تقارير وحوارات
أخر الأخبار

الفقرُ وحَجبُ المواقعُ الإِباحية

الفقرُ وحَجبُ المواقعُ الإِباحية

 

بقلم/مُحمّد عُكاشة 

 

أحدُ الباحثينَ ضمنَ مركزٍ مرمُوق في دراساتِ المُجتمع أطلعني علي واحدةٍ من الدراسات الموثوقة حولَ (الفقر ) الذي أطبقَ علي قطاعاتٍ واسعة من الشعبِ السوداني في العقد الأخير وما رافقَ حياةَ الناسِ من تصاعدٍ جُنوني في أسعارِ السلع ومانجمَ عن السياسات الإقتصاديه الخاطئةِ التي (حررت ) كلَ ثمرٍ من سُنبلِه وأطلقتِ الجشعَ من عِقاله.

الدراسةُ تقومُ علي مسحٍ ميداني في حيٍّ خُرطومي قديمْ كان لوقتٍ قريبٍ ينظرُ (الغُبش ) إلي قاطني (عَمائِره ) علي أنهم ممن (يخمُون ) الدجاجَ وبيضهِ بالجملة.

الباحثُ النحرير في بحثهِ ووسائلهِ يرصدُ قياساتِ الفقرِ بصورةٍ نِسبية إذ الفقرُ في حيُّ ( الملازمين) ليسَ كالذي في (زقلونا) وهو من ثُم يعمِدُ إلي مُقاربةِ ذلك مع منظُومة القِيم والأخلاق والذينَ تحسَبهُم أغنياءُ من التعفُف.

أحدُ الموظَفين في مَصلحةٍ حُكومية تَختلُ (موازانته ) في العامينِ الماضيين إذ يغفو ويصحو علي زيادةٍ في سلعةٍ ضرورية بينما الراتبُ المَجذّوذُ في حدهِ مثل (الضُل الوقف ما زاد ) بل هو كالمُنبت لاظَهراً أبقي ولا أرضاً قطع.

صَديقي المُوظفُ (الأمين ) يقَضي شَهرهُ في مُباصرةِ (كلُوا وأشربوا ) بلاطائل.

هو يَسردُ لي مجموعةً من الأسماء ممنْ أعرفُ أجمعوا أمرهُم عِشاءٍ على ضغطِ ميزانِ المصُروفات الضروريةُ وإنقاصُ (الحصص ) والمؤونةُ بما فيها حَليبُ الأطفالِ والعملُ لإيجادُ بدائلَ لإقامةِ ( الأود ) حتي يقضي اللُه أمراً كان مَفعُولاً.

من ضِمنِ (فِقه )البدائلِ قصةٌ عجيبة يَحزنُني أن أقُصها.

قامَ أحدهُم سِراً بالاتفاق مع صاحبِ كافتيريا ضخمة في (حارتهم) وقد تَعذرَ عليهم أكلُ اللحومِ بصورةٍ راتبة وقد (تَعززت ) هي بدورها مع الظُروفِ الماحقة.

الرجلُ أبرمَ اتفاقاً مع صَديقهم صاحبَ الكافتيريا أن يغدو إليه مَساءً وقد وزنَ عظامَ الفراخِ التي يَستلُ لحمُها للشاورما بسعرٍ زهَيد للكيلو وحتي لا ينتبهَ فإني أخبرُهُ بأنهُ يَشريها لبعضِ فُقراءَ الحيّ.

هو يحكي لي..هذه نُسميّها ( الهايسات ) والعِظام لات كون منزوعةَ اللحمِ تماماً وطبخُها مع حِزمةِ خُضروات تمنحُكَ (شُوربة ) كَاربة وصَحنُ (فتة ) شهيٌّ.

هذا يَحدثُ ببطنِ عاصمةُ البلاد وليسَ في أم طَرقاً عُراض أو عندَ ناس الحِلة القامت بدري.

رحِمَ الله الفنانَ الإنسان مجدي النور نصيرَ الفُقراء والمساكين.

مجدي ونحنُ في ذكري رحَيلهِ كانت أعمالُه الإبداعيةٌ تدورُ حول الفُقراء.

أما هؤلاءِ..جَماعةُ الهايس.. فهُم مواطنونَ من الطبقةِ الوسطي لو أنَ ثمتَ طبقاتٍ تَبقت في البلد.

صَارَ الناسُ في بلدٍ ذاخرٍ بالخيرات إلي طبقةٍ واحدةَ بَرّحَ بها الفقرُ وشَظَفُ العيشِ وهي تُعاني الانحصارَ النفسي بسببِ ضغوطٍ فوقَ الطاقة.

الناسُ برغُمِ الذي يقهرهُم إلا أن ( العفةُ ) ما تزالُ تَرقُعُ ثوبَ المعيشةِ المُهلهلِ ذي الثُقوب.

في الضَفةِ الأخري يقومُ ( صالحون ) بالإنفاقِ والصدقاتِ وتَفريجُ الكُروبُ سِراً وعَلانية.

أناسٌ عاديّون منِهم ذاكَ الشابُ الذي يَطوفُ ليلاً علي بعضِ المَشافي الحُكوميةُ ويتفقدُ المرضي ويَشرِي للمُحتاجين منهم الدواءَ ويهبهُم ممارزقَهُ الله من عَطاءِه.

التوالي والتكافلُ الإجتماعي ما يزالُ قيمةً شاخصةً وهو بعضُ ما نَعتزي بهِ في هكَذا حَال.

بعضُهم يتداولُ عبرَ الوسائطِ بهذا الخُصوص هذه الفكرة :- 

 ( ﺍﺫﻫﺐْ ﻟﻠﺒﻘﺎلة ﺍلتي في ﺣﺎﺭﺗﻚِ ﻭﺍﻃُﻠﺐ ﻣﻦ ﺻﺎﺣﺐِ ﺍﻟﺒﻘﺎلة ﺩﻓﺘﺮ ﺍﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴﺎﺕ ﺳﺘﺠﺪُ أﺭاﻣﻞَ ﻭﻓُﻘﺮﺍﺀَ ومساكينَ ﻳﺸﺘﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ وﺳﺘﺠﺪُ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ ﺑﺴﻴﻂ ﻓﻲ ﻧﻈﺮِﻙ ﻟﻜﻨﻪُ ﺛﻘﻴﻞٌ ﺑﺎلنسبةِ ﻟﻬُﻢ.

قُم ﻳﺘﺴﺪﻳﺪِ ﺍﻟﻤﺪﻳﻮﻧﻴّﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊُ ﺳَﺪﺍﺩُﻫﺎ وﺍﺣﺬّﻓﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻓﺘﺮِ أﻭ ﺣﺘﻰ ﺟﺰﺀٍ منها وإﻥ ﻟﻢ ﺗَﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ أﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﻜِﺮة

ﻟﻌﻞّ ﻗﺎﺭﺋﺎً يتَتبعُها ﻓﺎﻟﺪﺍﻝُ علي ﺍﻟﺨﻴﺮِ ﻛﻔﺎﻋِﻠﻪ)

الفقرُ يُحيطُ بالناسِ ويمشي في الطُرقات والفسادُ يَطيرُ بجناحين و( العدالة ) الاجتماعية معنيً قَصيٌّ عصيٌّ صَعبُ المنال ومع ذلك فإن بعضَ الجهاتُ ( الرسمية ) في الدولةِ تحَتفي بانتصارها ونَجاحِها في حَجبِ بعضِ المواقعِ الإباحية في الشبكةِ العُنكبوتية حتي لا تخدشَ ( أخلاقُ) أهلِ السُودان.

يامَرحَي يامرحَي..بخٍ بخ.

ما قَصرتو تَب وشكَراللُه سَعيَكُم واللُه المُستعان علي ماتَصِفون.

 

صحيفة أخباراليوم –

الخميس3مارس2016

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى