أعمدة

عِمامة باشاب

أوتاد –  أحمد الفكي

تظل العِمامة (الجمع: عمامات أو عمَائِم) أو العِمَّة  السودانية  علامة فارقة  تميز  الزول  عن غيره  من باقى شعوب العالم  ،  كما  الزول ( الشخص العظيم)  كلمة  تخص فقط الإنسان السوداني  ها هي عمامتنا بلونها الناصع البياض و طولها  المعروف و طريقة لفها  مما  يلفت أنظار   الآخرين  من دول العالم المختلفة.
تجدر الإشارة  أنَّ العمامة لباس رأس منتشر في كثير من المناطق والشعوب في العالم وليس حِكراً  لدى الشعب السوداني  فقط ، و لكن تختلف أنواعها  وألوانها وأشكالها من مكان إلى آخر كما يختلف المغزى من لبسه كوقاية من الحر والبرد، وبين جزء من زي تقليدي شعبي وبين زي ديني أو مذهبي وبين الموضة الصرفة، وهي من لباس العرب، وقد اشتهروا بها حتى قيل :  ( اختصَّت العرب بأربع : العمائم تيجانها، والدروع حيطانها، والسيوف سيجانها، والشِّعر ديوانها ) .
جاء في كتب السيرة  و الأخبار  كان  النبي محمد صلى الله عليه وسلم يرتدي أكثر من عمِامة.
خلاف سوداننا نجد العمامة منتشرة في العديد من البلاد إذ نجدها في  جدة – السعودية و سلطنة  عُمان  و جنوب مصر والمغرب والشام وغيرها، وكذلك في أفغانستان  و الهند حيث   طائفة  السيخ ، ويشتهر الطوارق أيضاً بلبس العمامة وهي إحدى العلامات المميزة لهم .
ورد في كتاب زاد المعاد لابن القيم   ( إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان له عمامة تسمى السحاب، كساها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان يلبسها ويلبس تحتها القلنسوة (ما يشبه طاقية الرأس)، وكان يلبس القلنسوة بغير عمامة، ويلبس العمامة بغير قلنسوة، وكان إذا اعتمَّ أرخى عمامته .)
للحجاج بن يوسف الثقفي موقف مع العمامة وكانت هي بمنزلة الهوية له  حيث ذكرها  في خطبته  المشهورة عندما دخل الكوفة  وقتما ولَّاه الوليد بن عبد الملك عليها ، دخل المسجد وجلس على المنبر  فترة زمنية محدده  ولم ينطق بكلمة  وعندما رأي التَّعجِب في وجوه من هم في المسجد  بدأ خطبته بمطلع قصيدة سحيم بن وثيل  قائلاً :
أَنَا ابنُ جَلَا وطَلَّاعُِ الثَّنَايَا
متَى أضَعِ العِمامَةَ تَعرِفُوني
من الطرائف المتعلقة بالعمامة  ما وصلنا عن أبي دلامة  في كتاب  مجاني  الأدب في حدائق  العرب للمدائني : دخل أبو دلامة على المهدي وعنده إسماعيل بن محمد وعيسى بن موسى والعباسي بن محمد ومحمد بن إبراهيم الإمام وجماعة من بنى هاشم. فقال له : لئن لم تهج واحداً ممن في البيت لأقطعن لسانك. فنظر إلى القوم، فكلما نظر إلى واحد منه غمزه بأن عليه رضاه. قال أبو دلامة: فعلمت أنى قد وقعت، وأنها أزمة من الأزمات لابد منها، فلم أر أحداً أحق بالهجاء منى، ولا أدعى إلى السلامة من هجاء نفسي، فقلت :
ألا أبـلـغ إليـك أبـا دلامـة
فليس من الكرام ولا كرامة
إذا لبس العـمامـة كان قرداً
وخنزيراً إذا نزع العمامة
جـمعت دمامة وجمعت لؤماً
كـذاك اللـؤم تتبعه الـدمامة
فإن تك قد أصبت نعيم دنيا
فلا تـفرح فـقد دنت القيامة
فضحك من حوله ولم يبق منهم أحد إلا كافئه  .
في سوداننا الحبيب  الكثير من الشخصيات المشهورة التي تميزت بلف العِمة  ففي المجال الفني  كما ذكر الباحث  في الأغنية السودانية  الأستاذ أحمد المصطفى عبر برنامج أغاني و حكاوي الذي سبق أن بثته قناة الشروق الفضائية، حيث ذكر أنَّ نجم الهلال الأسبق  الفنان كرومة ” طيَّبَ الله ثراه” كانت له لفة عمة خاصة و   مميزة جداً  . أما الفنان كمال ترباس لا يختلف عليه إثنان بأنَّ له عمامته  الخاصة و المميزة  التي يصل طولها إلى تسعة أمتار  .
أما عِمة  الرئيس الراحل  المشير جعفر محمد نميري  هي علامة فارقة بكل ما في الكلمة من معنى  و يكفي شهرتها أنها كانت في العملة الورقية الجنيه السوداني بكل فئاته المتداولة في ذلك الوقت من تاريخ 1 يناير 1981 وحتى نهاية حكم النميري في السادس من أبريل 1985 .
*آخر الأوتاد :
على متن سيارة م / عادل أبو قرون توجهنا من مدينة حائل إلى المدينةِ المنورة كنا أربعة شخصي و د/ بدر الدين باشاب – إختصاصي الجراحة العامة و المسالك البولية ، و م / عادل أبو قرون ، و الأستاذ عادل سيد أحمد ، اصطدنا بها أكثر من عصفور بحجر واحد ، حيث زيارة قبر المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه و الصلاة في الروضة الشريفة و مشاركة الأخ عادل سيد أحمد في تشييع أحد معارفه و دفنه في البقيع . عندما وصلنا مشارف المدينة المنورة أخرج د/ باشاب من حقيبته عمامة بيضاء جديدة و كانت المفاجأة لنا أن طلب د/ باشاب مساعدته في لف العمة حيث أنها أول مرة في حياته يلبس العِمة ، فقام م/ أبو قرون بلفها له بصورة جميلة ، وقمت أنا بنزعها منه وقلت له أبو قرون أعطاك سمكة و لكني سوف اعلمك كيف تصطادها ، و بالفعل قمت بتعليمه لف العمة ثلاث مرات فقط و في الرابعة لفها د/ باشاب كما يلفها الرئيس الراحل جعفر محمد نميري ” طيَّبَ الله ثراه” فكانت عِمة باشاب علامة فرح إلتقط بها أكثر من صورة أرسلها لأسرته التي شاركته البهجة وهو في كامل زيه السوداني القومي الجميل .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى