سيناريو ما قبل… وما بعد (2) الرصاصة الأولى

نيران صديقة
الفضل الحاج عبد اللطيف
سيناريو ما قبل… وما بعد
(2) الرصاصة الأولى
الحقيقة الثابتة هي أن الرصاصة الأولى انطلقت في الخامس عشر من أبريل، أما من وأين ومتى فقد كانت مثار جدل واسع بين طرفي النزاع. وبينما كانت المعركة العسكرية تدور على أرض الواقع كانت المعارك الكلامية تدور على وسائل الإعلام في الوسائط الاجتماعية أو القنوات الفضائية. حتى أصبحت مصدر دخل لدى البعض.
والواقع أن شرارة هذه الحرب قد اتقدت منذ سقوط البشير، حينما طأطأت قوى الحرية والتغيير رأسها للمجلس العسكري واستقبلته بالأحضان في ميدان الاعتصام، وهي تأمل أن يمكنها في السلطة لأنها تعلم أن شباب الثورة لن يفعلوها، كما أن من عادة الأحزاب أن تلجأ للمؤسسة العسكرية لتثبيت حكمها. فالديموقراطية لا تضمن لها الوصول، وإن وصلت فإنها لن تضمن لها البقاء إلا لأجل مسمى.
ولأن الناس قد انقسموا إلى فريقين، مع هذا ضد ذاك أو مع ذاك ضد هذا، فإن هناك فرقة ثالثة لا يحسب لها حساب ولا اثر لها في حسابات المعركة. تلك هي فرقة الوطن التي وقفت إلى جانبه وأرادت أن ينعم بالسلام. وهي لا تدعم أحداً في هذه الحرب العبثية، لأنها فرقة تقف مع الحق وترى أن الجانبين على باطل.
ولكي لا يفهم مقالي بأنه اصطفاف إلى جانب الحرية والتغيير، فإنني أعود إلى مقالاتي التي كتبتها منذ سقوط نظام الإنقاذ. حيث لم تكن قحت بالنسبة لي سوى كيزان من نوع آخر، كيزان الغرب والصهيونية التي تريد اخضاعنا إلى إرادتها، كما أراد كيزان الحركة الإسلامية اخضاعنا لدولتهم.. وقد ذكرت ذلك حتى لا يشتَم أحدٌ رائحة انتمائي لها فينعت ويشتِم، بعد أن أصبحت الآراء تخضع لتصنيفات السياسة، وكلمة الحق تضعك في مرمى نيران أحد الفريقين.
ورغم أنني لا أدعم قحت ومواقفها المخزية منذ زوال العهد البائد وحتى ما بعد الحرب، إلا أن علاقتها بالدعم السريع كانت تكتيكية وليست استراتيجية. والقاسم المشترك الأعظم بين قوى الحرية والتغيير والدعم السريع هو الحرب ضد الكيزان. وبينما كانت قحت تسعى لتفكيك النظام السابق بالقانون وجد حميدتي فرصته في استخدامها لضمان وجود قوى سياسية إلى جانبه تشاركه أحد أهدافه، وللوصول إلى قاعدة جماهيرية تؤهله لحصد الأصوات في الانتخابات المقبلة. فكانت كل خطاباته تداعب أحلام الشباب ومطالبهم.
ونعود إلى سؤال الرصاصة الأولى، والتي كانت مثار خلاف بين الفريقين. ولما لم تكن الحقيقة متاحة مع كل ذلك الكم من الأكاذيب، فستكون الإجابة الصحيحة هي من هو المستفيد من قيام الحرب. كما أن قراءة موقف الأطراف السياسية منها قد يساعد في الإجابة.
وفي البداية يجب أن نعرف موقف الحرية والتغيير من قوات الدعم السريع، حيث كانت تنادي بحلها ووضعت الترتيبات الأمنية على رأس أولوياتها في الاتفاق الإطاري الذي انقلب عليه البرهان مما منح حميدتي مسوغاً للقيام بتحركات عسكرية مشبوهة أوجدت الدافع لدي كيزان الجيش لإطلاق تلك الرصاصة لكي تضع البرهان أمام الأمر الواقع.
وإن كان بعض منسوبي الحرية والتغيير قد ذكروا الحرب في أحاديثهم، فقد كان موقفهم منها هو التحذير منها وليس الدعوة لها. ولكن ما هو موقف الحركة الإسلامية من الحرب، والتي كانت تدعو لها على الملأ في المنابر العامة وتهدد بها نهاراً جهاراً. وقد أصبح لها دور فعال في إدارة المعركة والمشاركة فيها بمليشياتها وخلاياها النائمة.
أما وقد اندلعت الحرب، فما هو السبيل إلى إيقافها؟