سماح أبوبكر تكتب : سبتينا من بعدك حياري.. ياالسمحه زي جو النسايم

بقلم/سماح أبوبكر الأمين
“صباح الخير.. أصبحتِ كيف.. شربتِ الشاي.. أكلي يا بت.. نادي أخوانك للفطور.. تعالي يا حلوة.. ارقدي هنا ما تشتغلي وتتعبي.. شيلي وختي الليلة تعبتك معاي ربنا ينور طريقك يا حلوة..يا بتي”
أين السبيلُ إليكِ يا أمي؟
أين تلك الليالي الطِوال المُشبعة بالحِن، من سيخبرني بأن أنام معه وأتشارك الطعام معه ويؤنسني بالحديث والضحكات، من سيسألني إن تعبت من سيدعو لي إن ضاقت بي الدنيا وساء بي الحال؟ قد ضاقت الدنيا وساء الحالُ يا أُمي فمن سيدعو لي؟
طيبةٌ في الأرض، طاهرةٌ قلباً وقالباً، تحنو على الجميع بلا استثناء، رغم أنني كنتُ أراها تحبني بطريقةٍ خاصة، إلا أنني وجدتُ أنها طريقتُها في الحب لكنني لم أكن معتادةً على هذا الحب من سواها، حينما تحب فهي تمنحُ وتمنحُ وتمنحُ حتى ينفد ما تملك حتى وإن لم تملك مالاً أو طعاماً فهي تمنحُ عذب الحديث فهي كما اعتادها الكُل طيبةُ الحديث حسنة المعشر كريمةُ الطبع والأصل، عزيزةٌ على كل من صادف مبسمها أو جاورها.
حمداً لله على هذه السنين القِلة التي عشتها معك وفي كنفك، فإني أُشفق على إخوتي وأبناء عمومتي الصغار الذين لم يعيشوا معكِ ما عشناه ولن يذكروكِ كما نفعل، وفي ذات الوقت فإني أحسد كل من أمضى معكِ دقيقةً أكثر مني.
سبتينا من بعدك حيارى
وسبتي الحنين في قلوبنا عايم
إنتِ يا حلوة ديارنا
يا السمحة زي جو النسايم
يا المالية سنيننا فرحة
وشايلة همومنا دُفعة
وساكنة قلوبنا خِلسة
كل المدن بلاكِ فاضية
وبدون وجودك دنيتنا ضُلمة
كل الليالي بلاك طويلة
والسُكنة في ديارك مغمة
ما أصلو داراً ما فيها إنتِ
لا فيها خير لا فيها محنة
يا الله من عندك صبر
فراقها ما لقيت ليه صبر
في رحيلكِ رأيتُ الكثير، رأيت صغاراً يبكون بحرقة، رأيتُ نساءً لم أعرفهن أمسكن بي وبكَين ما استطعن، ففراقكِ مؤلم على الصغير والكبير، القريب والبعيد، نساءً أُخر يذكرنك بطيب يحمدن الله أن أراحكِ من المرض وأخذ بروحك في يوم عظيم ووقت عظيم، وأشخاصٌ قطعوا المسافات الطِوال لحضور مراسم الدفن، فوالله إنه لفقدٌ عظيم وحزنٌ عظيم لكننا لا نسأل الله إلا الصبر.
حمداً لله على سيرتكِ الطيبة وروحكِ الطيبة، حمداً لله على ما أصابنا من حزن وفزع سائلين الله أن يلهمنا جميعاً الصبر والسلوان وينزل عليها رحمةً من عنده.
اللهم ارحم حفصة المهدي واغفر لها وأنر قبرها كما أنارت حياتنا اللهم أمِّن قبرها كما أمَّنتَ دارها، اللهم طيِّب قبرها كما طيَّبت سيرتها، اللهم أكرمها برحمتك وغفرانك واجعل في قبرها روضة من رياض الجنة.