السلام بطرف الأصابع

أوتاد
أحمد الفكي
من المُسلَّمات التي إعتاد عليها الإنسان السوي إفشاء السلام و هو يدل على تواضع المسلم ومحبته لغيره، وينبئ عن نزاهة قلبه من الحسد والحقد والبغض والكبر والاحتقار، وهو من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، كما جاء في حديث حق المسلم على أخيه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَّ الله عنه ، قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم : حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
من العادات الكريمة التي يتميز بها الإنسان السوداني إفشاء السلام و يزيد عليه بالمصافحة من واقع ما رواه الطبراني عن أنس رضي الله عنه قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا . وقال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني .
محور هذه المادة عن أنواع و كيفية المصافحة لدى الإنسان السوداني وهي متعددة حسب بشاشة و رحابة صدر المُسَلِمْ فنجد من يصافح اليد باليد فقط قد يكون (سلام ميت يمسك اليد و يفكها بسرعة) أو ( سلام حار أي تهتز فيه الأيادي هزاً شديداً و يتبادلان عبارات السلام و الإضمئنان كلٌ على الآخر )
نجد أيضاً السلام بالتربيت على الكتف ثم المصافحة .
و نوع آخر السلام بالأحضان وفيه تظهر علامات المحبة و الشوق و الإلفة ، و السلام بالأحضان هناك من ينفعل شوقاً و تحناناً فيقوم بضرب الآخر على ظهره ضرباً مبرحاً لا إرادي وهو ما يعرف باللهجة العامية ( رِصّيع ) و قد يكون الرِصّيع متبادل بين الإثنين .
و كذلك من أنواع السلام ما يُعرف بالقلدة وهذه عند الحبوبات و الأمهات و الأخوات وقد تكون مصحوبة بشمة و بكاء نتيجة فترة الغياب الطويل و للمَعَزَّة و التقدير . و هناك من إعتاد في حالة يكون السلام بالأحضان أن يجر الآخر من رقبته نتيجة البشاشة و الود بينهما .
أما اسوأ انواع المصافحة أن يمد المرء يده للآخر فيمد الآخر أطراف أصابعه .
لم تخلْ الأغنية السودانية من ذكر السلام أيَّاً كان في القدوم أو الوداع فنجد على سبيل المثال لا الحصر أغنية الفنان مجذوب أونسة الذي يقول فيها :
دا ما سلامك ما سلامك
ولا الكلام الكان زمان هسي كلامك
برضو يعني نويت تسيبنا إنت برضو ياحبيبنا
في الخريف تحرم غمامك
و للبلابل : نحيك مابتحينا
نرضيك مره ارضينا
احكم فينا بي الدايرو
دا ريدك وانقسم لينا .
و تظل رائعة ود الرضى شامخة وهي تفصح عن أهمية السلام وموقعها في الإسلام من حيث إفشاء السلام سُنة و رده فرض و ما أجمل الإستماع لها بصوت الراحل مبارك حسن بركات وفيها يقول :
احرموني ولا تحرموني
سُنة الاسلام السلام
عطفكم يا من ألَّموني
كالاشعة الأسهم رموني
الشجون بالليل نادموني
الأنين والنوح علموني .
أما من يرفض مبادلة السلام و المصافحة فعليه أن يراجع حساباته و سلوكه و مدى تصالحه مع نفسه .
* آخر الأوتاد :
في أهمية إفشاء السلام عن أبي هريرة رضيَْ الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تدخلون الجنةَ حتى تُؤمنوا، ولا تُؤمنوا حتى تحابّوا، ألا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتُموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم .