تقارير وحوارات
أخر الأخبار

الشيخ حَسن أبوسبيب وسماسرةُ التعليم

سَماسرةُ التعليم والحَملةُ ضدَ الدكتور عُمرُ القَراي

بقلم/مُحمّد عُكاشة

نَكتُبُ عامَ حُكومةُ د.حمدوك والحالُ ذاتهُ لم يتَحول.
…..
مُنتصفُ السبعيَنيّات من القرنِ الماضي كِدتُ من فَرحي أطيرُ ووالدي يأمُرُني بالاستعدادِ لأنهُ قد حانَ موعدُ تسْجيلي في المدرسة.
قُمتُ صَباحاً باكراً وتخييلاتٌ عَجيبة تعبثُ برأسي ليتقدَمُني والدي رحَمهُ الله وهو أيضاً (مدرسٌ) ذو هِمة.
مضيتُ في ركابه وهو يبذُّل لي النُصحَ في الطريقِ لأفهمُ شَيئاً وتغيبُ عني أشياءَ.
دَلفنا مدرسةَ العباسية غرب الإبتدائية الواسعةُ الأرجاء يكادُ يرمحُ بسُوحهِا الخيلُ وهي تتسعُ لعددٍ من المناشطِ وتلتفُ علي أشجارٍ وزهور في نظامٍ بديع.
يَستقبلُنا مُديرُ المدرسة وقتذاك سيّدنا الأستاذ حَسن أبوسبيب مُهابَ الطَلعةِ رابطَ الجأشِ غير أنه بسَامٌ ليحتفي بمقَدمي إحتفاءةً تركت في نفسي أثراً عَميقاً ووجدتُ مَعناها لاحقاً بأن للمدرسةِ مُهمةٌ تربوية تسبقُ العَمليةَ التعليمية.
ثم ينضمُ إليهما الأستاذ مُحمد أحَمد الفريجابي وكيلُ المدرسة ليتناجي ثلاثتهُم حولَ أهميةِ التعليم ودورهِ في نهضة الأمم.
قُمتُ إلي الفصلِ الأولِ وإدارةُ المدرسة تمنحُني حِزمةً من الكُتب والكُراسات وأقلامِ الرصاص وتُؤكد الحرصَ علي نظافةِ المدرسة والفصُول ومُزاولةُ الأنشطةِ المُختلفة.
وقتذاك كانَ التعليم حقَاً مجانياً وتحرصُ إداراتُ المدارسِ من جهِتها علي تفوُقِ تلاميذها بدروسِ (المُذاكرة) المَجانيةُ في المساء.
الحملةُ المسعورةُ يشُنها علي الدكتور عُمر القراي هم ذاتُ الذين غصَبوا التعليمَ مجانيتُه وهم يتَجرون فيهِ بلا تربيةٍ ويتكسبُون بلاخُلقٍ يهدمونَ التعليم الحكومي لصالحِ المدارس الخاصة ويحتكرونَ مصانعُ طبعِ الكُتب والدفاترِ والأدواتِ المدرسية لتغدو حَسنةَ السيرةِ المطابعُ الحُكوميةُ خُردةً أخَلاط.
دولةُ رئيسُ الوزراء د.عبدالله حمدوك إذ تقومُ لإصلاحِ الخراب (العام) تنهدُ إلي قضيتي التعليمِ والصِحة بشكلٍ أساس يترافقُ معه محُاولة تحَسينُ مَعاشِ الناس ولئنَ ابتدرَ وزير التربية السابق موضوعُ تجديد وتأهيل المدارس الحكومية ومُحاصرةِ التعليم الخاص فإن الوزيرَ الجديد ينتظرهُ رقعُ تلك الجهود بالعملِ والقرارات الحاسمة فالسنةُ الدراسية المُتقطعةُ تكادُ تنقضي ولكن علي الرغم من قِصر شهور السنة إلا أن مُعظم إدارات المدارس الخاصة ضاعفت من الرسوم بصورةٍ أثقلت علي مُعظم الأسر حتي غادرَ البعضُ إلي التعليم الحكومي وهي حالةٌ تجئ علي نحوٍ مُوجب بوجهٍ من الوجوه بما يتطلبُ من الوزارة والمواطنين تكثيفُ الجُهود وتوحيدِ الهدف بأن يعود العام القادم والمدارسُ الحكومية تغدو قبِلةً للتلاميذ وذا لن يتأتى بغيرِ الدعمِ الحكُومي والشعبي وترقيةُ (المعلم) وتحسينُ أوضاعه وراتبهِ وحافزهُ دون سقف.
بعض المدارس النموذجية الخاصة تتميزُ بالتفوقِ الأكاديمي وبالرسومِ الرمزية مثلُ مدرسة المرحُوم يُوسف الدقير الثانوية بالثورات وهي نموذجٌ يُحتذى لأن مُؤسسُها مُواطنٌ صالح يتَرجي المُساهمةَ المُجتمعية ولا يتربحُ من وراءِ تعليم الناس ومثلهُ كثيرون فبإمكانِ المُوسرين المُوسعُ عليهم من الأخيارِ الأبرارِ وكذا الشركات والمؤسسات المالية الوطنية أن تقومَ تتكفلٌ بدعمِ وصيانةِ وتأهيلُ بعضِ المدارسِ علي أن تخفَ الدولةُ لبناءِ وتأسيسُ أخري في المناطقِ كثيفةِ الزُحام.
السيّد وزيرُ التربيةِ والتعليم نَضعُ في مِنضدته طلبٌ بأن ينعقدَ مؤتمرُ للتعليمِ إذ ما تزالُ المناهجُ حشوٌ لافائدةَ به والمؤتمرُ يَعقدُه لبحثِ السُبل المُمكنةُ لتدعيمِ التعليم الحكومي وأن يعملَ قبل ذلك بفتحِ مكتبه لقبَول الشكاوي من المواطنين بفرضِ الرقابةِ علي المدارسِ الخاصة قبل نهايةِ العام فكثيرٌ من الأسر مجَبورون مغلوُبونَ علي أمرهِم فأطفالهُم يكتظُون في شُققٍ ضيقةٍ مع انقطاعِ التيار الكهربائي وتزايدِ حالات العدوي بالأمراض ومع ذلك فإن بعض إداراتِ هذه المدارس لا تزال في صَلفهِا القديم لا تحفلُ بشئ ولا تخشي أحداً وبعضُ هؤلاءِ (فاقد) تربوي لا يحُسنون مُعاملةَ التلاميذِ في مَرحلةِ الأساس ولا يعرفُون (حقوق الطفل) وأضربُ مثلاً فحينَ تقومُ الإدارة بتعنيفٍ الطفلِ أمامَ أنداده لأن أسرته لم تستكملُ ماتبقي من رسومٍ وإلا (خليك في البيت) فإن ذا كفيلٌ بتحريكِ إجراءاتٍ وفتحِ بلاغٍ في نيابة الطفل لأن العقدَ والخطابُ والتفاهمات يكونُ بين ولي أمره وبين الإدارة وهذه تحدثُ كثيراً عندَ إقتراب العام الدراسي ولقد حدثت بالفعل مُشكلات عديدة مع إدارات هذه المدارس بسببِ هذا السلوك الشائن ومن يكتبُ هنا نشر من ذي قبل حالاتٍ كثيرة قبل أعوام ولكن بلا جدوي لأن بعض إدارات هذه المدارس كانوا (نافذين) وأعلي سُلطةٍ من الوزير ومن وزارته ولذا فإن الوزارةُ في عهد الحرية والعدالة ورغبةِ (التغيير) لإستعادة التعليم مجانيتُه ومكانتهُ فإن في اتخاذ قرارات حاسمة لوقفِ مثل هذه التفلتاتُ المَعيبةُ ذاتُ التأثيرِ البالغ علي الطفلِ وسلامته النفسية مُهمةٌ جداً وأن إستعادةُ الوزارةُ لوظيفةِ المُفتش لازمةٌ لمعُاقبةِ المدارس الجانحةُ الجامحةُ تَكسِبُ المالَ وهي تعملُ علي إفقارِ التربيةِ والتعليمِ من المَعني وهي تضُرُ ولا تنفع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى