منوعات

الفاتح حمدتو:- لبلاد شنقيطٍ شددت رحالي..أغالبُ الشوق في حِلّي وترحالي

كلمة الأمين العام للاتحاد القومي للأدباء والكتاب السودانيين الشاعر الفاتح حمدتو في الحفل الرسمي لافتتاح مهرجان الأدب الموريتاني في نواكشوط 28 ديسمبر 2018


معالي وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة

الأستاذ سيدي محمد ولد محمْ

السادة الوزراء

السيد الوالي

السيدة رئيسة المجلس الجهوي لمدينة نواكشوط

أصحاب السعادة السفراء

السيد رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين

الإخوة رؤساء الاتحادات والهيئات الثقافية والأدبية العربية

أحبتي وإخواني في بلاد المليون شاعر موريتانيا العزيزة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

كم أنا سعيد جداً بينكم الاَن في بلاد شنقيط وأنا أمثل أدباء السودان في مهرجان الأدب الموريتاني الثاني عشر في هذه الدورة المتميزة التي تحمل إسم شاعر كبير مثّل صوت العروبة والاصالة وصدى النخيل هو الراحل الكبير محمد كابر هاشم رحمه الله الذي ما زالت كلماته تسكن في خاطرى وأنا أغادر الخرطوم شوقاً إلى عاصمة الشعر والشعراء عندما قال :

شنقيط مجد توالى عبَر القرون وطالا

والشعر ينبت فيها بداهة وارتجالا

كانت لروض القوافي مثابة ومجالا

وإن فيها لشعراً عذباً وسحراً حلالا

لقد كانت موريتانيا ولا تزال جسر التواصل الثقافي والتاريخي العميق كبوابة مفتوحة في هذا الجزء من القارة الإفريقية مع العالم العربي وخصوصا بلدي السودان الذي شكل منذ قوافل الحج الشنقيطية الأولى محطة هامة لاستجلاء ذلك الألق الشنقيطي الدفّاق على ضفاف النيل وما أثمره من وشائح قربى وصلات رحم داخل المجتمع السوداني الذي تكوّن في نسيجه الاجتماعي آنذاك وحتى اليوم خيط أسري وعائلي شنقيطي، أمة بعضها من بعض وعلامة مضيئة على تقارب الشعوب رغم المسافات وبعد الديار.

ولا أستطيع هنا أن أسهب في الحديث عن أعلام السودان من أصل شنقيطي في مختلف المجالات العلمية والسياسية. ولعل من أبرزهم المرحوم محمد صالح الشنقيطي الذي كان عضواً في مجلس السيادة الأول بعد الاستقلال ( والذي يمثل رأس الدولة والمكوّن من خمسة أعضاء ) حيث كان رحمه الله رئيس أول جمعية تشريعية قبل استقلال السودان ، وشخصيات أخرى عديدة لها ذكر وبرهان على هذه العلاقات القديمة بين الشعبين الشقيقين.

إنني باسم الاتحاد القومي للأدباء والكتاب السودانيين أحيي موريتانيا العزيزة بلد الشعر والأدب والعلماء وهي تنعم بالأمن والرخاء والنهضة الملموسة في جميع المجالات في عهد فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز . هذا الزعيم العربي والإفريقي البارز الذي شكّل حلقة أخرى مضيئة في استمرار رسالة الشناقطة في نشر قيم المحبة والسلام والحفاظ على رسالة الإسلام السمحة، القائمة على الوسطية والاعتدال ومحاربة التطرف والارهاب. وكم هو جميل جداً أن تكون موريتانيا دائماً نموذجاً يحتذى به في الاستقرار والأمان وحرية التعبير في العالم العربي ورعاية الثقافة والإبداع والمعرفة. تلك القوة الناعمة والحقيقية اليوم في زمن العولمة وصراع الحضارات بين الشرق والغرب .

إن صورة موريتانيا تتجلى لنا أكثر نصاعة وبهاء اليوم في مهرجان الأدب الموريتاني الثاني عشر المنظم تحت شعار “الثقافة والأدب دبلوماسية ناعمة” تأكيداً لدور موريتانيا الثقافي والديلوماسي معاً في التقارب بين الشعوب وفض النزاعات والخلافات بين العرب والأفارقة في كل زمان ومكان بين الأمس واليوم.

عندما قدمت جوازي في مطار أم التونسي الدولي إلى الموظف المسؤول ورحب بي بشكل كبير كضيف من السودان، كانت نبضات قلبي وحبي لموريتانيا وشنقيط هي جوازي الحقيقي للعبور إليكم فوق العادة وكامل السلطة. وهل يوجد سوداني أو عربي أو مسلم لا يحب موريتانيا منارة العلم والعلماء ومشكاة الأدب والشعراء.

معالي وزير الثقافة

أنتم منا ونحن منكم

(موريتاني سوداني وسوداني موريتاني) كم نطرب لهذه الأغنية الشعبية هنا.

لقد كتبت قصيدة مهداة إلى موريتانيا بمناسبة زيارتي الأولى هذه إلى أرض الرجال. إسمحوا لي – السيد الوزير – بقراءة هذه الأبيات منها فنحن في مقام الحب والتعلّق بمهد المرابطين. والقصيدة بعنوان :

تحية إلى بلاد المليون شاعر

لبلاد شنقيطٍ شددت رحالي ..

أغالبُ الشوق في حِلّي وترحالي ..

وهل شنقيطُ إلا نجمةٌ سمقت

تُهدي الضياء لجيل بعد أجيالِ ..

يا أرض أحفاد الكرام تحية

من مقرن النيلين .. ذاك الغالي ..

لبلادكم قد جئت استبق الخطى

لأعانق المليون بالإجلالِ ..

معالي وزير الثقافة

أيها الشناقطة الأباة

لقد علمتمونا في السودان كيف تصبح الألواح وهج الأرواح وكيف تنتشي أوراد الصوفية تراتيل حب وسلام في الصباح وفي المساء ، أما البلاغة والفصاحة فجذيذها المحكّك كل فتى شنقيطي شبّ على الإعراب صافي الرُضاب من أفاويق العربية تحت هذه الخيام الموريتانية الأصيلة وكيف يرقى إلى سُلَّمِكم فيها أحد من العالمين والطفل يفطم فيكم قس ابن ساعدة، منقّحاً دررها أصدافها ذهب. ومنكم سدنة الضاد واساطين القاموس المحيط ولسان العرب مثل الشيخ الشنقيطي محمد محمود ولد اتلاميد الذي ذكره عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه الأيام ، و العلامة المقصود في كل فن موجود محمد سالم ولد عدّود رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.

وإذا كنت قد جئت شاعراً من بلدي السودان فما ذلك إلا لأتبتّل من جديد في محراب القصيدة الموريتانية زهواً وإشراقاً في ربيعها الثاني عشر . وإن كان الصمت أحيانا أولى أمام دهشة الحرف الجميل في نواكشوط وشعرائها المبدعين الكبار والصمت في حرم الجمال جمال كما قال نزار قباني.

لكن إسمحوا لي يا معالي الوزير ان أشكركم على هذه الفرصة السانحة فهذه أول مرة أزور فيها بلاد المليون شاعر وأنا السوداني المتصوّف بهوى شنقيط وسيما الشناقطة في شوارع الخرطوم وأم درمان قبل أطياف الأهل في نواكشوط وولاتة ووادان.

أجدد الشكر مرة أخرى لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين فقد فعل ما لم تفعله اتحادات الكتاب العرب الأخرى بهذا المهرجان الجامع للشعراء العرب من المشرق إلى المغرب. واسمحوا لي أن أوجه شكراً خاصاً إلى صديقي العزيز الشاعر وسفير موريتانيا المتجول في كل المحافل الثقافية سيدي ولد الأمجاد . وإذا كان لي من طلب فإني أوصيكم به خيراً . فبمثل هؤلاء المثقفين الغيورين على أوطانهم تطوى المسافات وتلتقي الثقافات.

عاشت موريتانيا والسودان في كنف الخير والأمان.

عاشت الأمة العربية والإسلامية.

وعاش الشعراء .. عاش الشعراء .. عاش الشعراء ..

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى