
و “دلالُ” فتاةٌ وادعةٌ وفاتنةٌ في آنٍ واحدٍ.
نهدت إلى طور المراهقة مخفورةٌ برعاية أبٍ محافظٍ صارم غير أنه يرقى بأهمية التعليم يصون المرأة زيادةً في الحسن.
أول لقائي بها في عطفةٍ ناحية الخرطوم تلاته ذاك الحي العريق مصهرُ أخلاطٍ متعددة وقاطنوه أقوامٌ ذوو افتتانٍ بالشعر والفن والأدب بل ويكادُ الجنُ يستترُ بدورهم وفي الطُرقات.
لقيتها إذاك في فتنة “الثوب الأنيق” وكفها تخّضَبَ بالحِنّاء وهي تختالُ بالحُسنِ والحُسنُ فصلٌ والربيعُ ربيعُ.
قمتُ أبُثها رغبة السفر تلقاء مصرَ “المحروسة” ومنها إلى ماوراء البحار ليهمي طرفها بالتذّراف يندُ بغتةً عالجته بإبتسامةٍ لم تفارق ذاكرتي قط.
وفدتُ “مصرَ” ذات صباحٍ أغرّ وشتاءٍ ساغب أتلفحُ الذكريات مثلي مثل الأفارقة القدماء يقطعون المسافات البعيدة إلى موارد المياه القديمة وهم إذ يفعلون يقولون أنّهم لايطلبون جلب المياه العذبة وإنما لأن الذكريات تنتظرنا هُنالك.
أقمتُ بأرضِ مصرَ سنين عدداً في خلوةٍ مجيدة يقطعُ صفوها أحياناً لقاء أُصيحابٍ يغتني المرءُ بالأنس بهم وهو يتسّمعُ حكايات بعضهم في صبواتٍ ماجنهَ رِدفَ غانياتٍ يتقافزنَ يتقامزنَ باللذّة بغيرِ حرجٍ ثم لأطربُ إلى مخزونِ أسرارِ بعضهم في الشعرِ والأدب ومن بين هؤلاء برزةٌ مرموقون في المنصات العالمية بفضل ناتجهم الثقافي والإبداعي.
ثم..أعود غسّقَ الأسحَارِ إلى خلوتي لأكتبَ فصولاً لقصةٍ مبعثرةٍ سعدتُ بها حينئذٍ فهي نفثاتُ يراعٍ حارَ قلبُ صاحبهِ لإستعادةِ الذكريات القديمة وهو يُصور تجاربَ حبٍ خائبة غير أنها صيّرتهُ أكثرَ قوةً ومُضاءً يستمدُ من الذات الثرةِ العميقة فالمرأةُ إذا أَمعّنتَ في تأنٍ هي معراجٌ إلى مقامِ الحُبِ الأسني ولكنّ أكثرَ العاشقينِ لايعلمُون.