مُحمدعُكاشة يكتب:- تَبنَي موضوعَ زوَاجَي وهو لايَعرفُني..الدكتور التُرابي كما عَرفتهُ

بقلم/محمدعكاشة
هذه كِتابةٌ هي أدخلُ في بابِ الخواطرِ منها إلى النقدِ أو الدراسةِ والتحليل فهي كتابةٌ عفوُ الخاطرِ لجِهةِ أني مَدينٌ للدكتور حَسنٰ التُرابي بخاطرٍ مِسماح لموقفٍ عَجيب أذكُره ضمنَ المُسوغاتُ المُبررِةُ للكتابةِ هذي ثُم ولأنني الآنَ رفقةَ عَمنا الأمين علي خليفة بمدينةِ القاهرة وهَو في حَالةِ استجمامٍ بما يُعدُ سانحةً ثميَنة للأنسِ وللتوثيقِ فالرجلُ البطحاني = الأمين = لتعريفِ القارئ الكريم هو أحدُ دُعامات الإقتصادِ القومي الاخفَياء لأعمالهِ المُتعددة ثم هو ( شيخُ العرب) بصفاتهِ وبمكارمِ الأخلاق وهو أحدُ زعامات قبيلةِ البطاحين ثم هو من جهةٍ أخري هي مَناطُ خاطرتي هذي فهو من خُلصَاء الدكتور حَسنٰ التُرابي لأكثرَ من خمسةِ عقود في علاقة مُثرية لم يُكدرُ صَفوها مُقتضى الإلتزامُ التنظيمي ذي اللوائحِ ولم يَبلو قُوتها شُبهةُ المصالح المُتعينةِ وإنما علاقةٌ استمدت من الذاتِ الثرةِ العَميقة بالمحَبةِ والإحترام المُتبادل بل وروحَانيةٌ شفيفةٌ لا تُفرق بينهُما حتي بعد الموت فلقد أمضي الدكتور التُرابي ثُلثَ الليل الأولِ يوم وفاته بديوان شيخ الأمين بضاحيةِ البراري يتناجَيان في همومٍ شتى.
التقيتُ الدكتور حسَنْ الترابي للوهلةِ الأُولى قبلَ نحوِ أربعينَ سنةً وانا تلميذٌ بمدرسة قطر الإعدادية بالدوحة حينَ زيارتهِ لها يَحتفي بمقدمهِ السُودانيّون في الخليج لكونهِ شخصيةً سُودانية تميزت في الفقهِ الدستوري بمساهماتهِ في وضع لبناتِ مُسودات دساتيرِ بعض الدول فهو في هذا المجال يكادُ يُضارعُ بالنبوغِ عبد الرزاق السنهوري ثم وأنني في دولةِ قطر وقتذاك أجدُ الرجل = الترابي = واسعَ الإنتشار في صفحات المجلاتِ القطرية فرئيس تحرير مجلة” الامة ” عمر عبيد حَسنة ينشرُ سلسلةَ حواراتٍ معهُ حولَ الفقه والتجديد والمعاصرةُ في حوارتٍ عميقة لم أفَهم منها شيئاً حينذاك بيدَ أنها منَحتني الشعورَ بالرضا وسط أترابي العرب بالمدرسة.
مُنتصفَ ثمانينيّات القرنَ الماضي بين يَدّي انتخابات الجمعية التأسيسية وكنتُ وقَتها ناشئةً في بلاط الصحافة فلقد تم تكليفي بتغطيةِ ندوة للرجل ضمنَ حملتهِ الإنتخابية لالتقيهِ كِفاحاً قبل بدء خطابهِ وهو يختصُني باجابةِ سؤالينِ ويختصُني في ذات الوقت بإبتسامة اعتادها غيرَ أنها في حالتي كانت تقريظاً لأهمية سؤالين يستغربُ يصُدران من صِحافي في مثل سني.
ثم تمضي الأيامُ ليقومَ إنقلابُه في الثلاثين من يونيو 1989م قيامةً فهو يذهبُ إلى السجن حبيساً للتأسيسِ لمشروعِ دولته الحُلم بل ويترَجي قيادةَ العالم أجمع ناهيك عن حُكم السُودان وحده.
مضي دكتور التُرابي إلى غايتهِ يُؤسسُ المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي يتَداعي إلى الخرطوم قادةُ التنظيمات الإسلامية إرهابيو دولهِم المُسجلون بصفةَ خطرٍ في المُنظّمات وأجهزة المُخابرات العالمية وهو لايعبأ بشئ ولايخشي شيئاً وهذي من صِفاته الأبرز قال بها في حواري إليه عَمنا الأمين علي خليفة في خلوته بالقاهرة.
الدكُتور التُرابي طاقةٌ مَهيبة علي العمل وتركيزٌ عالٍ تميزَ به في الكُليات وفي التفاصيل.
في ذاكَ الوقت قبل ثلاثينَ سنةً وهو يزدحمُ بإدارة دولته الوليدة وضيوفُ مؤتمره أقومُ بزيارةٍ الأستاذ سيد الخطيب مُدير مكتبه العائدُ لتوه من الولايات الأمريكية تُرافقُني شابةٌ عائدةٌ هي الأخرى من مُستقرها في لندن تنَضمُ إلينا فترةَ اجازتها مُتطَوعةً للترجمةِ بمعهد البحوث وهي كَريمةُ رجلِ أعمالٍ مَرموقٍ ليخرج بغتةً الدكتور التُرابي من مكتبه المُزدحِم ليُعرفُني به الخطيب ويُعرفهُ بمُرافقتي أيضاً وهو يعُرفها جيداً بل يَدينُ = الترابي = لوالدها بالفضلِ إذّ غامرَ بإخفائه رغم المُخاطرةُ الباهظةَ حينَ كان يُطارده رجال الأمنَ أيامَ النميري.
تَبّسمَ الدكتور حَسنٰ التُرابي بوجهي ثم يستأذنني علي انفرادٍ زاويةَ المكتب يُسآلني سؤالَ منكر ونكير عن علاقتي بالشابة يحَضُني علي البِناء بها علي الفور وأنه سوف يُتممُ الأمرَ كلهِ ولم تُجدي مُحاولاتي إقناعهُ بأنَ الأمر ليس كذلك غيرَ أنه أصرّ علي أنه كذلكَ وأكثر.
حدثَ ذلك عامئذٍ ولاتربطُني بالشيخ حَسن الترابي رابطٌ أو تواصلٌ غير أنه بحسبِ الشيخ الأمين على خليفة تَزدهيهِ مثلُ هذه الأحوال.
تَزدهيهِ حالةُ فتيً من غِمارِ الناس طماحٌ مُجدٌ يَعتدُ بُقدراته الذاتية جاءَ يسَعى من أقَصا المدينةِ جَهة الحَيٍ الشَعبي وفتاةٌ مُختلفةٌ تتئدُ مُحبةٌ وهي تنفكُ من أغلالِ مَيعةَ الارستقراطية والمالِ والبُيوت المَخملية.
رحمَ الله الدكتور التُرابي وأسبلَ الله سترهُ وعافيتهُ على عمنا الأمين على خليفة.