
السَعيد جلالُ الدين..تقتُلهُ الِفئةُ الباغَية
بقلم/محمدعكاشة
يَضربُ المثلَ في الشَجاعةِ الإمام الحُسين بن علي يومُ كربلاء وهو في سبعينَ رجُلٍ من آل بيت النبوة وصَحابته في مواجهةِ أربعة الآفٍ يتقدمهم بقلبٍ حقودٍ الشَمرُ بن ذي الجَوشن ليقُتلَ الإمامَ يومَ عاشوراء في مِيتةٍ ساطعة.
وشَجاعَةُ الحُسَينِ يُضرَبُ بِهَا المَثَلُ
وصَبرُهُ في مَأقِطِ الحَربِ أعجَزَ الأَواخِرَ وَالاوَلَ
وثَباتُهُ -إذا دُعِيَت نَزالِ – ثَباتُ الجَبَلِ
وإقدامُهُ إذا ضاقَ المَجالُ إقدامُ الأَجَلِ
ومُقامُهُ في مُقابَلَةِ هؤُلاءِ الفَجَرَةِ
عادَلَ مُقامَ جَدِّهِ النبيُّ بِبَدرٍ فَاعتَدَلَ
ثم..
سبعينيّاتُ القرنَ الماضي تتفتحُ عَينايّ بديوان جَدي لأبي حاج أحمد عثمان فضل الله في الحارة التاسعة امبدة السبيل.
جَدي كانَ رجُلاً شُجاعاً كريماً ومِثلهُ ابن أخيه السعيد جلال الدين عُثمان فضل الله.
كانَ كلاهما نَهادٌ إلي المُكرماتِ يفزعانَ إلي نُصرةِ الناسِ بقلبٍ صميم واقدامٍ لا يعرفُ الخوف.
كنتُ أصحو كلَ يومٍ علي بُطولةِ القبضِ علي اللصوص يتسورون المنازل أوقُطاعُ طرقٍ ينتهبون الناسَ بين امدرمان وامبدات وقد تصدي لهم أعمامي السعيد وابن عوف حاج أحمد في بسالةٍ نادرةٍ وحكاياتٍ تشحذُ مَخيلتي.
سعيد جلال الدين كان الموتُ يحيطُ به من كل جانبٍ لأكثر من أربعين عاماً وهو لا يخشاهُ ولا يخشي بأساً.
سعيد جلال الدين رجلٌ ذو مناقب فهو أيام الشباب لم يختنه إلي الفراغ والمزالق وإنما خفَ إلي البرِ بأهله يُكرمُ وفادتهم مشاءٌ في قضاءِ حوائجِهم يُعينُ علي نوائبِ الدهر بزندٍ وارٍ وكفٍ خصيب..بسامُ العَشيّاتِ الوفي..كريمٌ مِتلافٌ وأندي العالمينَ بُطونَ راحِ.
الجنجويد المُرتزقةُ الأوباش يَغدرونه عِصابةً في جُنح الليلِ علي حين غِرة وهو يذودُ عن بيتهِ وعِرضه.
الحربُ اللعينةُ تحصدُ الأرواح تفجعُ الناسَ كل يومٍ بفقدٍ جلل.
يرحلُ الأرباب ” ابو راشد” رحيلاً صعباً مُوجعاً.
يترجلُ سعيد جلالُ الدين فارساً يفتدينا بدمهِ الطاهر وليسَ ثمت ما نعتزي به لفقده غيرَ الدُعاء أن يقتصَ الله له ولكلِ الشُهداء من القَتلةِ الزُنماءُ البَطالونَ شُذّاذُ الآفاق..قِتلةً لا تذرُ منهم علي الأرض ديّاراً.