تقارير وحوارات
أخر الأخبار

عندما يبكي مُحمّد وردي

عندما يبكي محمد وردي

بقلم/محمدعكاشة

 

والحديثُ عن مُحمّد وردي يبدأُ ولا ينتهي.

الرحلةُ الى دُرةُ الشرق كانت حَدثاً فريداً.

الفرقةُ التي كانت فى إكتمال القمرِ ليلةَ المحاق تنقصُ واحداً.

فى مدينة كسلا غرب القاش ظلَ الرجلُ فى سؤالٍ دائم عن الموسيقيين بالمدينة.

هو يبحثُ عمَن يسدُ خانة ( الطبلة ) وللموسيقا فى تجربته خطٌ لاينفصل عن فنِه وحضوره وأعمالهِ العظيمة.

الناسُ يدلُونه وقد أعياهُ البحثُ ويقولون أن ثمت شخصٍ لا يعبأُ كثيراً بحكاية العزف هذهِ لمشاغله ومشاغل العيش.

هو يطلبُه ويختبُره.

ليلتها والناسُ حضورٌ فى ساحة العرض يزدحمون يبتدرُ الموسيقار مُحمد وردي حفله باغنية (مرحباً ياشوق ) ومُقدمتُها تتساوقُ وتتراطنُ بنقرةِ الطبال.

الرجلُ والموسيقا زمن داخلي لازمُه وعذّبهُ وأشجاهُ منذُ صباه الباكر يلتفتُ وهو فى قِمة عرشه اليه ( ينصر دينك يا الزبير ) ثُم هو فى ختامِ المساء يُحدد أنه لن يُبقيه يوماً واحداً من وراءه ليعود به الى الخرطوم.

فى حي المعمورةِ كل الناس والمسوؤلين بالدولة..الفنانين.. الصوفيين.. المُحبين والسيد حَسن الترابي.

جميعُهم جلوسٌ فى حالةٍ من الحُزن.

التُرابي يعرفُ الرجلَ جيداً وله معهُ قصة فى باريس مطلع الستينيات وموجدةٌ لا نحكيها الا بوقتها والعملاقُ عند مليك مقتدر.

الصديق ( ودالشريف) الصحافي والمريخي الكبير ظَل قريباً من ستة وثلاثين عاماً يرصُد تجربة الرجل عندَ ميلادِ الأغنيات هو ورفيقهِ المحامي عادل عيسي شيتوي وهما فى زحفٍ مُستمر من الشجرة والعزوزاب لمشاهدته ومشاهدة توهجُه والتماعهِ فى الفضاءات الرحيبة وفي حَفلاته.

ود الشريف بالعشق الكبير أبكي الناسَ وأشجاهم وهو يقتربُ منه بالمحبة والمعرفة والجنون.

فى القاهرة والرجلُ يقوم بالغناء وتسجيل البوم له بمشاركة الفرقة الماسية يقفُ دونهم المايسترو أحمد فؤاد حسن يترجاهم أن يتركوه = عازف الطبله = وهو يقول باللهجة المصرية:-

( ده صوابعو تتلف بالحرير…ده عليه خبطَة ددوم )

ثم هم يعتذرون أن الذى جاءَ به من هدأته لن يرضى ولو منحوه الذهب.

الموسيقار فؤاد كانَ يَحلم أن يُبقى عازف الطبلة الزبير محمد الحسن بمصر الشقيقة وللطبلة ضمن عمله الموسيقي سحرٌ وحضور مهفهفٌ جذاب.

لدا عودته = وردي= من المهجرِ قبل اثنتي عشر عاماً وقد بهر الناس بحفلاته لدا افتتاح مصنع الكوكاكولا ضمنَ مجموعة شركات دال يرحل الموسيقي الزبير بغتة.

مُعظم الناس يعرفون قوته = وردي = وهو قد تيَتم بفقد الوالدين فى سنٍ باكرة.

معظمهم لم يرَ الرجل طوال حياته إلا في حالٍ من القوة والشدة والشجاعة.

لأول مرة أنظر اليه وهو يبكي ثم هو يقول بعدها :-

( لم ابكي والدي مثلَ مابكيت الزبير )

ووقتها بكي الكثيرون وبكيت مثلهُم والاستاذ التجاني حاج موسي يستأذنُ أخته = الزبير= فى الطبلة التى كانت سره وحياته.

الطبلةُ ومحمد وردي فى حزنه وبكائه المُمض يحتفظ بها.

الإشارةُ أن الموسيقار كان يهتم بالفرقة وأفرادها ويعتبرهم جزءُ مهماً لابداعاته وهو من ثم يري ضرورة التوثيق لهم لدورهم فى تاريخ الموسيقي السودانية.

الدكتور محمد سيف بصدد الكتابة والتحليل لمثلِ هذه القضايا فى مشروعاته القادمة وليت الباحثينن غيرهُ يفعلون.

الكتابة عن محمد وردي تستصحب أهميةَ دراسة مسيرته ومراحله وانتقالاته ومواقفه والرجل لم يكن فناناً مُطرباً فحسب وإنما تاريخه عبرَ الحقب السياسيه كان محطاتٍ كبيرة وهو من الأهمية بمكان.

جانب مهُم جداً والحديث عنه لا ينتهي.

الراحلُ محمد وردي يُعتبر من أعظم الشعراء التوبيين ومفردته بهذا الخصوص أعيت البروف محمد ابراهيم ابوسليم فى بحثه عن تاريخ النوبيين وحضارتهم وهذه خطوةٌ لانجاز مشروع الرجل الذي ظل يدعو له بضرورة تأسيس مركز للدراسات والبحوث النوبية.

ثم…

والنداء يتصل والراحل أخريات حياته يقوم بحملةّ عن التعليم بمنطقته لتطويره من خلال مدرسة (صوارده) التى أسهمت وأسهم من خلالها فى تعليم الناس ولذا فان اللجنة العليا بقيادة الفريق محمدحامد عوض الله ينتظرها عمل كبير بدعوة الخيرين من أبناء المنطقة والمسوؤلين والفنانين لرد الجميل للرجل الذى أعطي دون حدٍ ورحلَ والحلم أن يكتمل البناء والعمل !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى