همهم ود الخضر بلهجة أهل القرية ( كان تجيبوا الموجود المال تلتو و لا كتلتو) قبل أن يتوجه إلي السوق حدثته نفسه أيطالب صديقه النعيم مرة أخرى بطقم القدور أم يشتري سكات زوجته بشراء طقم قدور جديد عِوضاً عن السابق ليردد بعدها : ( يا دار ما دخلك شر) عزيزي القارئ لو كنت في موقف ود الخضر ماذا ترى أنت فاعل .؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى