تقارير وحوارات
أخر الأخبار

أسعد الطيّب العباسي.. فات الكُبار والقدرو

أسعد الطيّب العباسي.. فات الكُبار والقدرو

بقلم /محمد عكاشة

لكُلِ إمرئٍ من مَواريثِ آبائهِ نصيبٌ ولكلِ إنسانٍ من جِذّر اسمه كِفلٌ يدلُ عليه.
أسماهُ والدهُ علي جده خالُ أبيهِ ( أسعد ) الزبير باشا رحمة.
والدهُ الشاعرُ والقاضي الطيّب العباسي الذي كان ( ينده ) زوجتهُ السيّدة سلمي الشريف يعقوب بأمِ أسعد ثم هو بعد رحيلها يستهلُ رثاءهُ لها:-
بُكائي عليكِ العُمر يا أم أسعدا
ولو كنتِ تُفدي لكنتُ لك الفدا،

ثم هو يحملُ الاسم يقتفي الأثرَ ويهرعُ ففي الجيّنات من جهة ( أم مرحي ) الشيّخ الطيّب طاقةٌ مهيبةٌ علي الصبرِ والإحتمالِ ورغبةٌ طماحةٌ للتفوق وإثباتِ الذات ليغدو كَاتباً لاضريبَ له في مجالِ الأدبِ وحُقوقي ماهرٌ يبرعُ في مجالاتِ القانون يبُذُّ ( الكبار والقدرو ) علي حدٍ سواء.
جعلَ مُرتكزُ حياتهِ لقاءَ الناس وخدمةِ الناس وتلك خصيصةٌ تميّزَ بها الذي ينتمي إلي ( البيت الطيّبي ) فالمسيدُ بأم ممرح مفتوحةٌ أبوابهُ يَفدها الناسُ ليلَ نهار دونَ أن يتبرمَ مُضيفٌ بضيفهِ ودونَ تمَييزٍ بين الناس.
قطعَ مشوارَ الحياةِ مشغولاً بالكتابةِ الإبداعية والتوثيقِ الكتابي وهي مهُمةٌ ينهدُ اليها أولو العزمِ من الباحثينَ لا تُوهنهُ كلالةٌ ولا تفتُ بعضَده الظروفُ وعاديّات الصُروفِ المُدلهمة.
كانَ نسيجَ وحدهِ إنشغلَ ردحاً من الزمن يكتٌبُ سِفرهُ العظيم ( أسير الجبل ) في سيرةِ جَده الزبير باشا رحمة ينضو عنهُ البهائتَ التي تَقدحُ في بطُولته ودورهِ التاريخي.
ثم هو لا ينفكُ طماحاً بالمعاني في ساحاتِ القضاءِ يُقدمُ دفوعاتٍ ساطعةٍ ومُرافعاتُ مُحكمةٌ بين ( الأدب والقضاء ) في عملٍ مُتصلٍ دؤوبٌ بلا فجوات.
ثم هو قبلَ عامين يقومُ يؤسسُ لمشروعهِ ( ديساب ) صحيفةٌ الكترونية وشركةُ إنتاجٍ إعلامي وقاعةُ ( العباسي ) للمؤتمرات الدولية يزرعُ فسيلةً يستبقُ الرحيلَ والعلةَ والسنين.
لقد جعلَ من مؤسسةِ ( ديساب) مشروعاً للأملِ والحياةِ والمعني النبيل ولقد ظلَ حتي آخرَ يومٍ من مرضه يُشرفُ علي بروفات عملٍ مَسرحي من كتابتهِ وإنتاجهِ ( العباسي عاشق مصر ) قَدرَ أن يجعلهُ فاتحةً لتدشينِ قاعةِ العباسي للمؤتمرات الدولية إحتفاءً وإحياءً لسيرةِ جده الشاعرُ القومي مُحمد سعيد العباسي.
أستطاعَ بطمُوحه الوثابُ أن يستكملَ مشروعهُ الإبداعي قبلَ أن يستكملَ رزقهُ المعلومُ في الحياة الدنيا.
كان مَطلعَ العامِ الجديد موعدهُ لتدشينِ حزمةِ مشروعاته وكنت أظّنُ قبلَ مرضهِ ولسنا بمُستيقنيَن أن يشهدَ حفلَ الافتتاحِ فأسعدُ الطيّب العباسي مِثلُ طائرِ ( الفينيق ) الأسُطوري يَستعصي علي الظُروفِ وينبعثُ عامراً بالرغبةِ في الإنطلاقِ طَماحاً بالحياة.
كان سَمحَ النفسِ يدينُ بالمحبةِ ويستفيضُ بها وكان قلبهُ مثلُ (العارف) قابلاً كلَ صـورةٍ فـمرعيً لغـزلانِ وديّرٍ لرهبـان
وبيتٌ لأوثـان وكعـبةُ طـائـفٍ
و ألـواحُ توراةٍ
ومُصـحفُ قـرآن
يديـنُ بدينِ الحبِ أنّى توجّـهـت ركـائـبه
فالحبُ ديـني وإيـماني.
ثم هو يَلقي ربهُ وقد زكَاه وطَهرهُ من أوضارهِ وقد هَدهُ الداءُ وكانَ من الصابرين.
يرحلُ أسعدُ الطيّب العباسي رحيلاً مُوجعاً والحُزنُ باقٍ يختلجُ في الصدور.
كانت يدُهُ ممَدوةٌ بالخيرات للجارِ والبعيد ولم تكُ مغلولةً إلي عُنقه مِتلافاً يبسُطهمُا في السِر وأخَفي وهو إذ ينتقلُ الي كنفِ ربٍ كريمٍ رحيمٍ تَسبقهُ صَحائفُ ( البّر ) بأهله وقُرنائه.
رحمَ الله ( أباالسعود ) رحمةً واسعة ونحنُ في ذكري رحيله الثالثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى