كُم الجلابية السودانية

أوتاد
أحمد الفكي
تظل الجلابية السودانية السائدة في المجتمع أحد معالم و مظاهر الإنسان السوداني ( الزول ) بما تتميز به من تصميم و إستايل خاص.
منذ القدم أخذت الجلابية السودانية أشكالاً متعددة تصل إلى أربعة مسميات الجلابية العادية المعروفة ذات الكُم الواسع و الزرائر الثلاثة، و الأخرى التي تشبهها و هي مقفولة دون زرائر و تعرف بالبلدية ( على الله) ، و جلابية الختمية ذات الياقة وهي تشبه الجلابية السعودية و القطرية و الكويتية في التصميم ، أما الشكل الرابع من الجلابية السودانية هي الجلابية الأنصارية ( جناح أم جكو) التي تُرتدى قُبلاً و دُبراً .
الجلابية السودانية منذ زمن بعيد إتخذت أربعة ألوان فقط لاغير ، اللون السائد هو الأبيض و الثلاثة الباقية المتنحية هي اللون الرمادي ، السماوي ( اللبني) ، السمني ( البيج الفاتح) . لا يشاركهم أي لونٍ آخر كما هو عليه الآن حيث أصبحت الجلابية من باب التطور وعدم المحافظة على مظهرها العام دخول جميع الألوان عليها ، كما فقدت هيبتها في شكل تصميم الجلابية البلدية ( على الله) التي أصبحت أقرب إلى الزي النيجيري إفريقياً و الباكستاني آسيوياً ولا تمت بصلة للشكل السوداني المعروف.
أذكر منذ سنواتٍ مضت زارني في مدينة حائل خالي الطيب محمد الجزولي ” طيَّبَ الله ثراه و جعل منزلته الفردوس الأعلى من الجنة ” قد شاهدته يرتدي الزي السوداني المتكامل و قد لفت نظري كُم الجلابية وهو أقرب لِكُم القميص و لم أعلق وقتها .
اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك للعام ١٤٤٤هجري شاهدت عبر قناة النيل الأزرق 2 برنامج أغاني و أغاني تقديم مصعب الصاوى لفت نظري أيضاَ كُم الجلابية السودانية حيث أربعة من المشاركين في الحلقة يرتدون الجلابية ذات الكم الذي يشبه كُم القميص . و السؤال الذي يطرح نفسه هل أصبح ذلك التصميم موضة دخل على الجلابية التقليدية ذات الكُم الواسع المعروف .
* كم نفر يدخل صديق في ثوب إنت ؟
السؤال أعلاه من شخص هندي تم توجيهه للأخ الأستاذ عادل سيد أحمد من أبناء نوري مواليد مدينة ودمدني شندي فوق، وهو إنسان يمتاز بالكرم الفياض و لا أريد أن أقصم ظهره ، ذات يوم كنا رفقة سفر من المدينة المنورة إلى حائل وفي إحدى مطاعم الطريق أردنا أن نتناول وجبة الغداء و كدأب الأخ عادل سيد أحمد و ما يمتاز به من نخوة ، حلف بالله أن يقوم بالواجب و أثناء وقوفه في الصف كي يأخذ طلبه وهو مرتدياً الزي السوداني كان يقف خلفه شخص من الجنسية الهندية وظل ذلك الشخص يحملق و يطيل النظر إلى كُم جلابية عادل و الدهشة تملأ عينيه ، وفجأة سأله عادل بلهجتنا المعتادة ( مالك يازول بتعاين في يدي.؟) فقال له الهندي السؤال أعلاه : كم نفر يدخل صديق داخل ثوب إنت ؟ في إشارة إلى كُم الجلابية التي كان يرتديها الأخ عادل .
*آخر الأوتاد :
من أقوال الشيخ فرح ودنكتوك كما جاء في كتاب الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك تأليف الطيب محمد الطيب : ( كُل يا كُمي قبل فمي)
مع كُم الجلابية الذي يشبه كُم القميص هل تفقد الجلابية السودانية شخصيتها ذات الكُم الواسع أم للظروف الإقتصادية دور في ذلك.؟