أعمدة

وااا أسفاً على قرنق


خواطر طبيب

بقلم/البروفسور علي بلدو

كما قيل قديماً فأنه في الليالي السوداء المكفهرة و المدلٌهمات ’ كحال الايام التي نعيشها الان’ فاننا نقتقد البدر و لربما بصيص نور و ضياء للسالكين و الثائرين و الصابرين’ و نبراساً للذين اقاموا الليالي هتافاً و تضحية و لم يجدوا في النهاية الا مُكاءً و تصدية.
افتقدنا القاً و رقراقاً في زمن بيع الضمائر و الذمم و المتاجرة بكل غالي ونفيس’ ابتداءً من الدين نفسه و انتهاءً و ليس نهايةً بدماء الشهداء الطاهرة الزكية و التي باعها الكثيرون و الكثيرات و اشتروا بثمنها خُبزاً و جاهاً و سلطةً و ما علموا’ أنه ليس بذلك وحده يحيى الانسان’ هذا ان تبقت في دواخلهم المشوهة و نفسياتهم المضطربة ذرةً من انسانية ’ او باقي ذراري من بشرية في وطن اصبح يعُج بالشواطين جناً و انساً ’ عرباً و عجماً و رجالاً و نسوة’ و ليس لنا في ذا و ذاك ألا الصبر و ما الصبرُ الا عن عظيم المُصيبة.
و اذ نحن في هذا التيه الضبابي و زخم الوهم و هُتاف الضلال ’ اذ بنا تمر علينا ذكري اغتيال الرفيق المناضل و البطل الجسور الدكتور جون قرنق دي مبيور ’ و الذي قدم روحه ايضاً كأمل و فداء و قُربان للسودان الجديد الذي طالما حلُم به الناس ’ ذلك السودان :

سودان جديد نلحق البعيد
يد و يد و يد ما في بينا سيد
سودان العزة و الكرامة شرقاً ووسطا’ شمالاً و جنوباً’ نتلاقي فيه و نتقاسم الوجعة و الهجعة’ مليون ميل مربع تكفينا و تزيد لنعيش فيها معاً’ و نتفيأ ظلال الحرية الحقيقية و الديمقراطية و الاشتراكية.
لقد قاتل قرنق و بشراسة نادرة ابناء الجنوب ممن دعوا للانفصال و لو كان قد قام بتوجيه تلك الطاقة العسكرية الجبارة و التي استنزفت الجيش الشعبيي لتحرير السودان في قتال حكومة الخرطوم فقط دون الانشغال بقتال الانفصاليين هنا و هنا’ لو حدث ذلك فعلاً لكان قد دخل الخرطوم فاتحاً منتصراً في ظرف اشهر قليلة بالمقارنة مع واقع الحال حينها’ و لو دخلها لكان مثل دخول الامام المهدي رحمه الله لها في يناير 1885م’ و ليحررها كما حررها الامام قبله و يدخلها على حين صحو من اهلها و ليس علي حين غرة و ليجوس خلال الديار و يُتبر ما أراد تتبيرا.
نفتقدك ايها الرفيق الراحل و قد نامت نواطير السودان عن ثعالبه و قد بشمٌن و ما تفني العناقيدُ’ و جاءنا قادة (نص كم) و يقتقدون لكل شئ من كاريزما و سيطرة و قيادة و ملكات شخصية و قدرة على الاقناع و التأثير على الغير.
جاءنا يا قرنق رجال و نساء واهنون’ مترددون’ ضعفاء يائسون و عاجزين ليقودوا ثورتنا المجيدة’ جاؤنا رجالاً و بالطائرات و من كل فج عميق لينتاشو فُتات السلطة و (فضلة الكيزان) و يتوشحوا بمسوح رهبان التغيير و راهبات الخطيئة’ و نُسوُا و تناسوا ان الشعب لا ينسى و الخطئية لا تغتفر و كما أن الديان لا يموت!!
لقد انجبت قارة افريقيا الصامدة (مانديلا) و 0نكروما) و (كيجامي) و كما وهبت السمراء ( لوممبا) و (نايريري) و غيرهم من القادة الافذاذ’ و منحنا وطننا ( قرنق) بحضوره الطاغي و فكره المتقد ’ ليقود بلادنا نحو النور بعد سنوات الضياع ’ و ليتحدث باسم اولئك الذين لا يمكننهم الحديث عن انفسهم و ليحمل راية المسحوقيين و الممحوقين و يهتف لذلك الانسان المهمش و في الاطراف و الذي استبدل مستعمراً ابيض و لكن بمستعمر اسمر و سيداً بسيد في بلاد العبيد و السادة:
و لو كان ما بي من حبيب مقنع عذرتُ و لكن من حبيب معمم
رمى و أتقى رميٌ و من دون ما اتقى هوىً كاسرُ كفي و قوسي و اسهمي
لقد احب قرنق امدرمان و عشق كسلا و هام وجداً بنيالا و فاض حبا للدويم و اراد المبيت في حلفا و شرب الشاي في المتمة ’ كوطن واحد متحد جديد’ دون تهميش ام اقصاء و بالحرية و للديمقراطية للسودان الجديد,.
و جاءنا بعدك قومُ اضاعوا الثورة و اتبعوا المُحاصصات فسوف يلقون الرفض و الثورة الاخرى القادمة في مسيرتنا العظيمة التي لن تبقي و لن تذر’ بينما تمضي انت طوداً شامخاً و نجماً لامعا تاتم به الهداةُ ’ بعيداً في بهاء عتمتك’ فواااا اسفي عليك يا قرنق!!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى