يا الله..لماذا خلقت شفاه الروميات بهذا الجمال؟

بدون زعل
بقلم/عبدالحفيظ مريود
هل أتاك حديث المرمر؟
فى وهدة من وهاد العشق. نزلنا..أعلق – متأملا – هل تعرفين أن فمك جميل جدا؟..السؤال فخ..ثعلب نزق يتربص بالزوايا..اللعس..التكوين فى مجمله..علقت – ضاحكة – ” عايزنى أنجز براى يعنى وللا شنو؟”..
أنصدم من التعليق. كان جلال الدين الرومى يتساءل:
يا الله..
لماذا خلقت شفاه الروميات بهذا الجمال؟
بمثلما يقفز أزهري محمد على، الشاعر، ساكن الحارة ١٤ بالثورة، فى اللحظة التالية لتعليقها، فى قصيدته ” وضاحة”، متحسرا جدا، حد الندم ” يا ريتني لو أقدر أكونك”..وددت لو أننى لقيته، مباشرة بعد تعليقها المتسائل، المستحث ، المستغرب، لأصفعه بالسؤال :” أها..وبعد تبقاها؟”..هل ستنجز، لوحدك، غير منتظرها، كما أفحمتنى المرأة الغجرية؟
لتنجز، تحتاج أن تكون هى – الأوبجيكتيف – حاضرة..مستقلة الوجود، ومتصببة عرقا…لا أن تكونها، لأنه – لحظتئذ – ينتفى الحب، الرغبة، العلاقة..الإشكال الشعرى، ذاته..يختفي سؤال الموسيقى، وتبقى الإجابة..فالرغبة، الحب، العشق موسيقى بدرجة عالية التناغم، سؤال يبحث عن جواب..وليس فى مقدورك أن تكونهما، معا..
شايف كيف؟
عاصم الحزين، الشاعر البوهيمى، يتخطى أزهري محمد على، فى المضمار..يتوغل، بمهارة فائقة :
لو كان السؤال الحب..
هل تقدر تطول زيك..
وتشبه روعتك جواى؟
تكمن عبقرية عاصم الحزين المتخطية للعادى، السطحى، فى أنها – الحبيبة – موجودة فى سياقها الفيزيقى المدرك، كلية..غير أنها متجاوزة ذلك، فى وجودها القار فى ذاته، فى مشاش عظامه وتجاويف روحه، أبهى وأروع و أجمل..بحيث أنه، فى وجودها الأصلى، لا تستطيع أن تشبه وجودها فى روحه..فهى هناك أجمل..فتامل، أيدك الله بنصره.
فالأصل ما ببقى صورة، كما غنى المغنى، غير أنه – فى حالة عاصم – فإن الصورة أجمل من الاصل..وقد مزق محمود درويش فاتورة الوجود الفيزيقى للمحبوبة، متخطيا حسرة أزهري محمد على، وواقعا فى الحفرة ذاتها :
والحب ألا يدرك المحبوب..
أرسل عاشق لفتاته فرس الغياب،
واختصر الطريق : أنا هى…
يعنى ما ” يا ريتني لو أقدر أكونك”..”بقاها عدييييل كدا”..وفى ذلك ورطة : حسنا…كيف ستنجز؟
شايف كيف؟
ليأخذ الحب سيرورته، يتوجب وجود ذاتين..حبيبين..لا ان يتخلص العاشق من الحضور القاهر، الوجود اللاهب للحبيب، خارج ذاته..لكن يمكن لوجود الحبيب فى ذات المحب أن يتجاوز صفاته وهالاته الحقيقية، فيصير مكتملا، أو أشد اكتمالا، كما هى حالة عاصم الحزين..
لكن كان فى مقدور أزهري أن يصبر قليلا..لأنه فى مناجاته، تلك، وصل الذروة :
لا قدرت اطولك، شان أجيك…
لا قدرت من غيرك أكون.
وهو الوضع المعتدل للحب..سبقه إليه شعراء الحب جميعا..وعبر عنه عوض أحمد خليفة بوضوح، فى رائعته ” ربيع الدنيا”، بطعم عبقرية عثمان حسين ” لا قدرت أقرب من ضراك…لا قدرت لفراقك أصل”..عالق فى الوسط، كما غنى مايكل جاكسون، أيضا..
الإبهار فى معانى عاصم الحزين.. ذلك أن المحبوبة/المحبوب شخص عادى تماما..” عندو فشفاش، مصارين وإضنين زينا كدا”، كما كانت تقول الغجرية..شخص يمكنك أن تتجاوزه، بسهوله، لأنه أجمل وأبهى وألطف، عشرات المرات، داخلك ” جواك “، منه على الطبيعة والحقيقة..لكنه لا يمكنك من أن تنجز..لتنجز، تحتاج إلى وجوده الركيك ، المعولق دا، خارجك..أو ستكون مثل قيس ليلى، المجنون..فقد جاءته فى فلواته تلك، وقالت له ” أنا ليلى”..أشاح بوجهه عنها، وقال ” إذهبى عنى يا امرأة…فصوتك هذا ينأى بى عن ليلاى “..
شايف كيف؟
الحارة ١٤ دى يسكنها أزهري محمد على، أحمد شاويش الفنان، والحلبية المقيمة – حاليا – بأوروبا. ولأنها هجرتها، فهى حارة خالية، تماما، من وجهة نظر السلطات المحلية…
شايف كيف؟
*ملحوظة:
الصورة لوحة للفنان الألماني فيليب ويبر